تنصّ هذه الفقرة (50) في مضمونها على التالي:
• يجوز لأي دولة عضو ان تنسحب من الاتحاد وفقاً لمقتضيات الدستور
• يجب على الدولة التي تقرّر سحب عضويتها إخطار المجلس الاوروبي عن نيتها وفي ضوء المبادئ التوجيهية الصادرة عن المجلس الاوروبي والتي تحدد ترتيبات الانسحاب مع مراعاة اطار العلاقة المستقبلية مع الاتحاد. ويتم التفاوض بشأن هذا الاتفاق وفقاً للفقرة 3 ( 218) لمعاهدة أداء الاتحاد الاوروبي.
واصبحت المادة 50 موضوع نقاشات حادّة خلال ازمة الديون الأوروبية ما بين العامين 2010 و2014 عندما بدأ الاقتصاد اليوناني بالتراجع واصبح خارج نطاق السيطرة، عندها رأى الاوروبيون وفي محاوله لإنقاذ اليورو وربما الاتحاد الاوروبي من الانهيار انه قد يكون ومن الضروري اجبار اليونان على الخروج ضد إرادتها- والمشكلة كانت في المادة 50 والتي لا تتضمن اية بنود واضحة عن الامور المتوجب اتخاذها في هكذا حالة.
وفي 23 حزيران 2016 اختار معظم الناخبين البريطانيين مغادرة الاتحاد الاوروبي في استفتاء وفي ردّ على سلسلة من الاحداث الاقتصادية المزعزعة للاستقرار الذي لحق بالاقتصاد الاوروبي نتيجة الازمة المالية العالمية. وهكذا تكون بريطانيا الدولة الاولى التي تترك الكتلة طوعاً وخروجها كما هو معروف بالـ Brexit كان ضربة كبيرة للاتحاد ولمصداقيته.
وهكذا وبعد الف يوم من تصويت بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي وقبل 9 ايام من أن تخرج قررت تريزا ماي دعوة الاتحاد الاوروبي الى تأجيل مغادرة المملكة المتحدة حتى 30 حزيران المقبل، والموافقة على ذلك تعني فيما تعنيه تجنيب المملكة المتحدة من المغادرة دون اتفاقية ما يعني الفوضى او إطالة الفترة والسماح لتيريزا ماي بتأمين مغادرة مقبولة.
وفي بيان بثّه التلفزيون من 10 داوننغ ستريت قالت ماي انها تشاطر الاحباط الذي يشعر به كثير من البريطانيين من مناقشات لا تنتهي واتهمت البرلمان بالوصول الى طريق مسدود، وحذّرت من انّ ذلك قد يسبب اضراراً لا تعوَّض وفقداناً في الثقة.
وحسب ماي دائماً لقد حان الوقت لاتّخاذ قرار». وانها غير مستعده لتأجيل Brexit اكثر من 30 حزيران في اشارة منها الى انه يمكن ان تترك السلطة اذا ما اضطرت بريطانيا الى طلب تأجيل اكبر. وقال تاسك إنّ تأخيراً قصيراً قد يكون ممكناً، وهكذا جاء طلب ماي وردّ تاسك لايجاد وضعية قد تكون افضل من مغادرة بريطانيا دون اتفاقية ما يعني تعطيلات كبيرة للشركات البريطانية والمقيمين وكذلك لبقية دول الاتحاد الاوروبي.
لكن على ما يبدو انّ قادة الاتحاد الاوروبي متفقون على أنّ عملية الطلاق هذه والتي مضى عليها اكثر من عام ونصف العام من التفاوض لا يمكن وفي ايّ حال إعادتها الى نقطة الصفر.
هذا وحسب جونكر على البرلمان البريطاني أن يقرّر ما إذا سوف يقبل الصفقة الوحيدة التي هي موجودة. وللتذكير هذه الصفقة أشعلت فوضى سياسية داخل بريطانيا تفاوتت بين التعاطف والاحتقار.
