انطلق أول أمس المؤتمر العربي للتشريع الضريبي، الذى تنظمه الجمعية العلمية للتشريع الضريبي، بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية بجامعة الدول العربية بعنوان: «إصلاح النظام الضريبي في ظل متطلبات السياسة المالية والنقدية وأهداف التنمية الشاملة»، في القاهرة، مؤكدا أهمية النظام الضريبي باعتباره مكونا رئيسيا في السياسة المالية للدولة، التي تُشكل مع السياسة النقدية جناحي السياسة الاقتصادية للدولة.
وقال وزير المالية المصري محمد معيط، إن الإصلاح الضريبي، عملية دائمة تقوم على أسس ثابتة لعل أهمها: تبسيط القانون الضريبي لتحسين الالتزام الطوعي للممولين، وتخفيف العبء الضريبي وتوزيعه على أكبر قاعدة من المجتمع الضريبي، واستقرار الأسعار الضريبية وعدم المساس بالإعفاءات والحوافز الضريبية الممنوحة للمستثمرين حتى لا يؤثر ذلك على مناخ الاستثمار، وتكامل التشريعات الضريبية والتشريعات الأخرى ذات الصلة كقانون الاستثمار وقانون التجارة وقوانين العمل والتأمينات الاجتماعية، وتطبيق الالتزامات الضريبية الدولية من خلال الاتفاقيات المبرمة مع مصر، بما يُحقق المصلحة الوطنية ويضمن الاستفادة بأقصى منفعة ممكنة.
أضاف معيط في بيان صحفي أمس، أن مصر تمضي في طريق الإصلاح الضريبي، بخطى ثابتة شملت ضرائب الدخل، والضريبة العقارية، والضريبة الجمركية والضريبة على المبيعات التي أصبحت منذ عام 2016 ضريبة على القيمة المضافة. وأشار إلى أن قانون ضريبة الدخل رقم 91 لسنة 2005 كان معبرًا عن سياسة ضريبية جديدة أشادت بها المنظمات العالمية ومجتمع الأعمال الضريبي، حين أخذ بفكرة تخفيض السعر الضريبي وتوسيع الوعاء، ولكن نتيجة لمتغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية خلال السنوات السابقة، تعرض هذا القانون لكثير من التعديلات، لذلك تتجه الوزارة لإجراء مراجعة شاملة لهذا القانون بحيث يصدر قانون جديد يتوافق مع الظروف الحالية، خاصة بعد صدور قانون الإجراءات الضريبية الموحد الذى أدى لإلغاء عدد كبير من نصوص قانون ضريبة الدخل، وقانون الضريبة على القيمة المضافة، وضريبة الدمغة، ورسم تنمية الموارد المالية للدولة.
وأضاف أن الوزارة أولت اهتمامًا كبيرًا باستخدام التكنولوجيا الحديثة عن طريق الاستعانة بالشركات العالمية الكبرى الخبيرة في مجال تكنولوجيا الضرائب، للاستفادة من التطور الرقمي في تحديث وميكنة منظومة الإدارة الضريبية بما في ذلك تقديم الإقرارات الضريبية، والفحص التحليلي لها واكتشاف الأخطاء على ضوء درجات المخاطر للحد من التهرب الضريبي، والعمل على التوسع في تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية.
وأوضح أن الحكومة حريصة على تيسير تحصيل الضريبة من خلال التقدم بمشاريع قوانين، أقرها مجلس النواب، لإنهاء المنازعات إداريًا بدلاً من اللجوء إلى القضاء، والسماح بالتجاوز عن مقابل التأخير والضريبة الإضافية بنسب مختلفة لمن يبادر بسداد رصيد الضرائب المستحقة أو واجبة الأداء عليه في المواعيد المقررة قانونًا. وأضاف أن الوزارة اهتمت بإصلاح الإدارة الضريبية من خلال التدريب المستمر للعنصر البشري، والإعلان عن 2000 وظيفة جديدة لأوائل خريجي الجامعات لتعزيز التنمية البشرية بمصلحة الضرائب المصرية.
وقال إن قانون الجمارك الجديد يُعد أول تشريع جمركي متكامل منذ عام 1963؛ يُسهم في تحقيق متطلبات تيسير التجارة الدولية على ضوء الممارسات العالمية، مع إحكام ضبط المنظومة الجمركية والحد من التهرب الجمركي.
من جانبه، قال رابح رتيب نائب رئيس الجمعية العلمية للتشريع الضريبي، إن الإصلاحات الضريبية مهمة في تعظيم الإيرادات العامة بطريقة منصفة بما يتسق مع متطلبات السياسات المالية والنقدية لتحقيق التنمية المستدامة، والنهوض بالاقتصاد القومي، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وقال الدكتور ناصر القحطاني مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية بجامعة الدول العربية، إنه رغم تداعيات جائحة كورونا، فإننا حرصنا على استمرار أنشطتنا عن بعد من خلال التوظيف الأمثل للتقنيات الحديثة بما يسهم في خلق منصة عربية إلكترونية حول موضوعات التنمية الإدارية، موضحًا أن هذا المؤتمر يركز على العلاقة التبادلية بين الإصلاحات الضريبية، والسياسات المالية والنقدية وأثرها على تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة والإيرادات اللازمة للإنفاق عليها، بما يساعد في تخفيض البطالة والتضخم على النحو الذى يضمن تحفيز الاقتصاد.
وأشار إلى أهمية الارتقاء بالموارد البشرية جنبًا إلى جنب مع التطوير التشريعي لتحقيق الإصلاح الضريبي، مبديًا استعداده للتعاون مع وزارة المالية في تلبية الاحتياجات التدريبية للقيادات خاصة في ظل التحول الرقمي.