في ظلّ الأزمة الإقتصادية “القاسية” التي يعاني منها لبنان ومع استفحال تدابير الـ capital Control التي تضع قيوداً على الودائع والسحوبات، برزت في الفترة الأخيرة استراتيجيات عديدة وأدوات لتسييل الودائع المحجوزة لدى المصارف. فشهدنا طلباً متزايداً على القطاع العقاري وارتفاع أسهم “سوليدير” ما أدى الى انتعاش شركات كانت في طور الإفلاس. كما شهدنا طلباً متزايداً على اللوحات والمنحوتات الفنية، والمجوهرات… ولا شك ان عملة “البيتكوين” الرقمية برزت كملجأ أخير لاستخدامها رغم كل التقلبات التي مرّت بها. فبعض المواطنين اللبنانيين أقبلوا على هذه الأدوات في محاولة لإنقاذ ما تبقى من مدخراتهم في المصارف اللبنانية. ومع تدهور الثقة في القطاع المصرفي نتيجة تدابير التقنين المتخذة من المصارف، إرتفع الطلب على “البيتكوين” كون هذه الأخيرة غير صادرة عن مصرف مركزي أو حكومة أو مؤسسة مالية. فهي عملة من شخص الى آخر، تحكمها شبكة من أجهزة الكمبيوتر. إنطلقت “البيتكوين” منذ نحو عقد من الزمن واستخدمها عدد لا يستهان به من المتعاملين حول العالم لكافة العمليات من حجوزات في الفنادق أو الشراء عبر الإنترنت. ولكن لم تنطلق هذه العملة في لبنان بسبب القيود التي وضعها مصرف لبنان على شرائها عبر بطاقات الإئتمان وبطء الإنترنت من جهة وانقطاع الكهرباء من جهة ثانية.
ومن ناحية أخرى لم تلق هذه العملة الرقيمة إقبالاً من اللبنانيين، كونها عالية المخاطر واللبناني يخشى المخاطر. لكن في المرحلة الراهنة ومع فقدان الثقة في العملة الوطنية (الليرة) وفي المصارف، عاد الطلب على تلك العملة للارتفاع. فالسحوبات بالعملة الخضراء من المصارف وصلت الى 50 دولاراً شهرياً وحتى التحويلات الى الخارج غير ممكنة إلا في حالات الضرورة القصوى. ويتم تسييل الودائع من خلال ربط الشاري الذي لديه فائض في العملة الرقمية مع البائع، الذي يقايض شيكاً مصرفياً بالبيتكوين بما تعادله من العملة المصرفية، والتي تخوّل له استعمالها في أي مكان في العالم. ويمكن للبائع أن يعرض أصولاً لديه في لبنان (سيارات، مجوهرات، بضائع مختلفة…) مقابل عملة رقمية يمكن أن يستعملها أينما كان في العالم. وبهذه الطريقة يصار الى إخراج أو تحرير الأصول اللبنانية بما فيها الودائع من الحجز المفروض عليها في لبنان، بفعل تدابير الـ”كابيتال كونترول”.
صحيح أن البيتكوين لا تُضاهى بالدولار الأميركي أو بالعملة الصعبة وصحيح أن مجالات استعمالها محدودة، لكنها تبقى الوسيلة الفضلى الموجودة لفكّ الحجز عن الودائع.