عبّر دبلوماسيون اوروبيون عن قلقهم وحذَر كبير المفاوضين ميشال برنيي من أنّ أيَّ تأخير سيكون مثقلاً بالأعباء وتترتب عليه تكاليف اقتصادية وسياسية للكتلة، لذلك ومع بضعة ايام عن الموعد المقرّر لـ Brexit قد تكون خيارات تريزا ماي محدودة جداً وقد تكون محاولة اقناع البرلمان بالموافقة على شروط مختلفة تدخل في هذا الاطار.
لذلك قال متحدث باسم المفوضية الأوروبية وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي إنّ الاتحاد يتوقع من بريطانيا معلومات عن كيفية الشروع في الانسحاب وعلى رئيسة الوزراء وحكومة جلالتها اتخاذ القرار المناسب بشأن الخطوات اللاحقة، وإبلاغ المفوضية بسرعه لا سيما وانه وحسب وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي ناتالي لوازو عقب على هذا قائلاً إنّ الوقت قد حان وإننا نقارب الامور بحسن نية لكن لدينا ايضاً قضايا اخرى للتعامل معها لا سيما رجال الاعمال ولديهم شكوك لا تحتمل.
لكن وعلى ما يبدو تريزا ماي تحاول إعاده التجربة مره ثانية وثالثة ربما تنجح مع نفاذ صبر الاوروبيين، وأيّ تأخير يُفترض ان توافق عليه كل الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي والبالغ عددها 27 دولة.
كذلك إنّ ايّ تمديد هو بحاجة الى موافقة اصوات مجلس العموم ومجلس اللوردات قبل نهاية ذلك اليوم، ما يسمح للحكومة بتعديل بسيط للقانون وازالة ايّ اشارة عن 29 آذار يوم الخروج واستبدالها بموعد آخر.
اضف الى ذلك وحسب بارنييه كبير المفاوضين تساؤله كيف يمكن لأوروبا أن تضمن انها وفي نهاية المطاف لا تعود الى الوضع الذي نحن فيه اليوم؟
لذلك وحسبه دائماً «على الحكومة البريطانية البتّ السريع بهذا الموضوع، لذلك قد يكون هذا التمديد او أيّ تمديد آخر يدخل في حلقة المراوغة السياسية والقانونية».
اما من الناحية الاقتصادية فالسيناريو بدا واضحاً اكثر ويعني انّ بريطانيا وبكل بساطة سوف تتعامل مع بقية العالم تحت قواعد منظمة التجارة العالمية، كذلك اعلنت المملكة المتحدة انّ 86 بالمئة من التعرفات الجمركية سوف تزال اذا لم يحصل توافق وسوف تبرم بريطانيا اتفاقيات تجارة حرة مع الدول الكبرى في جميع انحاء العالم بما في ذلك الولايات المتحدة، وهناك بالفعل مناقشات مفصّلة جداً حدثت بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة بشأن اتفاقية التجارة الحرة.
وفي ما يتعلق بالاتحاد الاوروبي لن يتغير شيء جذرياً وسوف يكون هنالك استعداد من جانب معظم الدول في الاتحاد الاوروبي أن يستمرّ الوضع كما هو عليه وعلى سبيل المثال فإنّ المانيا وهي منتج كبير للسيارات، و18 في المئة من صادراتها الى المملكة المتحدة سوف تمضي قدماً وقد تبرم معاهدة مع بريطانيا لضمان تواصل التجارة بسلاسة بين البلدين. وهنا وجب القول إنّ اوروبا لن تتخلى عن التجارة مع خامس أكبر اقتصاد في العالم.
لذلك تبدو الامور غير واضحة سياسياً وقد تعود المفاوضات الى نقطة الصفر والألف يوم سوف تعتبر اياماً ضائعة في مفاوضات شائكة بين المملكة والاتحاد الاوروبي وقد يكون ترامب المستفيد الاكبر في حال فشل هذه المفاوضات.