لازال حديث الموازنة التقشفية يطغى على الصالونات الرسمية والسياسية، وسط غموض يلف نوعية التخفيضات وحجمها التي أدخلها وزير المال علي حسن خليل على الموازنة، والتي تعددت توصيفاتها بين صعبة وقاسية ومؤلمة… ولكن الثابت أن التخفيضات ستبلغ نسبة 9 او 9 ونصف في المائة، فيما باشر رئيس الحكومة سعد الحريري لقاءاته مع ممثلي القوى السياسية من أجل تأمين أكبر غطاء سياسي ممكن للتخفيضات، لا سيما تلك التي يمكن أن تطال الرواتب وتعويضات التقاعد والتقديمات التي يحصل عليها الموظفون، وخصوصاً بعد تصريح رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الذي قال قبل يومين: “إما خفض الرواتب وإما ولا ليرة”. فيما ترفض أغلبية القوى السياسية المس بالرواتب والتقديمات للطبقات المتوسطة والفقيرة وتدعو إلى البحث عن تخفيضات في مكامن الهدر الكثيرة.
كما يترقب الوسط السياسي ما يمكن ان يصدرعن الاجتماع المالي الذي سيعقد في القصر الجمهوري بين رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري ووزيري المالية والاقتصاد علي حسن خليل ومنصور بطيش ورئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي لم يتحدد موعده. علما أن مصادر القصر الجمهوري توضح أن الاجتماع لا علاقة مباشرة له بموضوع الموازنة والتقشف المطلوب، بل هو اجتماع مالي دوري للاطلاع على الاوضاع المالية والنقدية للبلاد واتخاذ الاجراءات الواجبة لحفظ الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي.
وفي هذا الصدد قال عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب أنور الخليل لموقع ليبانون فايلز: إننا في الكتلة لم نعرف بدقة وبالتفصيل حتى الان ما هي طبيعة التخفيضات التي ادخلها وزير المال على الموازنة، لكن الظاهر أن التخفيض سيطال كل النواحي وكل ما يمكن ان يخطر في البال تقريبا، المهم ان المشكلة الكبيرة التي واجهها وزير المال هي أن الارقام التي قدمها الوزراء الجدد لوزاراتهم بلغت حداً كبيراً بحيث وصل العجز في الموازنة الى نحو 13 في المائة، واذا وافق الوزير على صرفها، فهذا يعني أن صرخة الناس ستعلو ضدنا وضد هذا الحجم من الإنفاق”.
واضاف الخليل:” الوزير يعمل على تخفيض هذه الارقام إلى حدود تسعة في المائة وأقل، وهذا معناه انه “سيضرب ضربات كبيرة”، وقد سمعنا الرئيس سعد الحريري يقول إننا سنتخذ إجراءات صعبة وأن الوضع لا يحتمل وإلا ذهبنا الى وضع اليونان إذا لم يحصل التقشف”.
وحول ما يتردد عن أن التخفيض سيطال رواتب موظفي الدولة ومعاشات التقاعد؟ قال النائب الخليل:” لا علم لنا تفصيليا بذلك، لكن معالجة مشكلة كبيرة كهذه لا تتم إلا بالدخول الى كل الامور المترابطة بأساس نفقات الدولة. والكل يعلم ان ثلث الموازنة تقريبا يذهب للدين العام، ونحو 20 او 22 في المائة من الموازنة يذهب للكهرباء، والثلث يذهب للرواتب والاجور، فإذا لم نعالج هذه المسائل لا نصل إلى تخفيضات كبيرة في الموازنة، فكل النفقات الاخرى لا تؤثر كثيراً مثل نفقات السفر البالغة 23 مليار ليرة”.
وتابع: “الاهم من هذا كله وقف السرقة والفساد والعمليات التي تضرب الدولة بشفط أموالها، واذا تمت معالجة هذا “الشفط” لا يعود هناك لزوم لا للمس بالرواتب والاجور ولا بالتقاعد اوسواهما.”
وأكد الخليل أنه “مع عدم المس بالرواتب وبتقاعد الموظفين، لكن التوظيفات الجديدة التي حصلت ادت ايضا الى كوارث في المالية”.