يشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، تتّسم بتراجع غير مسبوق لقيمة عملته أدى إلى إغراق نصف الشعب اللبناني في الفقر.
ويتسبب الانهيار الاقتصادي الذي أدى إلى صرف أعداد هائلة من الموظفين، بارتفاع كبير في الأسعار في البلاد التي شهدت لأسابيع عدة منذ خريف 2019 انتفاضة شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية التي يُنظر إليها على أنّها فاسدة وعاجزة عن وضع حدّ للأزمة الاقتصادية الحادة.
في 29 سبتمبر 2019، تجمع مئات المتظاهرين في بيروت للتنديد بالوضع الاقتصادي على خلفية مخاوف بشأن استقرار الليرة اللبنانية، وفقاً لوكالة “فرانس برس”.
في 26 من الشهر نفسه، أعلن أصحاب محطات المحروقات الإضراب احتجاجاً على سعر الصرف المتقلب و”نقص” الدولار الذي يُعد ضرورياً للدفع لمورديهم. ثمّ تراجعوا عن خطوتهم بناء على اتفاق حكومي يتيح لهم الدفع بالليرة اللبنانية.
وبحسب وسائل إعلام، فإن المصارف ومحال الصيرفة حدّت من بيع العملة الخضراء خشية من انخفاض الاحتياطات بالعملات الأجنبية.
وفي 17 أكتوبر، أعلنت الحكومة اللبنانية عزمها فرض رسم مالي على الاتصالات المجانية التي تتم عبر تطبيقات المراسلة الإلكترونية مثل واتساب.
فجّر ذلك غضب اللبنانيين الذين نزلوا إلى الشوارع تعبيراً عن الرفض، مرددين عبارة “الشعب يريد إسقاط النظام”.
تراجعت الحكومة بعد ذلك عن فرض الرسم المالي، لكن آلاف اللبنانيين واصلوا احتجاجهم.
وبلغ الحراك الشعبي ذروته مع تظاهر مئات الآلاف في أنحاء البلاد في بعض الأيام مطالبين بتجديد الطبقة السياسية الحاكمة التي لم يمسها تغيير جوهري منذ عقود والمتهمة بالفساد.
في 29 أكتوبر، أعلن رئيس الحكومة، سعد الحريري، استقالة حكومته تحت ضغط الشارع.
وفي 19 ديسمبر، كُلّف حسان دياب وهو وزير سابق وأستاذ جامعي، بتشكيل حكومة. إلا أن الدعم الذي قدّمه حزب الله وحلفاؤه لدياب أثار غضب الشارع.
في 21 يناير ولدت حكومة جديدة في لبنان تمثل حزب الله وحلفاءه الذين يشكلون غالبية في البرلمان.
في 7 مارس، أعلن دياب أن لبنان – الذي يرزح تحت عبء دين عام يبلغ 92 مليار دولار، أي 170% من قيمة الناتج الإجمالي الداخلي – “سيعلق” سداد دين بقيمة 1,2 مليار دولار مؤكداً أن “الدولة اللبنانية ستسعى إلى إعادة هيكلة ديونها”.
وفي 23 منه، أعلنت وزارة المالية “التوقف عن دفع جميع سندات اليوروبوند المستحقة بالدولار”.
في 30 أبريل، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية أن بلاده ستطلب المساعدة إلى صندوق النقد الدولي، بعد تبني الحكومة خطة إنعاش اقتصادي.
في 13 مايو، انطلقت مفاوضات لبنان مع الصندوق.
في مايو، أُوقف نقيب الصرافين محمود مراد ودين، مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان، مازن حمدان بجرم “التلاعب بالعملة الوطنية”.
وتم توقيف عدد من الصرافين والمصرفيين بشبهة التلاعب بسعر الصرف للمضاربة.
في منتصف يونيو، اندلعت احتجاجات في بيروت وطرابلس شمالاً عقب تدهور جديد لقيمة الليرة اللبنانية إلى حدود غير مسبوقة. وترافق التراجع مع إغلاق متاجر أبوابها وصرف العديد من العمال والموظفين بالتزامن مع أزمة تفشي كوفيد-19.
وفي الشهر نفسه، استقال مستشار وزارة المال هنري شاوول ومديرها العام آلان بيفاني اللذان كانا يشاركان في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، متحدثَين عن خلافات بشأن إدارة الأزمة.
في الثامن من يوليو، توجّه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى السلطات اللبنانية بالقول “ساعدونا لكي نساعدكم”.
وفي 23 و24 من الشهر نفسه، انتقد الوزير الفرنسي أثناء زيارته لبنان، “عدم استجابة سلطات هذا البلد” للأزمة الراهنة، مشدداً على الحاجة لـ”أفعال ملموسة طال انتظارها”.
وقال لودريان “هذا البلد بات على حافة الهاوية” في حال لم تسارع السلطات إلى اتخاذ إجراءات لإنقاذه.
وفي 28 منه، ردّ رئيس الوزراء اللبناني على لودريان بالقول “لديه نقص في المعلومات لناحية مسيرة الإصلاحات الحكومية”.
وفي الثالث من أغسطس، قدّم وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتّي استقالته بسبب خلافات مع الحكومة محذراً من تحول البلد إلى “دولة فاشلة”.
وأشار إلى “غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع الدولي للقيام به”.
وبعد ساعات قليلة، عُيّن السفير السابق ومستشار الرئيس ميشال عون للشؤون الدبلوماسية شربل وهبة خلفاً لحتّي.