عملياً، انتهت جلسة أخرى للجنة الوزارية الخاصة بقطاع الكهرباء، إلى لا شيء. ففيما مخزون «مؤسسة كهرباء لبنان» آخذ بالنفاد، و«مصرف لبنان» مصمّم على عدم شراء الدولار لها، لتشتري بالتالي المحروقات اللازمة لتوليد حدٍّ أدنى من التغذية بالكهرباء، قرّر المجتمعون الهروب إلى الأمام برمي «كرة النار» على مجلس الوزراء. وكأنّ هؤلاء في اللجنة هم غير أولئك الذي سيجتمعون في «أول جلسة لمجلس الوزراء» للبحث في تأمين الاعتمادات المالية المطلوبة. ما جرى في اللجنة أساساً، يكفي وحده لتأكيد ما بات واضحاً: لم تبقَ مع الدولة دولارات تكفي حتى لتسيير المرفق العام، وهي عاجزة عن إيجاد الحلول.
لذلك، تستمر القوى السياسية في لعب اللعبة التي تتقنها جيداً: رمي المسؤوليات على بعضها وتسجيل النقاط في السياسة. فوفق مصادر مطّلعة، لم يتركّز البحث في اجتماع اللجنة الوزارية أول من أمس، على محاولة إيجاد حلولٍ لضمان استمرار تمويل «خطة الطوارئ الوطنية»، وإنما حول السجال المرتبط بعدم انتظار وزير الطاقة وليد فياض موافقة اللجنة الوزارية على نتيجة مناقصة شراء فيول وغاز أويل لمؤسسة الكهرباء. وأفادت المصادر بأن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تحدّث بـ«نبرة عالية»، مدّعياً «وجود سمسرات في صفقة بواخر الفيول والغاز أويل». ردّ فياض على هذا الادّعاء طالباً عرض الدلائل ولافتاً إلى أن «عملية الشراء جرت في مناقصة عامة بإشراف هيئة الشراء العام. وقد تمّ إلغاء النتيجة في المرة الأولى بسبب ارتفاع السعر. ثم أعيدت المناقصة مرّة ثانية، وحصّلنا سعراً أقل من المرّة الأولى». هنا تدخّل، وفق المصادر، وزراء الدفاع والعدل والأشغال العامة والنقل، لتهدئة الأجواء، واقترح الوزير علي حمية عرض موضوع فتح الاعتماد للبواخر المستوردة على مجلس الوزراء للبتّ فيه، وهو ما حصل. عندها تراجع ميقاتي عن ادّعاءاته، وأعرب عن رغبته بتجاوز «خطأ» فياض بأنه لم ينتظر قرار اللجنة البتّ في صفقة البواخر، بينما أوضح فياض أن «خطأ» ميقاتي تمثّل في الامتناع عن دعوة اللجنة إلى اجتماع للبتّ في الصفقة.
وكان رئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، كمال حايك، قد عرض أمام اللجنة تقريراً حول مخزون المحروقات والجباية والالتزامات المالية. وحذّر حايك اللجنة الوزارية من وصول مخزون معمل دير عمار إلى مستوى حرج في 28 أيلول المقبل، وكذلك مخزون معمل الزهراني في 6 تشرين الأول المقبل، في حال عدم فتح الاعتمادات للشحنة المستوردة وتفريغها.
بالتوازي، أرسل فياض أول من أمس كتاباً إلى «هيئة التشريع والاستشارات» في وزارة العدل يطلب فيه رأيها «عمّا إذا كانت مؤسسة كهرباء لبنان مخوّلة بموجب القوانين النافذة شراء الدولار الأميركي من السوق السوداء»، لافتاً إلى أنها «أصبحت تملك في حسابها في مصرف لبنان ما يوازي 40 مليون دولار أميركي مودعة بالليرة اللبنانية». كما سأل فياض الهيئة عن «مدى جواز تسعير الفاتورة بالدولار الأميركي وتخويل المشترك الحق في التسديد بالليرة اللبنانية على سعر الصرف الذي سيُتّخذ مؤشراً، أي ترك الخيار للمشترك في التسديد بالعملة الوطنية أو بالدولار الأميركي».
أزمة المياه تنحسر خلال يومين
يُتوقع أن تنحسر أزمة المياه في مناطق بيروت وجبل لبنان خلال اليومين المقبلين بعدما تمكّنت مؤسّسة مياه بيروت وجبل لبنان من تأمين نحو 300 ألف ليتر مازوت ستشتريها وتسدّد ثمنها بالليرة، بما يتيح تشغيل مولّدات الكهرباء التي تؤمّن عملية ضخّ المياه نحو الوحدات السكنية والتجارية. وتبيّن أن مؤسسة مياه الشمال تشتري المازوت بالاتفاق مع المورّدين وتسدّد ثمنه بالليرة وفق سعر صرف متّفق عليه. أما مؤسسة مياه الجنوب فتحصل على مساعدات.
المصدر الأساسي لتأمين المازوت لمؤسسات المياه والإدارات العامة، هي منشآت النفط التي تبيع الكميات بالليرة وفق سعر مبيع الصفيحة المعلن، باستثناء الجيش والقوى الأمنية التي كانت تدفع على سعر صرف 15 ألف ليرة. لكنّ مصرف لبنان توقف عن تحويل ما يتجمّع في حساب المنشآت من ليرات إلى دولارات، وبالتالي لم تعد المنشآت قادرة على تأمين الكميات.