في وقائع جلسة مجلس الوزراء أمس الثلاثاء، علمت “الجمهورية” أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بادر في مستهلّها الى الطلب من الوزراء الإسراع في بت مشروع الموازنة والانتهاء من مناقشته حتى لو كان هناك تباين في الآراء، ووافقه رئيس الحكومة سعد الحريري الرأي قائلاً: “أردناها موازنة تقشفية وعلينا المحافظة على هذا التوصيف، وتأمين الانفاق الاستثماري انطلاقاً ممّا استطعنا الحصول عليه من مؤتمر “سيدر” وهو 11,3 مليار دولار، ما سيحرّك القطاعات الإنتاجية”.
وأضاف: “إقرار الموازنة عامل إيجابي والإجراءات ستطاول كافة المستويات… لا أحد في وارد تخفيض رواتب العسكريين والمتقاعدين، لكن هناك بعض الإجراءات ستشمل الجميع موظفين وعسكريين إذا أردنا الحفاظ على منعة الاقتصاد، خصوصاً انّ المجتمع الدولي يتابع عملنا بدقة”.
ثم كانت مطالعة طويلة لوزير الاقتصاد منصور بطيش لم تمر “مرور الكرام”، وتحوّلت مناظرة مع وزير المال الذي دافع بقوة عن أرقام موازنته شارحاً للنقاط التي أثارها وزير الاقتصاد، الذي سرعان ما تراجع عن أجزاء من مطالعته بعد شرح خليل الذي تَوسّع في عرض الموازنة قائلاً: “نحن منفتحون لسماع كل الاقتراحات، وأنا سأخاطب اللبنانيين بصراحة، النمو الفعلي عام 2018 كان 0,94% لقد توقعناه أكثر لكن الظروف السياسية لم تساعدنا، ونحن نتطلع هذه السنة لنمو بنسبة 1,8%”.
وعرض خليل لأرقام الدين العام قائلاً: “خدمة الدين عام 2018 كانت 8214 مليار ليرة، 5187 منها بالعملة اللبنانية، و3027 مليار ليرة بالعملة الاجنبية”.
وعرض لتوزيع الموازنة كالآتي: 35% رواتب وأجور ومخصصات وتعويضات ومتمماتها، 35,1% خدمة الدين، 10,6% عجز الكهرباء 8,9% نفقات استثمارية والبقية نفقات جارية.
ثم عرضَ لأسباب عدم تحقيق التوقعات التي وضعت في موازنة العام 2018، بسبب الخلافات السياسية والانتخابات”، وأضاف: لا يجب ان يتجاوز عجزنا هذا العام الـ 7%”.
وفي بند المتقاعدين لفتَ وزير المال الى انّ معاشات التقاعد تبلغ 3328 مليار ليرة وعددهم 103,218 أشخاص، بينهم معلمون واساتذة جامعيون واسلاك عسكرية وقضاة سابقون واسرى محررون.
وعن التدبير الرقم 3 أكد خليل أنه “لم يرد في الموازنة وليس هناك أي اشارة له، فهذا الامر متعلق بالقيادة العسكرية”. وأبدى استعداده للبحث في كل الترتيبات التي تخص المتقاعدين مع وزير الدفاع.
وعَدّد خليل العناصر التي تؤمن التوازن داخل مشروع الموازنة:
1 – خفض النفقات
2 – زيادة الواردات
3 – تحديد عجز الكهرباء
4 – المساهمة في معالجة خدمة الدين
5 – إصلاح بعض الثغرات في نظام الاجور والرواتب والتعويضات
6 – المواد التحفيزية
7 – المواد المتعلقة بالتعاقد والتوظيفات
8 – فكرة متعلقة بطريقة التعاطي مع اقتراح تجميد نسبة من الرواتب ليست جزءاً من الموازنة
وعن التخفيضات، شرح وزير المال كل ما ستشمله بنسَب تتراوح بين 10 و50%.
وتوالت مداخلات الوزراء الذين أثار عدد منهم موضوع الاملاك البحرية، فتدخل وزير الاشغال يوسف فنيانوس كاشفاً أنه تم تسجيل 1068 مخالفة وهناك 178 قدّموا أوراق التسوية بعد صدور المراسيم التطبيقية للقانون الصادر في 18/12/2018، وصدرت أوامر الدفع التي قدّرت بـ 130 مليار ليرة.
وطالب وزير الاتصالات محمد شقير بمكافحة الارهاب وضبط المؤسسات غير الشرعية والتهريب، ودعا الى عدم استهداف المصارف بالاجراءات لتفادي خطر هروب الودائع.
وكان لافتاً ما طلبه رئيس الجمهورية من الوزراء وهو الاستعداد لوضع هيكليات جديدة لإداراتهم ووزاراتهم، وكان لافتاً ايضاً مداخلة طويلة لوزير الخارجية جبران باسيل قال فيها: “نحن أمام فرصة استثنائية لإنجاز موازنة غير عادية، وعلينا عدم اعتماد خطابين ولغتين للمزايدة، لأنه في هذا الجو لن نستطيع إقرار موازنة. إذا كنّا ملتزمين الذهاب الى موازنة تقشّف، فيجب أن تكون في حدود التكامل في الاجراءات سلّة واحدة وإلّا سيتعذّر علينا المضي في اتخاذ الاجراءات، وعلى جميع الاطراف ان تتحمّل المسؤولية خصوصاً في ما يتعلق بالدين العام وحجم الدولة والكهرباء والهدر وزيادة المداخيل… كلها قرارات يجب ان تتخذ”.
ودعا الوزير محمد فنيش الى مقاربة الموازنة “بطريقة نقدية شاملة”، وان يُصار الى النظر في خدمة الدين العام. وقال: “على الجميع تحمّل المسؤولية، وآن الأوان للتنسيق بين السياسة النقدية والسياسات المالية”. وتحدث عن الاستيراد عبر الحدود وعن الشفافية في التلزيمات.
بدورها، شددت الوزيرة ريا الحسن على “ضرورة تشجيع المستثمرين واعتماد الدينامية في الموازنة”.