أرقام الإصابات بفيروس «كورونا» التي سجّلت قبل فرض حال التعبئة وإقفال البلد والمطار والمنافذ الحدودية لا تقارن بتلك المسجّلة في الأيام القليلة الماضية، ما يدفع الى التساؤل عما إذا كان وراء الخطاب «التطميني» لوزارة الصحة والإحجام عن العودة إلى الإقفال ضغط من الهيئات الاقتصادية لعدم إثارة الهلع بما يؤدي إلى إحجام المغتربين عن العودة صيفاً
«اتُّخذ قرار عام بفتح البلد لأنّ أحداً لم يعد يحتمل حال الاختناق الاقتصادي»، هي الخلاصة الأبرز التي عبّر عنها وزير الصحة العامة حمد حسن صباح أمس، عقب اجتماع اللجنة العلمية لمكافحة الأوبئة في الوزارة لتقييم الواقع الوبائي لجائحة كورونا.
وفيما كان قرار «اللاعودة» إلى الإقفال متوقعاً، شخصت الأنظار نحو «البدائل» الكفيلة بضبط إيقاع الإصابات التي تواصل التحليق مع تسجيل 85 حالة جديدة، أمس، ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 2419 منذ 21 شباط الماضي، وعدد المُصابين الفعليين إلى 960.
وعليه، خلصت لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا إلى جملة توصيات أبرزها «توقيف الأشخاص الذين يتسببون عن إهمال وقلة احتراز وعدم مراعاة الأنظمة والقوانين وتدابير الوقاية والحماية بالتسبب بانتشار فيروس كورونا وإحالتهم إلى القضاء المختص سنداً للمادة 604 من قانون العقوبات (الحبس من سنة الى ثلاث سنوات)». وبحسب عضو اللجنة مازن بو ضرغم، فإنّ هذا البند يتعلق بملاحقة كل متفلّت من العزل المنزلي «وسيتم تطبيقه بصرامة وحزم نتيجة الوضع الحرج».
كذلك أوصت اللجنة بالتشدد في ضبط المخالفات لجهة عدم الالتزام بوضع الكمامات وتسطير محاضر ضبط بحق المخالفين (قدرها 50 ألف ليرة)، وإغلاق المؤسسات السياحية التي لا تتقيد بالتدابير الوقائية.
وفي ما يتعلق بالمغتربين الآتين من بلدان لا تجرى فيها فحوصات pcr، نصّت التوصيات على إلزام الوافد بالعزل داخل فنادق تحددها وزارة السياحة لمدة 24 ساعة إلى حين صدور نتيجة فحص الـ pcr الذي يجرى في المطار، على أن تتولى وزارة الداخلية والبلديات مراقبة التنفيذ بالتنسيق مع وزارة الصحة. وقررت منع تقديم النراجيل في مختلف المؤسسات السياحية (مقاه ومطاعم وفنادق ومنتجعات)، استناداً إلى توصيات منظمة الصحة العالمية. وفي ما يتعلق بآلية نقل المُصابين، اقترحت اللجنة العلمية نقل المُصابين مع عوارض من المغتربين إلى المُستشفيات الحكومية مُباشرةً، وتوزيع المُصابين من دون عوارض على مراكز الحجر الصحي بالتنسيق مع اللجنة الوطنية والهيئة العليا للإغاثة والمؤسسات الدولية الشريكة بهدف المواكبة الميدانية لمراكز الحجر. ويطرح ذلك تساؤلات حول مصير مراكز الحجر من جهة وجهوزية المُستشفيات من جهة أخرى. فلا الأولى جُهّزت بشكل فعال في المناطق حتى الآن (لا أرقام واضحة ودقيقة بشأن أعداد مراكز الحجر وحجم جهوزيتها)، ولا الثانية قادرة جميعها على استقبال المرضى باعتراف الوزارة نفسها، ما يعني رفع منسوب التحدي في ظل الواقع الوبائي المقلق الذي تشهده البلاد.
شكوك حول جهوزيّة مراكز الحجر والمُستشفيات لاستقبال المصابين
ولعل مظاهر الخطر تجلّت مجدداً مع بروز خطر «تسلّل» الفيروس إلى المُستشفيات، كما حصل مع المُستشفى اللبناني الإيطالي في صور الذي أكّد في بيان صادر عن إدارته إصابة مريضَين وأحد المُمرضين المخالطين «ما استدعى إجراء المُقتضى الطبي والصحي وفقاً لتعليمات وتوجيهات وزارة الصحة (…)»، علماً بأن الإرشادات تقضي بإخضاع أي مريض لفحص كورونا قبل دخوله، وأن الإهمال في التزام تلك الإرشادات كفيل بتعريض المُستشفيات والمرضى والطاقم التمريضي والطبي لخطر تفشي الفيروس داخلها.
كذلك ناشدت نقابة الممرضات والممرضين، في بيان، «المواطنين التزام معايير الوقاية وإرشادات الصحة العالمية»، مُشيرةً إلى أن استمرار هذا المسار التصاعدي يشكل خطراً كبيراً على حياة كل فرد في المجتمع ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
أمّا الإجماع على إشراك المقيمين بالمسؤولية فيعود بالدرجة الأولى إلى أن الواقع الصحي والاستشفائي يتفاقم يومياً، وبالتالي فإن الأمر بات متروكاً لوعي هؤلاء لتدارك الانهيار الذي تعززه الأزمات التي تعصف بالبلاد. وما تشديد رئيس مجلس إدارة مُستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس الأبيض على أهمية الالتفات إلى القطاع الاستشفائي إلا دليل على الواقع المأزوم. الأبيض لفت، أمس، إلى أن كمية الفيول المتوفرة لدى مُستشفى رفيق الحريري تكفي لخمسة أيام فقط «وبعد ذلك، هناك خطر أن لا يستطيع المُستشفى استقبال حالات، ليس في قسم العناية المُشدّدة فقط، بل في قسم العزل أيضاً».