توسعة أوتوستراد جونية تتكامل مع انطلاق العمل بمرفأ جونية

إنطلقت عجلة المؤسّسات الشرعية مع العهد الجديد، ومشهد افتتاح مرفأ جونية أول من أمس، كان الدليل على ذلك، وهو مشروع من إنجازات الرئيس الراحل فؤاد شهاب، واللافت أن اللبنانيين لا يزالون يعيشون اليوم في ظل المؤسّسات الرسمية والرقابية التي ولدت في عهده، فمنذ إنشاء مرفأ جونية في الستينات تحوّل بسرعة إلى قبلة للسياحة الأوروبية، بحيث كانت تجري على شواطئ جونية مباريات أولمبية وكرنفالات بحرية، توازي أهمية ما كان يمثّله السان جورج في بيروت في تلك الفترة.

ولا يمكن إغفال أن مرفأ جونية خلال الحرب قد شكّل متنفّساً للبنانيين من أجل السفر جراء عدم إمكان الانتقال إلى مطار بيروت، أو بسبب إقفال هذا المطار، فكانت مرحلة سوداء من تاريخ لبنان وتاريخ المرفأ الذي تعرّض للقصف، وسقط فيه شهداء من المدنيين والأطفال الذين كانوا يستعدون للانتقال بالبواخر إلى الخارج.

وتقول مصادر مواكبة لـ”الديار”، أنه خلال المرحلة الحالية التي تحمل عنوان بناء الدولة مع العهد الجديد، بدأ تركيز النائب نعمت افرام الذي يطالب منذ سنوات بإعادة تشغيل مرفأ جونية يلاقي أصداءً صاغية، وتمكّن من الحصول على الموافقات الدولية والمحلية من أجل إعادة مرفأ جونية إلى العمل، بحيث يصبح مرفأً معتمداً على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وذلك كمرفأ سياحي.

وفي الوقت الذي لم تكن الدولة تمتلك الإمكانات اللازمة لإعادة تجهيز المرفأ الذي وصل إلى حالة يرثى لها خلال السنوات الماضية بسبب الإهمال، تابعت المصادر، قام القطاع الخاص بالوقوف إلى جانب الدولة عبر شراكة سمحت بإعادة تجهيز المرفأ والمباني المحيطة به وصالات السفر وآلات “السكانر” وأجهزة الكومبيوتر، وكل ما هو مطلوب من أجل عودته إلى العمل بشكل طبيعي وفق المعايير الدولية.

أما بالنسبة لما سيقدّمه مرفأ جونية اليوم، فتقول المصادر نفسها، إنه فتح خط بحري مع قبرص وتركيا، وأيضاً مع أوروبا، إضافة إلى ذلك، وهذا ما ذكره وزير الأشغال وليد رسامني، أن مرفأ جونية يمكن أن يؤدي دوراً كمحطة انتقال بين المرافئ اللبنانية طرابلس وبيروت وصيدا وغيرها، الأمر الذي سيخفّف من أزمة السير في لبنان.

أما عن قدرة استيعاب مرفأ جونية، فتشير المصادر، إلى أنه يستوعب باخرة تتّسع لأربعمئة راكب، فيما تستغرق مدة الرحلة من جونية إلى قبرص أربع ساعات، ويمكن للمسافرين الانتظار في مساحات هي عبارة عن صالة وحديقة قدّمتها بلدية جونية لهذا الغرض.

وبالنسبة لأهميته الإقتصادية، شدّدت المصادر على أن المرفأ يشكّل مرفقاً إقتصادياً هاماً لجونية وللبنان، خصوصاً وأن غالبية اللبنانيين يسافرون للعمل والدراسة في الخارج، ويعودون خلال الصيف لزيارة ذويهم، وبالتالي فهم سيمضون رحلة بحرية في طرق العودة بأسعار منافسة لأسعار تذاكر الطيران في مواسم الذروة.

وتتابع المصادر المواكبة، أن الخطوة الأهم، فهي التعامل المباشر مع السطات القبرصية التي تستقطب سنوياً خمسة ملايين سائح خلال الصيف وأوائل الخريف، ولذا، فإن لبنان، وعبر وزارتي السياحة والخارجية، سيكون قادراً على التفاعل لاستقطاب عدد غير قليل من السياح الأجانب إلى لبنان، ما سيساعد بتنشيط السياحة في كل أرجائه، وليس فقط في جونية، مع ما يعنيه ذلك من زيادة الإيرادات للخزينة اللبنانية، لا سيما إذا تم استقطاب نحو مئة ألف سائح على الأقلّ من ملايين السياح الأجانب من قبرص.

وعلى مستوى فرص العمل التي سيؤمّنها هذا المرفق الحيوي، فتتحدّث المصادر، عن استثمارات في المنطقة المحيطة به، بمعنى إقامة الفنادق وفتح مكاتب لتأجير السيارات، وارتفاع عدد المحلات التجارية وزيادة عدد المطاعم، ما سيحقّق نمواً إقتصادياً للمنطقة إنطلاقاً من مرفق رسمي وليس استثماراً خاصاً، وذلك فقط عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومن دون أي أكلاف تشغيلية مرتفعة.

توسعة الأوتوستراد

وأكدت المصادر المواكبة، أن واقع المرفأ ينسحب أيضاً على مشروع توسعة أوتوستراد جونية، والذي يعود إلى عشرات السنين ولكنه تعثّر بسبب المهاترات والمزايدات السياسية التي أدّت إلى خنقه في السابق، واليوم يعود العمل بهذا المشروع الحيوي، رغم أن المخالفات على طرفي الأوتوستراد لا تُعدّ ولا تحصى، فهناك تعديات يجب معالجتها، إضافة إلى الإستملاكات، وكان يجب تنفيذه منذ تسع سنوات، ومن شأن توسعة الأوتوستراد الذي تمرّ عليه يومياً أكثر من 200 ألف سيارة بالإتجاهين ستسمح للمواطنين بالتقاط الأنفاس، ومشاهد الزحمة هذا الصيف كافية لنقل معاناة المواطنين من أبناء المنطقة وغيرها من المناطق، وستشكّل خطوة مهمة وضرورية، وإن كانت غير كافية لحل أزمة الإنتقال بين المناطق.

أما عن موعد بدء التنفيذ، تكشف المصادر ذاتها، بأن وزارة الأشغال على جهوزية تامة للبدء بالعمل منذ اليوم، ولكن هناك اعتراضات دفعت إلى تأجيل الأعمال لمدة أسبوعين لمعالجتها.

مصدرالديار - فادي عيد
المادة السابقةمغارة الكازينو: أرباح بملايين الدولارات وتبييض أموال
المقالة القادمةوزير الاتصالات دشّن مركز بيانات “ألفا” الجديد: سيشهد القطاع نقلة نوعية حتى نهاية العام