يبتدع مصرف لبنان منذ بداية الأزمة مجموعة تعاميم لا أحد يعرف حقيقة ما يراد منها، آخرها التعميم 161 الذي يقضي بتبديل الليرة بالدولار على منصة صيرفة. اليوم تقوم المصارف بإجراء معاملات خاصة سمح بها مصرف لبنان تأتي وفق التعميم 161 وتسمح بسحب مبلغ معيّن بالدولار مقابل وضع مبلغ معيّن بالليرة!.
دخلت سينتيا أحد المصارف لإجراء هذه “العملية” فوضعت مبلغاً معيّنا بالليرة لتسحب مقابلها 500$ أميركي على منصة صيرفة، حتى الآن كلّ شيء جيّد فتربح سينتيا حوالي لـ50$ .
يساعد هذا المبلغ المواطن قليلاً في هذه الظروف، لكن المفاجأة كانت عندما أنهت سينتيا العملية وسلمها المصرف الايصالات مرفقة بورقة عليها توقيعها، وعندما رفضت التوقيع عليها كان الجواب “يا بتوقعي يا ما فينا نعمل العملية”… فماذا تحتوي تلك الورقة؟.
مضمون الكتاب
“النشرة” حصلت على نسخة من تلك الورقة وتتضمن “عملاً بأحكام التعميم رقم 157 تاريخ 10/05/2021 والتعميم الاساسي رقم 161 تاريخ 16/12/2021 الصادر عن مصرف لبنان جئنا بموجب كتابنا الحاضر نعفي مصرفكم من موجب التقيد بقانون السريّة المصرفية الصادر بتاريخ 3 أيلول 1956 تجاه مصرف لبنان أو لجنة الرقابة على المصارف أو أي شخص مرتبط بعمليات القطع التي أجراها مصرفكم على المنصة الالكترونية لعمليات القطع التابعة لمصرف لبنان (منصة صيرفة) والمتعلقة بالعملية التي أجراها بتاريخ هذا النهار، وبالتالي أوافق على قيام مصرفكم بادخال اية معلومات تتعلق بي وبالعملية المذكورة على منصة صيرفة وفقا للانظمة المعمول بها لدى مصرف لبنان”، مضيفا: “وعليه نتنازل تنازلا نهائيا لا رجوع عنه وغير قابل للنقض عن أي حق أو مطلب يتعلق بهذا الخصوص ونبرئ ذمة مصرفكم ابراء عاما وشاملاً لا رجوع عنه وغير قابل للنقض كما نعفي مصرفكم من أية مسؤولية لهذه الجهة ولجهة تنفيذ او عدم تنفيذ العملية المطلوبة على المنصة”…
رفع السرية؟!
تُرفع السريّة المصرفية عن الحساب في حالة وفاة العميل وينتقل هذا الحق الى الورثة الشرعيين والموصى لهم ومنفذ الوصية ومحرر التركة، وإضافة الى وفاة العميل ترفع السرية المصرفية في حالة موافقة العميل على رفع السرية، اعلان افلاس العميل، نشوء دعوى بين المصرف والعميل تتعلق بمعاملة مصرفية، دعاوى الاثراء غير المشروع، افلاس المصرف، الشكوك الجدية بحصول عملية تبييض أموال، تبادل معلومات بين المصارف فيما يتعلق بالحسابات المدينة فقط، الحالات المتصلة بمراقبي المصرف المركزي، حساب المرشح الى الانتخابات النيابية المخصص للحملة النيابية، التدقيق الجنائي.
المودع مجرم!
“القيمون على المصارف يعاملون المودع كمجرم”. هكذا يختصر المتخصص في الرقابة القضائية على المصارف المحامي الدكتور باسكال ضاهر المشهد، لافتا عبر “النشرة” الى أن “المصرف المركزي اضاف حالة لرفع السرية المصرفية من تلقاء نفسه ومن دون اي قانون في حين ان كان عددها 11 حالة واصبحت الان 12 بفعله للسحب بالدولار فقط دون حساباته بالليرة بارغم من أن التعاميم لمصرف لبنان غير “المشروعة” قد فرضت على المودع “هيركات” ثقيل تعدت نسبته الـ85% يعود الان لمعاملة المودع كمجرم من خلال الزامه برفع السرية المصرفية”، مؤكدا أن “السرية المصرفية ترفع بحالات محددة بالقانون ولا يجوز للمصرف المركزي أن يضيف حالة جديدة”، مشددا على أنه “تتم معاملة المودع كمجرم فقط في حالة السحب بالدولار لأنه يوقع على هذا الكتاب عند إجراء العملية للسحب بالدولار مع العلم أن المصارف توزع الدولارات على الموظفين بالقطاع العام والخاص”.
ضرب الكيان المصرفي؟!
يرى الدكتور ضاهر أن “هذا الموضوع يدل على أن هناك توجهاً لضرب الكيان المصرفي الذي يقوم على المودعين كعموده الفقري، فعندما يعامل النظام المصرفي المودع كمجرم ويجبره التوقيع على رفع السرية المصرفية في حين أن دولاراته توزع على العامة هذا دليل أن هناك من يريد ضرب الكيان المصرفي”، مضيفاً: “يتم دحر العامود الفقري للكيان المصرفي بهذه الطريقة والواضح أن هناك مخططاً لضرب الكيان المصرفي”، ومحذرا المودعين من التوقيع على هذه الكتب ومشددا على انه من غير القانوني تقييد سحب الوديعة بأي شرط لأننا في نظام ليبرالي حرّ.
في المحصّلة بدعة جديدة ابتدعها مصرف لبنان عبر المصارف لرفع السرّية المصرفيّة عن الحسابات… ليبقى السؤال الأهم ما الهدف من هذا الكتاب؟ وماذا يريد والمصارف عبره؟!.