تتقصّى حماية ونقل الأموال من «المركزي» لتفادي تداعيات الحرب

مرّ لبنان بفترة حرجة جداً خلال اشتداد الحرب الإسرائيلية عليه، وأصيبت مؤسسات الدولة بأضرار بالغة، نتيجة اندلاع تلك الحرب، جرّاء شلل فرضته الاستهدافات العدوانية التي تنقلّت في مناطق عدة، وتحديداً في الجنوب والبقاع وبيروت وضاحيتها الجنوبية.

وحده مصرف لبنان المركزي صمد، ولم يُصَب بأي تداعيات تُذكر، خصوصاً أنّ حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أشرف على وضع خطة محكمة، أساسها تلبية متطلبات السوق ورواتب الموظفين بالدولار، والحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة. ثم أقرّ «المركزي» زيادات في مبالغ التعاميم للمودعين المستفيدين منها، للمساهمة في تأمين الحدّ الأدنى من وسائل تعزّر الصمود في أيام الحرب.

كيف نجحت خطة مصرف لبنان؟

تقصّت «الجمهورية» عن ركائزها، فتبيّن لها أنّ الاستقرار النقدي كان سيتعرّض إلى اهتزاز كبير في أيام الحرب، لكنّ تأمين «المركزي» إلى المناطق، كل متطلبات السوق بالعملة الصعبة، هو الذي منع المضاربة على الليرة.

عانى المصرف من مسألة نقل الأموال إلى تلك المناطق، وخصوصاً في الأطراف، نتيجة توقف شركات نقل الأموال، جرّاء اشتداد القصف والحرب على لبنان، وامتناع شركات نقل الأموال عن تأمين سياراتها المصفّحة نتيجة وقف شركات التأمين عقودها معها، ممّا دعا «المركزي» إلى اتخاذ إجراءات، من بينها استعمال سيارات محمية.

وفي هذا الإطار، نفّذ مصرف لبنان توصية قوى الأمن الداخلي بشراء سيارات مصفّحة، للأسباب الأمنية المذكورة. هدفت الخطوة إلى الالتزام بالإجراءات الأمنية وهو إجراء واجب اتباعه من قبل «المركزي».

لم تقتصر الخطوة على ذلك، بل استحدث مصرف لبنان خزائن مصفّحة لتخزين وحماية الأموال بالعملة اللبنانية والعملات الأجنبية، خصوصاً بعد توقف شركات الطيران الأجنبي من السفر من وإلى لبنان، ممّا أدّى إلى عدم تحويل الأموال للخارج.

وهدفت تلك الخطوة أيضاً إلى منع أي محاولات سرقة، في حال توسعت الحرب وأدّت إلى احتمال تفلّت أمني، خصوصاً أنّ مآلات العدوان الإسرائيلي كانت غير واضحة. كما شدّد المركزي الحراسة على مبنى المصرف، وأقام الحرّاس فيه، فلم يغادروه طيلة أيام الحرب.

من ناحية ثانية، أقدَم مصرف لبنان على تعزيز الأمن السيبراني، لمنع محاولات القرصنة والسرقة من حسابات لبنان، نتيجة ارتباطه مع بنوك دولية.

وعلمت «الجمهورية» أنّ مصرف لبنان استنفر على صعيد كل مديريّاته، وخصَّص لموظفيه أماكن للإقامة فيها في محيط مبنى المركزي، لتسهيل الوصول إليه يومياً، وتأمين متطلبات اللبنانيِّين النقدية، خصوصاً بعد تعرّض المناطق اللبنانية إلى استهدافات إسرائيلية.

كل ذلك، شكّل ركائز استند إليها مصرف لبنان المركزي لعدم الإنقطاع عن العمل، حماية الموجودات، وتأمين نقل الأموال إلى المناطق، ممّا حيّد المركزي عن تداعيات الحرب.

والأهم أنّ مصرف لبنان جهّز كل داتا المعلومات بشأن أموال المودعين والفئات العمرية، وتفاصيل تتعلق بالمبالغ الأساسية والفوائد، وهو جاهز لمواكبة الخطة الحكومية وإقرار القوانين لحل أزمة المودعين.

وكان منصوري أكّد في مقابلة مع قناة «العربية»، أنّ «مديرة صندوق النقد مستعدة لزيارة بيروت قريباً، وهناك إمكانية العودة للتفاوض مع صندوق النقد بعد نيل الحكومة الثقة». ولفت منصوري، إلى أنّ «الوضع النقدي تحسن بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة»، موضحاً أنّ «ارتفاع أسعار السندات ناجم عن تحسن النظرة للوضع السياسي والمالي».

وذكر حاكم المصرف المركزي بالإنابة أنّ «الحكومة الجديدة ستتواصل مع حاملي السندات. والأسواق باتت تتوقع نسبة استرداد أعلى من 25% لحاملي اليوروبوندز»، موضحاً أنّ «الأولوية في السداد لأصحاب الودائع قبل حاملي السندات».

وأكّد أنّ «الحكومة تعمل لبناء علاقة ثقة مع المستثمرين من حاملي السندات»، مشيراً إلى أنّ «محفظة الودائع لدى البنوك اللبنانية تُقدَّر عند 86 مليار دولار».

مصدرالجمهورية - شربل البيسري
المادة السابقة40 مليون ليرة شهرياً الحدّ الأدنى لسدّ احتياجات العائلة في لبنان
المقالة القادمةالفنادق تخلو من الحجوزات في 23 الجاري.. والسياحة تترقّب الموسم الواعد