عانت بريطانيا من انهيار قياسي للناتج الاقتصادي في الربع الثاني من 2020 حين كانت إجراءات العزل العام لمكافحة فيروس «كورونا» سارية، بيد أن الانخفاض كان أقل قليلاً من التقديرات الأولى.
وقال «مكتب الإحصاءات الوطني» إن الناتج المحلي الإجمالي انكمش 19.8 في المائة خلال 3 أشهر حتى يونيو (حزيران) الماضي، وهو ما يقل على نحو طفيف عن تقديرات أولية بانخفاض فصلي نسبته 20.4 في المائة؛ لكنه لا يزال أكثر من التراجع في بقية الاقتصادات المتقدمة.
وهذا هو أكبر تراجع منذ أن بدأ «مكتب الإحصاءات» تسجيل البيانات في عام 1955. وتشير بيانات أخرى إلى أن بريطانيا تتجه صوب أكبر انخفاض سنوي منذ عشرينات القرن الماضي.
وانكمش الاقتصاد البريطاني بالفعل 2.5 في المائة بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) الماضيين مع بدء إجراءات العزل العام في نهاية مارس. وتعافى الناتج في الأشهر القليلة الماضية، لكن التعافي يتبدد على ما يبدو مع زيادة حالات الإصابة بفيروس «كورونا» وتوقعات بقفزة في البطالة في ظل تقليص الحكومة دعم الوظائف.
وتأتي هذه النتائج في وقت دخل فيه الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الثلاثاء أسبوعاً حاسماً في المفاوضات حول علاقاتهما التجارية المستقبلية في اليوم الذي يتخذ فيه مجلس العموم قراراً حول مشروع القانون البريطاني المثير للجدل الذي يتراجع عن بعض بنود اتفاق «بريكست».
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، فسيساهم «بريكست» – الذي بات رسمياً في 31 يناير الماضي، لكنه لن يدخل حيز التنفيذ إلا في 1 يناير 2021 – في زعزعة أكبر لاقتصادات تضررت أصلاً بسبب جائحة «كوفيد19».
في غضون ذلك، أظهرت بيانات اقتصادية نشرت الأربعاء أن البريطانيين ادخروا نحو ثلث دخولهم خلال فترة الإغلاق لاحتواء جائحة فيروس «كورونا» المستجد، التي شهدت إغلاق المتاجر وتسجيل أكبر انكماش للاقتصاد البريطاني.
وبحسب بيانات «مكتب الإحصاء» البريطاني، شهد الربع الثاني من العام الحالي ادخار البريطانيين 29.1 في المائة من دخلهم؛ وهي نسبة غير مسبوقة.
في الوقت نفسه، فإن الدعم الحكومي لأجور العمال الذين مُنحوا إجازة من دون أجر من أعمالهم، قلص التراجع في دخول الأسرة البريطانية أثناء فترة الإغلاق، في حين كانت فرص الإنفاق أقل في ظل إجراءات الإغلاق والقيود على الحركة والانتقال. فقد أُغلقت محال الأنشطة غير الضرورية خلال أغلب أيام الربع الثاني من العام الحالي، كما أن قطاعات الترفيه والفندقة لم تفتح أبوابها إلا في يوليو (تموز) الماضي.
وتراجع إنفاق المستهلكين في بريطانيا خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 24.2 في المائة، ليسجل 80.5 مليار جنيه إسترليني (103 مليارات دولار). وجاء تراجع الإنفاق الاستهلاكي مدفوعاً بانخفاض الإنفاق على المطاعم والفنادق والسفر الجوي والسيارات والترفيه والخدمات الثقافية.
من جهة أخرى، أظهرت بيانات «مكتب الإحصاء الوطني» البريطاني الصادرة الأربعاء تراجع عائدات قطاع السياحة في بريطانيا خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 70 في المائة سنوياً، إلى 2.91 مليار جنيه إسترليني (3.73 مليار دولار)، وهي أقل إيرادات ربع سنوية للقطاع منذ الربع الأخير من 1994.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى أن إيرادات السياحة شكلت خلال الربع الثاني من العام 4.4 في المائة من صادرات الخدمات البريطانية، مقابل 12 في المائة منها خلال الفترة نفسها من العام السابق. كما شكلت السياحة 2.1 في المائة من إجمالي صادرات السلع والخدمات البريطانية خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وفي الوقت نفسه، وصل إنفاق البريطانيين على السفر إلى الخارج خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 1.52 مليار جنيه إسترليني (1.95 مليار دولار) بانخفاض نسبته 89 في المائة سنوياً.
من ناحية أخرى، ارتفعت قيمة الجنيه الإسترليني أمام الدولار خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 0.3 في المائة مقارنة بالربع الأول، وبنسبة 4.2 في المائة مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي.