توقعات بتعديلات جوهرية لقواعد رأسمال المصارف الأميركية بموجب اتفاقية «بازل»

تتوقع مصادر في «وول ستريت» أن يخفّض المنظمون الأميركيون بشكل كبير متطلبات رأس المال الإضافي التي يتعين على المصارف الاحتفاظ بها بموجب قاعدة مقترحة واجهت معارضة شديدة.

وكشف المنظمون المصرفيون بقيادة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في يوليو (تموز)، عن اقتراح «بازل 3» لإصلاح كيفية قيام المصارف التي تزيد أصولها عن 100 مليار دولار، باحتساب الأموال النقدية الواجب تخصيصها من أجل تغطية واستيعاب أي خسائر محتملة، وفق «رويترز».

وكشفت الوكالات عن خطة لزيادة رأس المال الإجمالي لنحو 36 جهة إقراض متضررة بنسبة 16 في المائة تقريباً. ومن المرجح أن يشهد هذا الرقم انخفاضاً حاداً مع بدء المنظمين بإجراء مراجعة شاملة لمسودة الخطة، وفقاً للمصادر التي أشارت إلى أن المناقشات التنظيمية لا تزال في مراحلها الأولى ولم يتم اتخاذ أي قرارات. وأكدت الوكالات أنها تحلل مئات التعليقات العامة والبيانات من المصارف حول تأثير الاقتراح.

وأفاد ثلاثة أشخاص بأن أكبر وفورات في رأس المال ستنتج عن تغييرات في كيفية احتساب المصارف للخسائر المحتملة من المخاطر التشغيلية، وهي العنصر الأكثر تكلفة في الاقتراح. وفي هذا السياق، مارست المصارف ضغوطاً على الهيئات التنظيمية لخفض أوزان المخاطر المتعلقة بدخل الرسوم المرتبطة بخدمات الإقراض، مثل الخدمات المصرفية الاستثمارية.

ومن المتوقع أيضاً أن يلغي المسؤولون أو يخفضوا أوزان المخاطر الأعلى على الرهن العقاري للمقترضين ذوي الدخل المنخفض، بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية للطاقة المتجددة، وفقاً للمصادر.

وقال ثلاثة أشخاص إن نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي للإشراف مايكل بار بدأ في إعادة كتابة الاقتراح بالعمل مع رئيس مجلس الاحتياطي جيروم باول. وقال مسؤول حكومي إن باول، الذي سيدلي بشهادته أمام الكونغرس، يسعى إلى إجراء تغييرات «جوهريّة».

وأضاف التقرير أن مايكل بار أبدى استعداده للنظر في إجراء تعديلات، بما في ذلك أوزان المخاطر على الرهن العقاري وحسابات مخاطر التشغيل، إلا أن حجم تخفيض رأس المال المتوقع وتفاصيل أخرى لمناقشات الوكالة يتم الكشف عنها لأول مرة هنا.

معارضة «وول ستريت»

تسعى «وول ستريت» بجدية لإحباط مقترح الإصلاح المالي، مستخدمةً مجموعة متنوعة من الأساليب، مما أثار انتقادات من المشرعين، حتى من بعض الديمقراطيين البارزين. ولجأت المصارف إلى حملات إعلانية وتوعية شعبية، وضغطت على الكونغرس، وأشارت إلى أنها قد تلجأ إلى المحاكم. كما حثت الجهات التنظيمية على إلغاء المسودة وإعادة تقديمها.

وقال الرئيس السابق للاتحاد المستقل لمصرفيي المجتمع في أميركا والذي قاد حملات ناجحة لإخراج المصارف الصغيرة من قواعد ما بعد الأزمة، كامدن فاين: «لا أتذكر أي شيء بهذه الشدة على الأقل، في الـ25 عاماً الماضية».

ولم يقرر المسؤولون ما إذا كانوا سيعيدون تقديم القاعدة، وفقاً لثلاثة أشخاص، مما سيؤخر إكمالها وقد يدفعها إلى إدارة رئاسية جديدة.

