منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية على حزب الله واستهداف مناطق نفوذه بغارات متتالية، لا سيما الضاحية الجنوبية لبيروت التي تدكّ بشكل مركز ، لا يكاد يمر يوم الا ويحضر وضع مطار رفيق الحريري الدولي في صلب اهتمامات المسؤولين نظرا لموقعه عند اطراف الضاحية وتعرض شوارع قريبة منه للاستهداف، يراها المسافرون بالعين المجردة اثناء مغادرتهم او وصولهم ما يخلق حالة من الرعب والهلع في ظل حرب مع عدو شرس لا يفرق بين حزبيّ مسلح ومدني او مسعف، وفي غياب ما يضمن عدم استهداف الطريق المؤدي اليه.
كل المسؤولين المعنيين في الدولة اللبنانية يؤكدون حتى الساعة سلامة وامن المطار واتخاذ الاجراءات الامنية اللازمة كافة بما يبقيه في منأى عن ذرائع اسرائيل لقصفه بعدما قطعت اوصال لبنان مع الخارج برا باستهداف معبر المصنع الحدودي. مطلع الاسبوع الجاري رأس رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، اجتماعاً خصص لبحث الوضع في المطار شارك فيه وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، ووزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، وقائد الجيش العماد جوزف عون. وأعلن مولوي على الاثر: بحثنا خلال الاجتماع سبل التشدد في موضوع أمن المطار، وبنتيجة هذا الاجتماع سنعطي تعليمات مشددة لجهاز أمن المطار ولقائده ولكل عناصر الجهاز ليكونوا على جهوزية أكبر، لإجراء كل عمليات التفتيش والعمليات اللازمة لعدم ترك ثغرة في مطار رفيق الحريري الدولي، ولنؤكد ونتأكد بأن سمعة المطار باقية، ونبعد عنه أي خطر، مشددا على أن “كل الأذونات تصدر وفقاً للقانون ومن قبل الجيش، ونحن في جهاز أمن المطار سنتشدد في موضوع التفتيش”.
في الاعقاب ، افيد انه تم توسيع صلاحيات الجيش، ما دام موضع ثقة دولية، ليبقي العين مفتوحة على كل طائرة تهبط وفي يده منحها اذن الهبوط او عدمه ، كما ان قائد جهاز امن المطار العميد فادي كفوري، اصدر قرارا يقضي بتفتيش أمني لكل آلية تغادر منطقة الشحن على بوابة الخروج بعد إتمام المعاملات الجمركية وذلك لضمان إظهار عدم استخدام المطار لأغراض عسكرية تفاديًا لاستهدافه. فهل تكفي المواقف السياسية والاجراءات الامنية لإبقاء المطار في منأى عن الاجرام الاسرائيلي، خصوصا ان لا مطار آخر في البلاد يبقي لبنان موصولا بالعالم، ان استهدف مطار بيروت، علما ان نوابا كثر، لا سيما في المعارضة، بُحّت اصواتهم وهم ينادون منذ زمن بوجوب تشغيل مطار القليعات شمالا وغيره، وقدموا للمجلس النيابي اقتراحات للغاية لكن “على من تقرأ مزاميرك”؟ أعلى سلطة كلام ليلها يمحوه موقف مسؤول ايراني نهاراً؟
حتى اللحظة، تؤكد مصادر معنية بأمن المطار لـ”المركزية” انه في مأمن ولم يتعرض لأي تهديد اسرائيلي ، خصوصا بعد الاجراءات الامنية الاخيرة. وتنقل عن اوساط دبلوماسية غربية معلومات مفادها ان بعد تفجيراسرائيل شبكة الاتصال التابعة لحزب الله واغتيال امينه العام ومعظم قادته وكوادره، ومن اجل تجنيب لبنان الدولة تداعيات الحرب مع الحزب، أبرم “اتفاق شفهي”بين الجانبين الاميركي والاسرائيلي للتقيّد بخطوط حمر تشمل تحييد المطار والطريق المؤدي اليه، والبنى التحتية ،والجيش ومواقعه،ومؤسسات الدولة. استنادا الى الاتفاق هذا، وفّرت الدولة لشركة طيران الشرق الاوسط غطاء التأمين بعدما رفضت شركات التأمين العالمية توفيره ورفعت الفاتورة اضعافاً مضاعفة بفعل خطر الحرب.واستنادا الى موقف الدولة، وبعد ان امتنعت شركات الطيران العالمية عن ارسال طائراتها، تولت طائرات الشركة الوطنية مهمة نقل الركاب ذهابا وايابا حصرا. وابلغ لبنان ايران رفضه استقبال طيرانها بفعل تهديد اسرائيل بقصفه بحجة نقل السلاح الى بيروت، كما بادرت العراق الى وقف طيرانها خشية استهدافه بتهمة نقل سلاح للحزب او قياديين ايرانيين.
بعد 18 يوماعلى الحرب الاسرائيلية المباشرة على حزب الله ، يبقى مطار رفيق الحريري معبرا آمنا للبنانيين للوصول او لمغادرة لبنان. وعلى أمل ان يستمر، يبقى السؤال مشروعا: هل تلتزم اسرائيل بالاتفاق الشفهي لتحييد المطارام تضربه عرض الحائط، استنادا الى التجارب المريرة معها؟