استكملت اللجان النيابية المشتركة اليوم درس مشروع قانون الـ”كابيتال كونترول” برئاسة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي أعلن السعي إلى “منح كل مودِع مبلغ 800 دولار نصفها بـ”الفريش” والنصف الثاني بالليرة اللبنانية، ولكن وفق السعر الفعلي للسوق”، بعدما كان أعلن عقب اجتماع اللجان المشتركة الأسبوع الفائت إقرار المادتين الخامسة والسادسة من المشروع “فالمادة السادسة تتعلق بالسحب، وبدل أن نضع السقف الأعلى وضعنا السقف الأدنى أي أن يسحب كل مودِع قبل 17 تشرين 2019 بالحدّ الأدنى 800 دولار شهرياً. وتركنا للجنة أن تراجع الموضوع وفق تطوّر الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، من أجل أن نتدرّج بالمبلغ”.
وعلى الرغم من أن مشروع القانون سيحطّ على طاولة الهيئة العامة لمجلس النواب بعد خروجه من اللجان المشتركة، حيث سيخضع للمناقشة وترقب أي تعديل مُحتمل لرقم السحوبات المحدَّد، أثار تعديل هذه المادة سلسلة تساؤلات ومخاوف على مصير المصارف في حال أُقرّت الهيئة العامة مشروع القانون ودخوله حيّز التنفيذ، وما سيتأتى عن المادة السادسة المعدَّلة من سحب كل ما تبقى من العملة الصعبة لدى المصارف، بعدما تسبّبت الدعاوى القضائية في الخارج بانخفاض مجموعها في عدد منها، الأمر الذي يهدّد بإفلاس المصارف وبالتالي القضاء على أي أمل في استرجاع أموال صغار المودِعين قبل الكبار!
… يشير بو صعب إلى أن “القانون الذي نبحث فيه يأخذ حقوق المودِعين في الاعتبار ضمن المنطق والودائع “ما طارت”، لكنه غفل عن أنه “لا يمكن فرض شيء فوق قدرة المصارف” يقول مصدر مالي لـ”المركزية”، معتبراً أن “تعديل المادة 6 من مشروع القانون عبر إلزام المصارف بتسديد 800 دولار “فريش” على الأقل شهرياً لكل مودِع، ذهب بالقانون إلى أهداف لا تمتّ إلى مصلحة المودِعين والمصارف بأي صلة، كما يدّعون”، ويسأل “من أين ستؤمِّن المصارف كل هذا الحجم من الدولارات في حين أنها تستمدّ الكمية الكبيرة منها من مصرف لبنان لتلبية طلبات التعاميم 161 و158 وغيرهما..؟! في حين تخضع لضغوط الاقتحامات والدعاوى القضائية في الخارج التي تلزمها عنوةً تسديد مبالغ طائلة من الودائع بالدولار الأميركي، ما يهدّد مستقبلها ومصير أموال صغار المودِعين معاً”.
وتتساءل المصادر “إلى أي متى سيبقى المسؤولون المعنيون يستنبطون القوانين وارتجال القرارات بدون دراسة جدوى من جهة، وبدون التنسيق مع أصحاب الشأن من جهة أخرى؟!”.
غبريل يحذّر…
مسؤول دائرة الأبحاث المالية والاقتصادية في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل عضو اللجنة التي شكّلها نائب رئيس مجلس الوزراء الياس بو صعب في العام 2022 لدرس مشروع قانون الـ”كابيتال كونترول”، يتحدث لـ”المركزية” عن سلسلة اجتماعات عقدتها اللجنة في مجلس النواب آنذاك ودرست المشروع بنداً بنداً، وأدلى كلٌ من المجتمعين برأيه واستجمع بو صعب كل الآراء ولخّصها قبل أن يُحيلها إلى اللجان النيابية المعنية”، ويذكّر بأن “مشروع القانون المذكور كان يلحظ السقف الأعلى للسحوبات بألف دولار أميركي فقط، أما اليوم مع تعديل المادة 6 منه أصبح الحدّ الأدنى للسحوبات 800 دولار!”.
ويقول “إذا عمد جميع المودِعين إلى سحب 800 دولار شهرياً، فستُقفل غالبية المصارف أبوابها بعد شهرين من تاريخ تطبيق القانون… من هنا، على اللجان المشتركة النظر في مدى قدرة المصارف على الالتزام بهذه الأرقام، وفي إرادة مصرف لبنان وقدرته على المساهمة فيها”.
ويتابع غبريل: أكرّر ما حذّرت منه خلال اجتماعات اللجنة المذكورة، وهو التنبّه إلى التالي:
– أولاً: قدرة المصارف على تلبية كل السحوبات، قبل تحديد رقمها الأعلى والأدنى.
– ثانياً: مدى قبول مصرف لبنان بإشراك نفسه في تلبية السحوبات الشهرية الواردة في المشروع، لأن الدولارات النقدية الموجبة وفق التعميم 158 يتأمّن نصف مجموعها من مصرف لبنان وكذلك الأمر بالنسبة إلى التعميم 161.
تجدر الإشارة هنا إلى أن منح كل مودِع 800 دولار نصفها “فريش دولار” والنصف الآخر بالليرة اللبنانية وفق السعر الفعلي للسوق وفق المادة 6 المعدّلة في القانون، فهذا يتطابق مع التعميم الرقم 158 الصادر عن مصرف لبنان، لماذا إذاً لا يتم حصر هذه الآلية بالتعميم المذكور فقط؟!
– إن منع التحاويل إلى الخارج وفق القانون واستثناء ذلك لاستيراد بعض السلع الضرورية، خطوة ليست في محلها إن لم تكن هناك رؤية اقتصادية واضحة كي يُبنى قانون الـ”كابيتال كونترول” على أساسها لتحديد الاستثناءات.
وإذ يذكّر بأن هدف إقرار قانون الـ”كابيتال كونترول” منع تحويل العملة الصعبة إلى الخارج وتنظيم السحوبات في الداخل والحفاظ على احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية وعلى ما تبقى من سيولة للمصارف التجارية لدى المصارف المراسلة في الخارج”، يوضح غبريل أن الحديث عن “ودائع مؤهّلة وأخرى غير مؤهّلة لإخضاعها لقانون الـ”كابيتال كونترول”، هو في غير محله لأن هذا الأمر لا ينطبق على الـ”كابيتال كونترول” في ظل وجود 97 مليار دولار ودائع بالعملات الأجنبية، فهذا غير جائز على الإطلاق! بل يمكن تطبيقه في مشروع قانون “إعادة التوازن للقطاع المالي” الذي يحدّد مصير الودائع.
وليس بعيداً، يطالب غبريل بوجوب “أن يشمل قانون الـ”كابيتال كونترول” ليس الودائع المصرفية فحسب، بل الصرافين أيضاً والذين أصبحوا لاعبين أساسيين في الاقتصاد اللبناني الذي أصبح مدولراً نقداً… إذ لا يجوز ترك 80% من الاقتصاد فاعلاً حيث الصرّاف هو اللاعب الأساسي فيه، في مقابل حصر الـ”كابيتال كونترول” بالودائع المصرفيّة! فماذا يعود ينفع ذلك”.
ويرى غبريل ختاماً أن “هناك نية جديّة لدى مجلس النواب بإقرار مشروع قانون الـ”كابيتال كونترول” بغضّ النظر ما إذا كان هناك رئيس جمهورية أو لم يكن”.