وقال بار إن القواعد ستعزز النظام المصرفي ضد الصدمات غير المتوقعة التي أكدتها حالات إفلاس المصارف في العام الماضي. كما أشار إلى أن ادعاءات المقرضين بعد الأزمة المالية العالمية 2007 – 2009 بأن قواعد رأس المال الأعلى ستضر بالاقتصاد لم تتحقق.

ورفض المتحدثون باسم مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية (إف دي آي سي) ومكتب مراقب العملة (أو سي سي)، اللذين صاغا القاعدة معاً، التعليق.

وقال الرئيس التنفيذي لمنتدى الخدمات المالية الذي يمثل المصارف العالمية، كيفن فرومر: «إن المعارضة لمقترح (نهاية بازل 3) تأتي من كل قطاع في اقتصادنا. نأمل أن تتحلى الوكالات بالمسؤولية وتستمع إلى هذه المخاوف وتعمل على إيجاد طريق للمضي قدماً بما يدعم اقتصادنا».

نقاط خلافية

ويقترح اتفاق «بازل» تطبيق معايير رأس المال الدولية التي اتفقت عليها لجنة «بازل» لمراقبة المصارف في أعقاب الأزمة المالية العالمية. وتقول المصارف إن المسودة تتجاوز اتفاق «بازل» وتبالغ في تقدير مخاطرها.

واستعان معهد سياسة المصارف، وهي مجموعة مصرفية، بالمحامي البارز ووزير العمل السابق يوجين سكاليا لبناء دعوى قضائية محتملة، وفقاً لأحد المصادر. وأفاد مصدران آخران بأن شدة المعارضة فاجأت المسؤولين.

كما يواجه المنظمون معارضة نادرة داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي. إذ صوت الحكمان ميشيل بومان وكريستوفر والر ضد الاقتراح، قائلين إنه سيضر المقترضين. كما أعرب نائب الرئيس فيليب جيفيرسون وحتى باول نفسه عن شكوكهما.

وقال سكاليا إن هذا الخلاف الداخلي يمكن أن يكون «بالغ القيمة» أيضاً عند التقاضي، حيث يُظهر للمحكمة أن حتى الخبراء منقسمون بشأن هذا الموضوع.

وأخبر باول الصحافيين في نوفمبر (تشرين الثاني) أن الاحتياطي الفيدرالي سيصل إلى قاعدة نهائية تحظى بدعم واسع على مجلس الفيدرالي.

ومنذ سبتمبر (أيلول)، عقد موظفو الفيدرالي وبول وبار وبومان وجيفيرسون مجتمعين ما لا يقل عن 50 اجتماعاً أو مكالمة مع مئات من المديرين التنفيذيين في الصناعة حول «بازل»، كما تظهر سجلات الاحتياطي الفيدرالي.

وتظهر السجلات أن باول ناقش بازل مع المديرين التنفيذيين لشركة «غولدمان ساكس» و«باركليز». كما التقى رئيس الاحتياطي الفيدرالي أو تحدث مع مصرفيين آخرين كبار في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك الرؤساء التنفيذيون لشركة «جي بي مورغان» و«بنك أوف أميركا».

وسيواجه مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي تحدياً آخر يتمثل في التوصل إلى اتفاق مع مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية التي يرأسها مارتن غروينبيرغ، وهو من منتقدي «وول ستريت».

وقال شخصان إن مسودات «بازل» الأولى كانت أضعف. وقال شخص آخر مطلع على المنظمين إن إحدى تلك المسودات، من أوائل عام 2023، كانت تتوقع زيادة أحادية الرقم في رأس المال. لكن بعض المسؤولين، وخاصة في «إف دي آي سي»، دفعوا نحو زيادات أكبر لرأس المال، خاصة بعد انهيار مصرف سيليكون فالي.

ويأمل بعض المسؤولين في إكمال القاعدة بحلول هذا الصيف، لكن هذا الجدول الزمني قد يثبت أنه طموح للغاية، كما قال مسؤول تنظيمي.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةارتفاع عوائد سندات منطقة اليورو قبيل اجتماع «المركزي الأوروبي» وشهادة باول
المقالة القادمةسوق الطوابع كسوق الدولار: تواطؤ من أعلى الهرم الى أسفله