مرحلة جديدة دخلتها وزارة الإتّصالات لجهة تفعيل تنفيذ قرار ضبط شبكات الإنترنت غير الشرعي، وفي حال تمّ تنفيذ القرار بنجاح فإنّ ذلك سيؤدّي إلى تغذية خزينة الدولة بإيرادات تُقارب الـ60 مليون دولار سنويّاً، ولكن لا يجب الذهاب بعيداً بالتفاؤل لا سيّما أنّ العبرة تبقى في التنفيذ.
وزير الاتّصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم يشرح لصحيفة «نداء الوطن»، القرار الذي اتُخذ بعد انتهاء المهل المُحدّدة بموجب القرار رقم 544/1 والذي يُحدّد آليّة ضبط الشبكات المُنشأة خلافاً للقانون أو من دون ترخيص»، موضحاً أنه يقضي «بتنفيذ المرسوم الذي صدر في شهر حزيران 2022 ضمن مرسوم رفع التعرفة في الفقرتيْن 16و17 من القسم الرابع. وأضاف: هذا المرسوم وضع خلال ولايتي لقوننة وتنظيم قطاع الإنترنت. الهدف الأساسي من هذا الإجراء هو حماية المشترك والمستهلك بالدرجة الأولى عبر توقيف الاحتكار ووضع حدّ للأسعار غير المضبوطة»، مضيفاً «أن تنفيذ هذا القرار يتمّ وفق القوانين والمراسيم التي ترعى عمل الوزارة».
ويلفت إلى أن نشوء الإنترنت غير الشرعي، عائد بالتاريخ إلى «العام 2014، وهي السنة التي بدأت تشهد انطلاق هذه الظاهرة الجديدة والتي بقيت من دون أيّ تدخل أو إجراء للحدّ منها حتى عام 2021 تاريخ صدور تقرير ديوان المحاسبة».
إيرادات لخزينة الدولة
السبب خلف نشوء الشبكات غير الشرعية كان تقصير الدولة على بعض المستويات، فحدث فراغ في قطاع الإنترنت ملأه البعض بشكل غير منظّم إذ مدّوا شبكات ووصلوها إلى مناطق مختلفة، ويصل اليوم عدد المشتركين في هذه الشبكات غير الشرعية إلى ما يقارب الـ700 ألف مشترك من دون أن يدفع أصحاب الشبكات غير الشرعية أي ضريبة للدولة رغم بيع الإنترنت بتعرفة أغلى من التعرفة الرسمية، هم يحقّقون هذه الأرباح من منذ حوالي الـ10 سنوات. وإذا نجح هذا التدبير الجديد، فستُحصّل الدولة سنوياً حوالي 60 مليون دولار».
ويؤكد القرم أن «الفكرة الأساسية من تنفيذ المرسوم هي وضع حدّ للاحتكارات ووضع هذه الشبكات غير الشرعية بإدارة وزارة الاتصالات، حينها يمكن للمستهلك الاشتراك مع أي مورد مرخص. كذلك فإن فتح الشبكة على بعضها يحفّز المنافسة وتُستوفى الرسوم من المواطن المستهلك وفق أسعار رسمية تحدّدها الدولة».
خطوات متابعة التنفيذ
ويشير إلى الخطوات التي تلت إصدار المرسوم وهي «إرساء آلية تنفيذ وإنشاء لجنة مختصة لمتابعة الملفّ. كذلك، لتفادي استخدام القوة حيث أجاز المرسوم لوزير الاتّصالات توقيع عقود صيانة، أما مداخيلهم فتحدّد بنسبة 30% من الرسم الذي تتقاضاه الوزارة. إلّا أن ذلك لم يلقَ أي تجاوب، لذا سيصدر تكليف نهاية الشهر الجاري يفرض على موزعي خدمة الإنترنت دفع مبلغ 550 ألف ليرة لبنانية شهرياً عن كلّ مشترك على الشبكة المضبوطة، أما موزعو الأحياء فسيتقاضون 330 ألف ليرة عن كل مشترك، ولا بّد من أن يدفعهم هذا التكليف إلى التعاقد مع الدولة لأنه يصبّ في مصلحتهم».
