تسعى مصارف لبنانية إلى التخفيف من حجم مطلوباتها، عبر دفع المودعين لإبرام تسويات تفضي إلى إغلاق حساباتهم الدولارية نهائياً، وشطب ودائعهم مقابل مبالغ مالية محددة بالدولار الطازج.
بالحديث عن تسويات بين المصرف والمودع، نذهب باعتقادنا إلى التوصل لحلول وسطية مُرضية للطرفين، غير أن الواقع يشير إلى خلاف ذلك. فالمصارف تستغل حاجة فئات معيّنة من المودعين، منهم المتأزمين مادياً للحصول على سيولة بالدولار مهما كانت قيمتها، وآخرون من كبار السن ممن لا يعرفون بزواريب الشيكات المصرفية بالسوق السوداء، ولا بحِيَل المصارف الكثيرة، وتعرض عليهم تسوية حساباتهم لقاء مبالغ ضئيلة جداً بالدولار الطازج.
5 في المئة
يعرض بنك الاعتماد اللبناني على بعض زبائنه تصفية حسابهم المصرفي بالدولار، وسداد جزء من الوديعة المحتجزة لديه كما باقي المصارف، مقابل تسوية تقوم على اقتطاع نسبة 95 في المئة من المبلغ المودع لديه. بمعنى أن يسدد المصرف الوديعة الدولارية المحتجزة بقيمة 5 في المئة من قيمتها الأساسية بالدولار الفريش. ومن بين الذين عرض عليهم المصرف تصفية حسابهم مودع يملك مبلغاً بقيمة 100 الف دولار لدى بنك الاعتماد اللبناني، اقترح عليه المصرف سداد 5000 دولار فريش مقابل إغلاق حسابه وتصفيه وديعته.
عرضُ المصرف ينطوي على هيركات بقيمة 95 في المئة تم تحديدها اعتباطياً من قبله. فالسحوبات المصرفية تخضع اليوم لعملية هيركات بقيمة تفوق 83 في المئة، لكنها لم تصل إلى النسبة التي اعتمدها المصرف. فالدولار المصرفي يُحتسب حالياً عند 15 ألف ليرة. بالمقابل يبلغ سعر الدولار عبر الشيكات المصرفية بين 12 و13 في المئة من قيمتها الحقيقية. فكيف يمكن لبنك الاعتماد اللبناني احتساب الدولار بـ5 في المئة من قيمته؟
وحسب مصدر مصرفي، فإن المودعين الذين يتلقّون هذا العرض وعلى الرغم من حاجتهم للأموال إلا أنهم يسارعون إلى رفضه، باعتباره عرضاً مجحفاً ويكاد يلامس عملية شطب تام للوديعة من دون أي مقابل. وكشف المصدر، أن ممارسات بنك الاعتماد اللبناني تلك يقوم بها أيضاً بنك عودة. إذ يعرض أيضاً على مودعين تصفيه حساباتهم مقابل 5 في المئة من قيمتها الحقيقية.
الاعتماد اللبناني
وفي جولة سريعة على تاريخ بنك الاعتماد اللبناني، هو من بين المصارف التي سبق لها إغلاق فروع في عدة مناطق لبنانية منذ بداية الأزمة المالية عام 2019، وتزامن معها صرف موظفين. كما سبق للمصرف المذكور أن أغلق فروعه في العراق عام 2020.
وفي شهر أيار 2023 تم شطب بنك الاعتماد للاستثمار ش. م. ل. بعد اندماجه مع بنك الاعتماد اللبناني، بناء على قرار صادر عن حاكم مصرف لبنان حينها، رياض سلامة.
وعليه انتقلت ملكية جميع موجودات وحقوق المصرف ومطلوباته والتزاماته على اسم الاعتماد اللبناني ش. م. ل. بموجب قرار المجلس المركزي بتاريخ 12 كانون الثاني 2022، واستناداً إلى القانون الرامي لتسهيل اندماج المصارف وتعديلاته، وعلى شطب اسم الاعتماد اللبناني للاستثمار من لائحة المصارف والمسجل في اللائحة تحت الرقم 114.
ويعد بنك الاعتماد اللبناني، الذي يرأس مجلس إدارته رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربيه، من بين المصارف المشتبه بعدد من مدراء فروعها بالتلاعب بطلبات صيرفة واستغلال مناصبهم لتحقيق أرباح. وهو أيضاً من المصارف التي وردت في التحقيقات الفرنسية حول تعاونها مع سلامة وشقيقة رجا لتحويل أموال مشتبه بها من وإلى الخارج.