ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن اليوان الصيني يقترب من تحقيق أفضل أداء ربع سنوي أمام الدولار الأميركي في 12 عاما، مدعوما بالتفاؤل حيال الأداء القوي للاقتصاد الصيني ومعدلات الفائدة المرتفعة نسبيا.
وأوضحت الصحيفة الاثنين أن قيمة اليوان تضاعفت أمام العملة الأميركية بنسبة 3.7 في المائة منذ بداية شهر يوليو (تموز) الماضي حتى ختام تعاملات يوم الجمعة الماضي، مما يضع العملة الصينية على الطريق صوب تسجيل أفضل أداء ربع سنوي أمام نظيرتها الأميركية منذ عام 2008.
ونقلت الصحيفة عن رئيس مجموعة «ثورن برغ» الاستثمارية جيسون برادي قوله إن «المرونة التي يتحلى بها الاقتصاد الصيني باعتباره أول الاقتصادات العالمية التي تضررت من تبعات جائحة فيروس (كورونا)؛ لكنها سرعان ما استعادت تعافيها، ساهمت في تدعيم قوة اليوان أمام الدولار».
وأشارت الصحيفة من جانبها، إلى أن البيانات تظهر تفوقا صينيا على صعيد الصادرات، حيث سجلت نموا أفضل من المتوقع خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، كما أن زيادة الإقبال الأميركي على السلع الصينية يدعم نمو الطلب على العملة الصينية.
وأضافت أن شهر سبتمبر (أيلول) الجاري شهد تسجيل اليوان مستوى 6.8 أمام الدولار، وهو أعلى مستوى له منذ شهر مايو (أيار) من عام 2019 ويقترب من تسجيل مستوى 6.82 دولار خلال التعاملات الأخيرة.
ويتوقع الخبير الاقتصادي جيسون برادي أن يستمر ضعف الدولار في التعاملات الخارجية في ظل مساعي الولايات المتحدة لإعادة إنعاش اقتصادها عبر انتهاج سياسات نقدية تحفيزية، والإبقاء على معدلات الفائدة عند مستويات منخفضة قياسية.
وأضاف أن بنك الشعب الصيني «المركزي الصيني» كان أكثر حذرا من نظرائه في مسألة خفض سعر الفائدة ولم يطبق أي خفض في معدلات الفائدة الرئيسية منذ شهر مايو الماضي، وهو ما ساهم في اتساع الفجوة بين العائدات التي تقدمها السندات الصينية مقارنة بغيرها من الاقتصادات العالمية الأخرى.
وهو ما أكده جيم فينيو، رئيس دائرة الشؤون الآسيوية لدى مجموعة «إيه إكس إيه» الاستثمارية، مشيرا إلى أنه أصبح في إمكان المستثمرين الذين يحتفظون بسندات مقومة باليوان في المحافظ العالمية، الاستفادة من الفجوة الواسعة في العوائد الاسمية، إلى جانب مكاسب في فروق أسعار الصرف، في حين أن إقبالهم على شراء العملة الصينية يساعد في مزيد من دعمها أمام الدولار.
وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أنه منذ عام 2018، عانى اليوان الصيني من تبعات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، حتى تم التوصل إلى اتفاق جزئي بداية العام الجاري؛ لكنه سرعان ما تلقى ضربة قاسمة من تبعات انتشار جائحة «كورونا» وانكماش الاقتصاد الصيني، قبل أن يبدأ استعادة قوته خلال أواخر شهر مايو الماضي.
وأضافت أنه رغم المعطيات السابقة، جاءت خسائر اليوان أقل كثيرا عن غيره من العملات الأخرى مثل الدولار الأسترالي أو الجنيه الإسترليني، حيث أحكمت دوائر صنع القرار في بكين قبضتها جيدا على سوق العملة المحلية عبر ضوابط رأس المال، والتدخل عن طريق البنوك المملوكة للدولة، ومن خلال النطاق اليومي الضيق الذي تحدده للتداول الداخلي.
وقال البنك المركزي الصيني الاثنين إنه سيحافظ على وفرة السيولة على نحو معقول ويوجه تكاليف التمويل نحو الانخفاض. وأضاف بنك الشعب الصيني في بيان عقب اجتماع لجنته المعنية بالسياسة النقدية أنه سيجعل هذه السياسة أكثر مرونة واستهدافا، وتابع قائلا إنه سيحافظ على سعر صرف اليوان مستقرا بشكل أساسي.
ومن جهة أخرى، يلتقي كبار قادة الصين في الفترة من 26 إلى 29 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لصياغة سياسات اقتصادية واجتماعية للسنوات الخمس المقبلة، حيث يعطي رئيس البلاد شي جينبينغ الأولوية للاستهلاك المحلي والابتكار لمواجهة تهديد قطع العلاقات مع الولايات المتحدة.
وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن المكتب السياسي للحزب الشيوعي حدد الاثنين موعد اجتماع اللجنة المركزية للحزب، دون الخوض في التفاصيل. وكانت شينخوا قد ذكرت في يوليو الماضي أن الحزب الحاكم يعتزم مناقشة مقترحات خطة التنمية في البلاد للفترة من عام 2021 إلى 2025، فضلا عن وضع مخطط طويل الأجل يمتد حتى عام 2035.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى أن الخطة الخمسية تغطي كل شيء تقريبا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للصين، من أهداف النمو ومكافحة التلوث إلى التعليم والدفاع الوطني. وسوف تحتاج الوثيقة، التي تجري صياغتها في الوقت الذي تعمل فيه حكومة شي على عرقلة جهود الولايات المتحدة لاحتواء الصين، للموافقة النهائية عليها من البرلمان الصيني العام المقبل.
ووفقا لبلومبرغ، جدد قرار تحديد الخطط لفترة تتجاوز الدورة المعتادة للحزب ومدتها خمس سنوات التكهنات بأن شي يرغب في البقاء في السلطة. وضغط شي من خلال إجراء تعديل دستوري في عام 2018 لإزالة حدود عدد الفترات الرئاسية التي كانت سوف تلزمه بالتخلي عن الرئاسة في عام 2023.