مراهنات خاطئة
ويكشف الوزير أنه عقد اجتماعات عدة مع موزعين في الأحياء وقال: أكدّت لهم أن مراهنتهم على مغادرتي ونسيان المرسوم خاطئة لأن هذا المشروع يستحوذ على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة لي وسأتابعه حتى النهاية. وأعتقد أننا توصّلنا إلى قناعة بأن المرسوم سيطبّق وهذه الخطوة الأهم. كذلك، شرحت لأصحاب الشبكات أن لا داعي للتخوّف من خسارة استثماراتهم لأن المرسوم ينصّ بكل وضوح على أنه وبعد ضبط الشبكة سيُحال الملف إلى القضاء المختص للبتّ بملكية الشبكة وبالتعويض أو فرض غرامة. أما في حال عدم التعاون الإرادي مع الوزارة، فسيحال هؤلاء إلى القضاء الجزائي الذي يُحاسبهم، خصوصاً أن لدى القضاء كامل الصلاحية بوصل الشبكة غير الشرعية بشبكة الدولة حتى ولو بالقوة»، مشيراً إلى أن «59 من أصل 106 شركات تجاوبت معنا وأعطتنا معلومات عن كلّ الموزعين».
العبرة في التنفيذ
وعن قدرة الوزارة على الوقوف في وجه الإنترنت غير الشرعي في ظلّ وجود محميات سياسية ومافيات، خصوصاً بعد مرور سنوات من دون تشريع القطاع، يُجيب «إذا لم نقم بأي خطوة وقرّر موزع الحي زيادة التعرفة على المواطن ماذا سيكون موقف الدولة؟ أنا مُتسلّح بضميري وعزيمتي وعلى كامل قناعة بأن هذا الاتجاه الصحيح وهو واقع لا يمكن نكرانه أو تغيير طبيعته. الهدف خدمة مصالح الدولة والمواطن الذي لا يُمكن أن يترك تحت رحمة شخص مستبدّ. المبدأ صح وعندما أتواصل مع أي طرف سياسي لا يُمكن أن يعارضه، الجميع أبدى استعداده للتعاون وتبقى العبرة في التنفيذ».
ويشدّد على أن «في لبنان 106 رخص ISP في حين أن المُعدل لا يجب أن يتخطى الـ15 رخصة. إلى ذلك، القانون 431 الذي لم يطبق منذ صدوره عام 2022 يتحدث عن قيمة Libantelecom التي تحدّد بعدد المشتركين ووجودها على الأرض».
آخر مستجدّات ملف Starlink
وفي سياق مُنفصل، على مستوى ملفّ Starlink وآخر مستجدّاته، يعتبر القرم «أنها ستدخل لبنان البلد عاجلاً أم آجلاً»، مؤكداً «وجود جدوى اقتصادية منها مع تحقيق مداخيل كبيرة جدّاً للدولة لأننا تمكنّا من الحصول على ما يسمى بـ»حصرية التمثيل»، فالاشتراك في starlink غير ممكن إلا عبر المرور بالوزارة. نحن نعمل على هذا الموضوع، والمستوى الأمني لا يزال بحاجة إلى تدوير بعض الزوايا. في النهاية لا يمكننا محاربة التطور بل واجبنا إيجاد طرق للتكيّف معه. التنفيذ ليس ببعيد، وكنت قد حصلت على موافقة موقّعة من الأمنيين بتجربة فترة ثلاثة أشهر مع starlink قبل أن يرفض القرار في الحكومة بسبب علامات استفهام طرحها بعض الوزراء حول هوية الشركة التي ستقدم الـ150 جهازاً مع الاشتراك على شكل هبة. لا داعي للقلق لأن القرار بتحديد وضع الأجهزة يتمّ بالاتفاق مع الجهات الأمنية التي يمكنها الحصول على كل المعلومات التي تريدها خلال فترة التجربة والتي ستتفق مع starlink على صيغة نهائية للعقد، لذا لا بدّ من الانطلاق من نقطة ما».