الوكالة الدولية للطاقة لأوروبا: لا مفر من التقشف في الطاقة

حذرت الوكالة الدولية للطاقة الاتحاد الأوروبي من أن عدم الاقتصاد في استهلاك الغاز لن يجنب دول التكتل نفاد الوقود من منشآت التخزين وانقطاع الإمدادات خلال فصل الشتاء.

وجاء في تقرير سوق الغاز الذي عرضته الوكالة الاثنين في باريس أنه “من أجل الحفاظ على احتياطي الغاز عند مستوى ملائم حتى نهاية موسم التدفئة، يجب تقليص الطلب بنسبة تتراوح بين 9 و13 في المئة مقارنة بالمتوسط خلال الأعوام الخمسة الماضية”.

وأوضح خبراء الوكالة في تقريرهم أنه “في ظل التدفق المنخفض للغاز الطبيعي المسال، سوف يضمن ذلك بقاء مخزون الغاز عند مستوى يتراوح بين 25 و30 في المئة”.

وقد وافق أعضاء الاتحاد الأوروبي الجمعة الماضية على فرض خفض في استهلاك الكهرباء بنسبة خمسة في المئة على الأقل خلال ساعات الذروة السعرية.

ولا يزال هناك القليل من الغاز الروسي يصل من خلال خطوط الأنابيب عبر أوكرانيا إلى سلوفاكيا وعبر البحر الأسود وتركيا إلى بلغاريا. وقد تم إغلاق طريقين آخرين، تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا وعبر بيلاروسيا وبولندا.

ودون خفض استهلاك الغاز، وفي حال التوقف التام لإمدادات الغاز الروسي ابتداء من نوفمبر المقبل، فإن مستويات التخزين قد تتراجع إلى أقل من 5 في المئة إذا تم في نفس الوقت شحن كمية قليلة من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي.

وهذا من شأنه أن يزيد خطورة حدوث انقطاع في الإمدادات إذا حدثت موجة برد لفترة قصيرة.

ووفقا لتحليل الوكالة، وفي ظل ارتفاع التدفق المكثّف للغاز الطبيعي المسال، سيبقى مستوى التخزين أقل من عشرين في المئة في فبراير المقبل، وذلك في حال وجود مستوى عالٍ من الإمدادات بالغاز السائل.

ولتفادي هذا السيناريو رأت الوكالة الدولية أن على أوروبا اتخاذ إجراءات اقتصاد “حاسمة” من أجل “الحفاظ على المخزونات عند مستويات تكفي حتى نهاية موسم الحاجة إلى التدفئة”.

وقال كيسوكي ساداموري، مدير أسواق وأمن الطاقة بالوكالة، “الغزو الروسي لأوكرانيا والانخفاض الحاد في إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا يتسببان في ضرر كبير للمستهلكين والنشاط التجاري والاقتصاديات بأكملها، ليس فقط في أوروبا وإنما أيضا في الاقتصاديات الناشئة والنامية”.

وأضاف “مستقبل أسواق الغاز مازال غامضا، ليس فقط بسبب سلوك روسيا الطائش وغير المتوقع، الذي أضر بسمعتها كمورد يعتمد عليه، وإنما كذلك بسبب جميع الدلالات التي تشير إلى أن الأسواق سوف تبقى متعثرة حتى عام 2023”.

ومن المتوقع أن ينخفض الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي بنسبة 0.8 في المئة خلال هذا العام، حيث ستسجل أوروبا تراجعا قياسيا بنسبة 10 في المئة، في حين لن يتغير الطلب في منطقة آسيا – المحيط الهادي.

ويرجح خبراء الوكالة ارتفاع استهلاك الغاز في العام المقبل بنسبة 0.4 في المئة، ولكن التوقعات المستقبلية يكتنفها الغموض بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بأفعال روسيا في المستقبل والتأثير الاقتصادي للارتفاع المستمر في أسعار الطاقة.

وأشاروا كذلك إلى أن أزمة الغاز الحالية تحدث وضعا غامضا على المدى الطويل، خاصة في الدول النامية حيث من المتوقع أن يرتفع استهلاك الغاز الطبيعي على المدى المتوسط على الأقل كبديل عن الفحم.

وبالإضافة إلى ذلك تتعرض التجارة الدولية في الغاز الطبيعي المسال لضغط قوي على المدى القصير إلى المتوسط بسبب الارتفاع الحاد في الواردات الأوروبية.

وأدى ازدياد الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ارتفاع الأسعار وقلّص العرض إلى الحد الذي لا تستطيع الدول الأفقر في آسيا تحمّله.

وتشهد بنغلاديش انقطاعا واسعا للتيار الكهربائي، بينما تواجه باكستان انقطاعا مستمرا في إمدادات الكهرباء، كما قامت بتخفيض ساعات العمل للمتاجر والمصانع لتوفير الكهرباء.

وقالت الوكالة إن “المنافسة بين الأقاليم في شراء الغاز الطبيعي المسال قد تخلق المزيد من التوتر، لأن الاحتياجات الأوروبية الإضافية ستسبب لمشترين آخرين المزيد من الضغط، خاصة في آسيا”.

وأضافت أنه “على العكس من ذلك، فإن فترات البرد في شمال شرق آسيا يمكن أن تحد من وصول أوروبا إلى الغاز الطبيعي المسال”.

كما حرمت أزمة الغاز في أوروبا الدول الآسيوية من العدد المحدود لمحطات إعادة تحويل الغاز إلى غاز عائم ، والتي كان من المتوقع أن تلعب دورا رئيسيا في واردات الغاز الطبيعي المسال في جنوب شرق آسيا.

وحتى الآن قامت الدول الأوروبية بتوفير قرابة 12 سفينة لشحن الغاز الطبيعي المسال، وهي تخطط لتأمين تسع سفن أخرى لزيادة الإمدادات.

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةصندوق النقد: 141 مليون شخص في العالم العربي معرضون لانعدام الأمن الغذائي
المقالة القادمةخريطة عمل المصارف.. واستئناف الاقتحامات يجدد الإقفال