لم تحدّد بعد وزارة الأشغال العامة والنقل التعرفة الجديدة لـ”السرفيس” التي ستعتمدها. لكنّ الأكيد أنّ التعرفة سترتفع وربما ستتجاوز الـ 3000 ليرة. وفيما يرفض المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي ورئيس اتحاد نقابات النقل البري بسام طليس تحديد التعرفة المحتملة، قبل الإثنين المقبل، موعد الانتهاء من دراسة التعرفة التي تعدها الوزارة، وفيما يتوقع طليس أن تتراوح التعرفة الجديدة بين 3 و5 آلاف، يؤكد القيسي لـ”نداء الوطن” أن التعرفة لن تتجاوز ضعف التعرفة الحالية، أي 4000 ليرة. وينتقد طليس بشدة تخلي وزير الإقتصاد راؤول نعمة عن دوره في ضبط الأسعار، ما يساهم أكثر بارتفاع كلفة النقل.
يشرح القيسي المعايير التي تعتمدها الوزارة لدراسة التعرفة وتحديد تعرفة جديدة. إذ تأخذ الدراسة بالإعتبار مجموعة من العناصر، كسعر صفيحة البنزين، وكلفة الصيانة الوقائية والدورية، وكلفة رسوم المعاينة والميكانيك. كذلك تأخذ الدراسة بالإعتبار استهلاك المركبة على مدى عشر سنوات، وهنا يشير القيسي الى أن دراسة الكلفة كانت تتم على أساس اعتماد مبلغ 20 ألف دولار كمعدل لسعر المركبة، “أي 30 مليون ليرة سابقاً، أما اليوم فيفوق المبلغ المئة مليون ليرة”. ويشير أيضاً إلى كلفة رسوم التأمين التي باتت تحسبها الشركات وفق سعر 2600 ليرة للدولار، إضافة إلى عناصر أخرى تأخذها الدراسة بالإعتبار. ويؤكد المدير العام أن الإعلان عن الدراسة سيتم مطلع الاسبوع المقبل وستعرض على الوزير للموافقة عليها.
وفي حين اعتصم عدد من سائقي السيارات العمومية أمام وزارة الداخلية أمس، للمطالبة بزيادة التعرفة وإلغاء رسوم الميكانيك لعامي 2019 و2020 وتأجيل سندات المصرف، وغيرها من الإجراءات، أكد طليس أن هؤلاء بادروا بالتحرك من دون قرار من النقابات. وفي الوقت الذي ينتظر فيه طليس ظهور نتائج الدراسة، يؤكد أنه تواصل مع وزير الإقتصاد وطالبه بلعب دور للحد من ارتفاع الأسعار لما لذلك من دور في تحديد الكلفة. “فكلفة تغيير الكولييه كانت بمعدل 40 ألفاً اليوم أصبحت 140 ألفاً. وزارة الاقتصاد لن تفعل شيئاً فقد تخلى الوزير عن مسؤولياته بضبط الأسعار، ويشكل طرحه برفع الدعم عن المواد الأساسية مصيبة ويدفع باتجاه الإنفجار الإجتماعي”. وعن حال السائقين يؤكد طليس أنهم يعانون للإستمرار، ونتيجة إجراءات التعبئة العامة وتقليل عدد الركاب، عمدوا إلى فرض بعض الزيادات بقرار منهم، وتجاوب المواطنون معهم.
في حديث لـ”نداء الوطن” يحكي محمد اللحام عن معاناته كسائق، “أعمل فقط من أجل تأمين لقمة العيش لا أكثر، تراكم عليّ منذ أشهر القسط المصرفي وأجرة اللوحة العمومية وإيجار المنزل”. ويعمل السائق يومياً بينما ترافقه الخشية من أن يصيب أي عطل سيارته. “منذ أيام اضطررت إلى استبدال قطعة صغيرة، فطلب المصلّح 20 دولاراً أو 105 آلاف ليرة، أي ما يساوي إجرة يومين من العمل”. ويدرك السائق جيداً أن معاناة الركاب لا تقل عن معاناته، “الناس المعترة هي التي تتنقل بالسرفيس، وحالتها بالويل. آخذ وضع البعض بالاعتبار، كذلك يبادر أحياناً بعض الركاب إلى دفع مبلغ اضافي من تلقاء أنفسهم”. ويلفت اللحام إلى جشع بعض شركات التاكسي التي تستغل السائقين. “فالشركات لا ترحم، كانت تطلب من السائق دفع مبلغ 75 دولاراً لقاء العمل معها. ورغم أنها أبقت على اعتماد سعر الصرف الرسمي غير أنها لم تخفض المبلغ بعدما خفضت أيام العمل بسبب “كورونا” ونظام المفرد والمجوز”.
وإن كانت زيادة التعرفة حقّاً للسائقين الذين يتحملون ارتفاع كلفة الصيانة بشكل جنوني، غير أنها بالمقابل تفرض مزيداً من الأعباء المنهكة على كاهل المواطنين. وهنا يطرح السؤال البديهي عن دور وزارة الأشغال في تأمين نقل عام مشترك، يؤمن بديلاً لجميع المواطنين بكلفة مقبولة. يبدو القيسي معتاداً على هذا السؤال، ويؤكد أن الوزارة وضعت في العام 2011 خطة متكاملة للنقل، بكلفة 70 مليون دولار، ولم ترصد لها الاعتمادات حتى تاريخه. “لو نفذت الخطة لكنا بألف خير ولوجد الناس بديلاً. أبدى البنك الدولي اهتمامه بالنقل وأعطى لبنان قرضاً لتأمين خطّ نقل بين بيروت وطرابلس، وخط آخر بين مرفأ طرابلس والحدود الشمالية، لكن تنفيذ المشروع يحتاج لسنوات. فعندما نحصل على تمويل يصبح الأمر في عهدة مجلس الإنماء والإعمار”. ويؤكد مدير النقل البري بأن وضعنا الإقتصادي كان ليكون أفضل لو نفذت الخطة. “إذ تبلغ كلفة النقل على سكة الحديد ثلث قيمة النقل بالشاحنات. ونحن لم نوفر جهداً لكن لم يرصد الاعتماد اللازم في الوقت المناسب”.