تحديات ومخاوف من ارتفاع عجز الموازنة

لا يخفى على أحد أن السوق اللبنانية تقبع في ظل فوضى ليس معروفاً ماذا ستكون انعكاساتها على الأوضاع بشكل عام.

السبحة تفككت بداية في العام 2019 مع انهيار النظام المالي والاقتصادي وعجز الحكومة عن إيجاد سياسة مالية لمصرف لبنان تتماشى مع انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي. اليوم تتجه الأنظار إلى الليرة اللبنانية بعد صمودها واستقرارها على سعر 90 ألف ليرة لبنانية مقابل الدولار الأميركي خلال التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

مصرف لبنان، وتجنباً لانهيار جديد، قام بمنع التلاعب بالليرة والمضاربة عليها عبر تخفيض حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية الموجودة في السوق وتقليص النفقات العامة، كما التجديد لتعاميمه السابقة 158 و161 بالسماح بسحب جزء من أموال المودعين بالدولار. أما الكلام عن إمكانية تخفيض الدولار فيبقى حبراً على ورق لأن هذه الإمكانية غير متاحة بسهولة، نظراً إلى دولرة الاقتصاد اللبناني ودفع كامل السندات وتعامل الشركات بالدولار، مع ما يوازيه من احتياطي في مصرف لبنان بالعملات الأجنبية ويصل إلى أكثر من 10 مليارات دولار، في حين أن اقتصاد لبنان قائم على عملة نقدية مدولرة.

مرحلة جديدة بدأت مع هدنة وقف إطلاق النار، والتطورات السياسية في لبنان وسوريا، قد تعطي بعضاً من الأمل في إيجاد حل سياسي يفضي إلى إعادة المستثمرين إلى لبنان وفرض هيكلة سياسية ومالية تعمل بانتظام، وسط تخوّف من ارتفاع عجز الميزانية اللبنانية مع بدء عملية الإعمار المرتبطة أولاً بالمساعدات القادمة من الدول كشكل من أشكال المنح لكنها مشروطة بإصلاحات سياسية عدة أولها انتخاب رئيس للجمهورية. ثانياً مع بدء الإعمار سيعود مصرف لبنان إلى الاستدانة من جديد لتترافق هذه العملية مع توسع عجز الميزان التجاري، علماً أن العجز التجاري في لبنان بلغ 14.52 مليار دولار في العام 2023، بعدما كان 15.5 مليار دولار في العام 2022.

ضغط قوي ينتظر لبنان الذي يقف على مفترق طرق يصارع بين شروط البنك الدولي الذي أظهر تقريره الأخير انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنحو 6.6% هذا العام بسبب التوترات الجيوسياسية، وانكماش النشاط الاقتصادي بنحو 5.7%، ما يعادل خسارة بلغت 4.2 مليارات دولار، وبين عجز الحكومة عن القيام بالإصلاحات نتيجة الصراعات السياسية بما سيزيد من عمق الأزمة الاقتصادية.

مصدرنداء الوطن - ماريا موسى
المادة السابقةاتفاقية بين «الزراعة» و«مصلحة الليطاني» حول زراعة القمح
المقالة القادمةدباغ تعبث بالاستقرار النقدي