مطلع الأسبوع الجاري، أطلق بنك “باركليز” البريطاني توقعات خطيرة في شأن تداعيات أي هجوم إسرائيلي مرتقَب على بنية النفط التحتية الإيرانية، كاشفاً أنه “سيؤدي إلى توقف مستمر لإمدادات حجمها مليون برميل يومياً، ممّا قد يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع بما لا يقل عن 15 دولاراً للبرميل”. وأعلن في مذكرة تمحورت حول هذه المخاطر، أن “الهجوم الإسرائيلي المحتمَل على البنية التحتية الإيرانية للنفط في ما يخص أنشطة الإنتاج أو التصدير، يؤثر على أسواق النفط من ناحيتين، إذ إنه قد يقلل من طاقة الإنتاج الفائضة ممّا يرفع بدوره الأسعار، في حين يدفع إلى زيادة كبيرة للمخاطر الجيوسياسية”.
ما هي المخاطر الكبيرة التي تتهدّد قطاع الطاقة والنفط في العالم جراء أي عدوان مماثل؟!
الخبير الدولي في مجال الطاقة البروفسور رودي بارودي يعتبر في حديث لـ”المركزية”، أن “أي هجوم إسرائيلي كبير على جزيرة “خرج” و/أو غيرها من المنشآت النفطية الرئيسية في إيران، يمكن أن يعرّض البنية التحتية للنفط والغاز في المنطقة بأكملها لخطر جسيم، بما في ذلك مرافق الإنتاج والمصافي ومواقع التخزين ومحطات التصدير”.
ويُشير إلى أن “المشكلة المحتمَلة لا تكمن فقط في أن الغالبية العظمى من صادرات النفط الإيرانية – ما يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميًا – تمرّ عادةً عبر جزيرة “خرج”، بل أيضًا في حقيقة الأمر إن هذه الجزيرة جزء من منطقة تُنتج وتصدّر ما يقارب 40% من النفط الخام العالمي – حيث يصل 30% من النفط الخام إلى الأسواق العالمية عبر “مضيق هرمز” وحده”.
جزيرة “خرج” مقابل إغلاق “مضيق هرمز”؟!
ويتمثل أحد المخاوف، وفق بارودي، في أنه “إذا هوجمت جزيرة “خرج”، فقد يردّ الإيرانيون بمحاولة إغلاق المضيق (مضيق هرمز)، مما قد يؤدي إلى منع أو تقليص تدفق النفط الخام إلى الدول في جميع أنحاء العالم. كما أنه من المهم جداً الإشارة إلى أن منشآت النفط والغاز وغيرها من منشآت الطاقة الإيرانية منتشرة على مساحة تزيد عن ضعف مساحة فرنسا، مع حوالي 12 إلى 14 موقعاً رئيسياً، ومؤخراً افتتحت إيران أول محطة لتصدير النفط خارج “مضيق هرمز”، في منطقة جاسك (الاطلاع على الخريطة المُرفَقة). وهذا يعني أن إيران لديها خيارات أخرى عندما يتعلق الأمر بالصادرات، وبالتالي قد تكون قادرة على الاستمرار في إنتاج النفط وبيعه حتى لو تم إيقاف تشغيل محطة “خرج”.
ويُضيف: كل ذلك، ناهيك عن إمكانية الرّد العسكري الإيراني على الرّد الإسرائيلي. ففي ردَّين سابقَين على الهجمات الإسرائيلية على إيران أو حلفائها، أثبتت طهران أن صواريخها وطائراتها بدون طيّار، يمكن أن تصل إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي فإن إسرائيل كلها ومنصّات الغاز البحرية التابعة لها معرّضة للخطر. بالإضافة إلى ذلك، حذّر الإيرانيون جيرانهم العرب الخليجيين من أنهم إذا سمحوا للإسرائيليين باستخدام مجالهم الجوي لضرب إيران، فعليهم أن يتوقعوا ردًا انتقاميًا أيضًا.
ويتابع: كما يمكن أن تشمل الآثار المحتملة للتحركات التصعيدية المتبادلة بين إسرائيل وإيران، ارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار أو أكثر من مستوياتها الحالية في منتصف السبعينيات. وفي الوقت الذي لا تزال فيه معظم دول العالم تتعافى من التباطؤ الذي شهده العالم في حقبة عرفها أثناء جائحة “كورونا” وما تلاها من تضخم، فإن هذا النوع من الصدمة في أسعار الطاقة – خصوصاً مع اقترابنا من فصل الشتاء في أوروبا وأميركا الشمالية – يمكن أن يدفع باقتصادات عشرات الدول إلى الركود.
في ضوء ما سبق، “ينبغي على جميع الجهات الفاعلة المسؤولة، أن تأمل وتسعى إلى وقف التصعيد. فالتكاليف الاقتصادية المحتملة لاستمرار اللعبة الحالية المتمثلة في سياسة المناورات الحربية، ستكون كبيرة جدًا… إضافة إلى زهق المزيد من الأرواح، وغيرها من الخسائر” يختم بارودي من دون أن يغفل الإشارة إلى أنه “على رغم سوداوية المشهد في لبنان والمنطقة، إلا إن الأمل في السلام ما زال قائماً، وهذا ما أكد عليه أمير قطر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أل ثاني في افتتاح اجتماعات مجلس الشورى القطري، علماً بأن قطر لعبت دوراً كبيراً في إعادة الهدوء الى لبنان في العام 2006، وهي تسعى اليوم عبر اتصالات تقوم بها إلى إبعاد شبح الحرب الشاملة عن المنطقة كما لمساعدة لبنان في الخروج من الأزمة الخطيرة التي يمر بها، خصوصاً مع تزايد الأعمال الحربية في الجنوب اللبناني وفي كل مناطق لبنان”.