في آب الماضي شكّل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لجنة لدراسة تعديلات على قانون النقد والتسليف، وضمّت: الوزير السابق إبراهيم نجار، الوزير السابق شكيب قرطباوي، المحامي نصري دياب، المسؤول في بنك عودة حسن صالح، الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان عبد الحفيظ منصور، والنائب السابق لحاكم مصرف لبنان غسان عياش.
ففي ظل الأزمة المالية والنقدية غير المسبوقة التي يعيشها لبنان منذ أكثر من أربع سنوات برز السّؤال عن دور “قانون النّقد والتسليف” الذي تجاوز عمره الستّين، وبات من الضروري اجراء تعديلات عليه بحيث تسمح هذه التعديلات بعصرنة القانون وتأمين التوازن في مواده.
بعد أكثر من أربعة أشهر على تشكيلها أين أصبحت هذه اللجنة وما الذي حققته ومتى ستنجز عملها وما هي التحديات والعراقيل التي تواجهها.
مصادر قريبة من اللجنة المكلفة بمراجعة قانون النقد والتسليف أفادت لجريدة الديار أن اللجنة التي بدأت مهامها قبل أربعة أشهر تقريبا من المتوقّع أن تنجز المهمّة الموكلة إليها خلال شهر من الآن. وذكرت المصادر أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي شكّل اللجنة واختار أعضاءها حثّ اللجنة على إنجاز المهمّة التي أوكلت إليها خلال الأسابيع القليلة القادمة.
وذكرت المصادر أن اللجنة توقّفت في بداية عملها أمام موقع وصلاحيات حاكم مصرف لبنان الذي يعتبر الشخصية الرئيسية في النظام المالي اللبناني. ولاحظت اللجنة أن الحاكم يرأس مصرف لبنان كما يرأس مجلسه المركزي المسؤول عن السياسات النقدية والمصرفية وفوق ذلك فهو رئيس الهيئة المصرفية العليا ورئيس هيئة التحقيق الخاصّة التي تلاحق تبييض الأموال ويتمتّع بالهيمنة على لجنة الرقابة على المصارف لكون اللجنة جزءا من مصرف لبنان.
ووفق المصادر يرى عدد من أعضاء اللجنة أن إمساك الحاكم بكل هذه المهام مجتمعة يجعل النظام المالي اللبناني مرهونا بأدائه لوظائفه، فإذا كان حاكما حكيما فهو يضمن النجاح للنظام المصرفي والمالي وإذا كان متهوّرا أو فاسدا فهو يعرّض النظام الاقتصادي كله للخطر. نتيجة ذلك، وفي ضوء التجربة المريرة التي عاشها مصرف لبنان في عهد الحاكم السابق للمصرف طرحت عدّة أفكار لحصر مهام الحاكم وتخليه عن رئاسة بعض المؤسّسات المذكورة. إلا أن الرئيس ميقاتي حسم الجدل وحال دون تقليص مهام الحاكم خشية أن يثير ذلك حساسيات طائفية لكون الحاكم ينتمي إلى الطائفة المارونية وللحؤول دون اعتبار تقليص صلاحياته مساسا بموقع أساسي للطائفة المارونية.
لذلك تقول المصادر بان اللجنة قد قررت عدم تقليص مهام الحاكم، لكن بالمقابل توجّهت نحو تعزيز الرقابة على عمل المصرف المركزي عن طريق تعزيز مفوّضية الحكومة لدى مصرف لبنان وإنشاء هيئة مستقلّة للتدقيق الداخلي. وتوافق أعضاء اللجنة على عدم جواز التجديد للحاكم ونوّابه أكثر من مرّة.
وأكّدت المصادر أن اللجنة ليست بصدد إعادة النظر بالتنظيم المصرفي في لبنان الذي يحتلّ حيّزا واسعا من قانون النقد والتسليف لأن ذلك يخرج عن نطاق مهمّـتها، وأن إعادة التنظيم هذه باتت ضرورية بعد ستين سنة من عمر القانون إلا أنها قد تكون موضع بحث آخر في المستقبل.
ومن الإصلاحات الضرورية بنظر المصادر نفسها هي فصل الرقابة على المصارف عن مصرف لبنان وإيلائها إلى هيئة مستقلة لا علاقة لمصرف لبنان بها. إلا أن هذا الفصل كما ذكرنا هو غير مطروح في الوقت الحاضر. والجدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي طرح أفكارا لإصلاح مصرف لبنان والنظام المصرفي بأسره إصلاحا شاملا، إلا أن هذا الإصلاح لا يمكن درسه وإقراره إلا بوجود رئيس للجمهورية وحكومة مستقرّة لا يقتصر دورها على تصريف الأعمال.