منذ إرتفاع وتيرة التحذيرات من السفر والدعوات إلى مغادرة لبنان، التي توجه من قبل العديد من الدول حول العالم، إرتفعت وتيرة القلق في الأوساط المحلية من أن يكون ذلك كمؤشر لإحتمال توسّع وتيرة المواجهات التي تشهدها الجبهة الجنوبية، منذ اليوم الثاني لعملية “طوفان الأقصى”، الأمر الذي تزامن مع الإجراءات التي ذهبت إليها شركة “طيران الشرق الأوسط” في الأيام الماضية.
في هذا السياق، من الضروري الإشارة إلى أنّ وتيرة هذه المواجهات كانت بالتزامن قد ارتفعت بشكل متدرّج، من خلال توسع رقعة الإشتباكات والأماكن التي يستهدفها الجيش الإسرائيلي في قصفه، لكنها لم تخرج، حتى الآن، عن الإطار الذي يوحي بالذهاب إلى المواجهة الشاملة.
حول هذا الموضوع، تلفت مصادر متابعة، عبر “النشرة”، الى أنّ التحذيرات والدعوات إلى منع السفر من الممكن القول إنها روتينية، على إعتبار أنه من الطبيعي توجيهها في ظل الظروف الراهنة وإحتمال توسع دائرة الإشتباكات في المستقبل، لا سيما أن هذه الدول كانت تعمد إلى ذلك، في الماضي، عند حصول أيّ توتر أمني داخلي، كما حصل مؤخراً خلال الإشتباكات التي وقعت في مخيم عين الحلوة.
وتشير المصادر نفسها إلى أن تلك الدول، في تلك الحالات، كانت تحذيراتها تقتصر على عدم التوجّه إلى مناطق محدّدة، أيّ تلك التي تكون مسرحاً للتوترات أو تقع بالقرب منها، لكنها توضح أن القلق اليوم هو من إقفال مطار بيروت الدولي، كما حصل في عدوان تموز من العام 2006، في حال تطورت الأمور على نحو دراماتيكي، إلا أنّها تشدّد على أنّ ذلك لا يعني أن هذا السيناريو بات أمراً محسوماً.
بالنسبة إلى هذه المصادر، ما ينطبق على قرارات تلك الدول ينطبق أيضاً على الإجراءات المتّخذة من قبل “طيران الشرق الأوسط”، لا سيما مع خفض شركات التأمين حجم تغطيتها للأضرار التي يمكن أن تنجم عن الحرب، في حال وقوعها، في مقابل رفعها تكلفة التغطية على الشركات، وتوضح أنه بغض النظر عما إذا كانت هذه الإجراءات منسقة مع الجهات الرسمية في الدولة اللبنانية، هي أيضاً إحترازية لا أكثر ولا يمكن البناء عليها.
في هذا الإطار، ترى أوساط سياسية، عبر “النشرة”، أنّ هذه القرارات تأتي في سياق الضغط على الجانب اللبناني، نظراً إلى تأثير ما يقوم به “حزب الله” من المواجهة على جبهة غزة، حيث تسعى إسرائيل إلى تحييد الجبهة الجنوبيّة للتفرغ إلى الحرب مع حركة “حماس”، خصوصاً بعد فشل التحذيرات والرسائل الدبلوماسيّة، التي بدأت منذ اليوم الأول لهذه الحرب، في تحقيق هذا الهدف.
بالنسبة إلى هذه الأوساط، حتى الساعة يمكن الحديث عن عدم وجود رغبة لدى الجانبين، أي إسرائيل و”حزب الله”، في خروج الأمور عن السيطرة، ما يرجّح أن تبقى الأمور مضبوطة ضمن حدود ما يحصل بشكل يومي على الجبهة، أما بالنسبة إلى إحتمال الذهاب إلى تصعيد أكبر فهو أمر مرتبط بالوقائع الميدانيّة، نظراً إلى وجود الكثير من العوامل التي تُؤْخَذ بعين الإعتبار وتحول دون ذلك.
في المحصّلة، ترى الأوساط نفسها أن كل ما يحصل اليوم لا يعني أن التصعيد بات أمراً محسوماً، لكن لا يمكن إستبعاد ذلك من دائرة الحسابات، على إعتبار أنه في ظلّ المواجهات الحاليّة قد يقع خطأ ما في الحسابات، من دون تجاهل ما قد ينتج عن المواجهات في غزّة من تطورات، قد تفرض تبديل قواعد اللعبة، خصوصاً إذا ما قرّرت تل أبيب تجاوز الخطوط الحمراء.