لم يخطر في بال الكثيرات في لبنان، أن تشكل الفوطة الصحية هماً يشغل البال في زمن التطور والسرعة. لكن الحاجة التي لا غنى عنها، حلّق سعرها مع ارتفاع سعر صرف الدولار. فتحوّلت إلى عارض إضافي من أعراض التعب والاكتئاب التي يتسبّب بها الطمث لدى النساء.
البعض منهن لم يكتفِ بشتم الدولة، التي لم تُلحق تلك المادة بلائحة المواد المدعومة، بل بحثن عن سبل بديلة للتأقلم مع أزمة توفير الفوط الصحية بسعر أقل. في البحث عن البدائل، اكتشف البعض أنّ أسهل وأوفر وسيلة تكمن في استعادة عادات الجدّات: الأقمشة القابلة للاستعمال مرات عدة بعد غسلها.
على نحو تدريجي، استوعبت الخياطتان، سامية حنينة وأميرة القرص، أنّهما ستخيطان فوطاً صحية من الأقمشة، إلى جانب الأزياء المختلفة من الثياب والستائر التي تميزتا بخياطتها طوال أعوام. لكن الانهيار الاقتصادي الذي تسبّب بارتفاع الأسعار، جعل من الفوطة الجاهزة المستوردة منها والوطنية على السواء، بعيدة عن متناول كثير من النساء اللبنانيات والنازحات السوريات.
قرّرتا خياطة فوط القماش كبديل صحي وأقل كلفة من الفوط الجاهزة. ففوط سامية وأميرة تُستخدم أكثر من مرة، ولا تُرمى بعد استعمالها وقابلة للغسيل. وتتألف من أربع طبقات تساعد على الامتصاص. والأهم أنّها مصنوعة من قماش لا يتسبّب بحساسية أو التهابات نسائية.
الطلب على الفوط الصحية المتعدّدة الاستخدام، مكّن الخيّاطتين من إعادة تشغيل ماكيناتهما بعد توقف نتيجة ارتفاع أسعار مواد الخياطة. كما وفّر فرص عمل لخيّاطات أخريات وأنقذهنّ من فخ البطالة. الخياطتان القرص وحنينة تخيطان الفوط في إطار برنامج «الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والصحة الإنجابية والجنسية» الذي تديره مؤسسة «عامل» .
وفي هذا الإطار، تقول هبة قصير قشور، مسؤولة البرنامج إنّ المؤسسة «خصّصت برامج عدة لتدارك تداعيات الأزمة الاقتصادية على حياة النساء والفتيات ولا سيما في موضوع النظافة خلال الدورة الشهرية لتأمين مستلزمات الدورة الشهرية للفتيات بالتعاون مع عدة شركاء».
وعن اللجوء إلى هذا النوع من الفوط، تلفت قشور إلى أنّ مبادرة توزيع الفوط الجاهزة الأُحادية الاستخدام لا تشكّل حلاً طويل المدى «لذا اتجهنا نحو حلول أكثر استدامة وتعاقدنا مع معامل خياطة محلية لخياطة الفوط القماشية التي يعاد استخدامها بعد غسلها، والتي نوزعها على الفتيات والنساء من مختلف الجنسيات في لبنان، بالتزامن مع جلسات توعية للفتيات والنساء حول مواضيع الدورة الشهرية والنظافة في الدورة الشهرية».