كل التوقعات تشير إلى أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التابعة للاحتياطي الفيدرالي سوف تقرر زيادة بواقع 25 نقطة أساس خلال اجتماعها ليومين في 25 و26 يوليو (تموز)، إلى نطاق 5.25 في المائة – 5.50 في المائة. وهو الذي توصل إليه استطلاع أجرته «رويترز» مع 106 من الاقتصاديين الذين أجمعوا على هذا المقدار من الزيادة، في الوقت الذي يرى الكثيرون أنها ستكون الأخيرة في دورة التشديد الحالية.
التضخم الأميركي آخذ في الانخفاض، مع تباطؤ مؤشر أسعار المستهلك الرئيسي إلى 3 في المائة في يونيو (حزيران) من 4 في المائة في مايو (أيار)، وهو ما أفضى إلى استنتاج توصل إليه العديد من المراقبين في وول ستريت إلى أن الاحتياطي الفيدرالي ينجح في عملية ترويض التضخم. وهو ما دفع البعض إلى تجديد الرهانات بأن خفض أسعار الفائدة يمكن أن يحدث بحلول نهاية عام 2023.
وفي تصريح يشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سينتهي من تشديده النقدي بعد زيادة واحدة فقط، قال كريستوفر والر، وهو مسؤول كبير في المصرف المركزي الأميركي، يوم الخميس، إن الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج إلى تنفيذ زيادتين أخريين في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة هذا العام للسيطرة على التضخم.
أضاف والر، المحافظ وهو أحد أكثر الأعضاء تشدداً في لجنة تحديد أسعار الفائدة في المصرف المركزي، إنه قد يضغط من أجل زيادة ثانية في سبتمبر (أيلول) أو في وقت لاحق من هذا العام اعتماداً على البيانات الاقتصادية الواردة.
وقال: «إذا لم يستمر التضخم في إظهار التقدم ولم تكن هناك اقتراحات بحدوث تباطؤ كبير في النشاط الاقتصادي، فيجب أن يأتي الارتفاع الثاني بمقدار 25 نقطة أساس عاجلاً وليس آجلاً، لكن هذا القرار للمستقبل».
لكن التضخم الأساسي الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة، يظل مرتفعاً وإن تباطأ قليلاً في يونيو، وهو في مستوى 4.8 في المائة أي أبعد من مستهدفات الاحتياطي الفيدرالي البالغة 2 في المائة.
وكان رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ومسؤولون آخرون في المصرف المركزي قالوا الشهر الماضي إن المزيد من التشديد قادم، على الرغم من أنهم قرروا إيقاف رفع أسعار الفائدة في اجتماع السياسة الشهر الماضي.
تقول «رويترز»، «إنه يبدو» أن الرأي القائل بأن أسعار الفائدة ستبقى أعلى لفترة أطول يكتسب زخماً، مع انخفاض نسبة المشاركين في الاستطلاع خلال الفترة من 13 يوليو إلى 18 منه الذين توقعوا خفضاً واحداً على الأقل في سعر الفائدة بحلول نهاية مارس (آذار) من العام المقبل بشكل حاد إلى 55 في المائة من 78 في المائة الشهر الماضي.
يقول جان نيفروزي، وهو استراتيجي أسعار الفائدة الأميركية في «ناتويست ماركتس»: «نحن لا نريد الاندفاع إلى الأمام ونقول إن المعركة ضد التضخم قد انتصرت، كما رأينا في الماضي».
يبدو أن الاقتصاديين ومتداولي الأسواق المالية لا يزالون غير متوافقين قليلاً مع الاحتياطي الفيدرالي.
وتشير أحدث توقعات من أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى أن سعر الفائدة بين عشية وضحاها سيبلغ ذروته عند 5.50 في المائة – 5.75 في المائة، لكن 19 فقط من 106 اقتصاديين استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا أنه سيصل إلى هذا النطاق.
ولا يزال الاقتصاديون قلقين من أن التضخم قد لا ينخفض بالسرعة الكافية. وقال 20 من أصل 29 مجيباً عن سؤال إضافي في الاستطلاع إن التضخم الأساسي سيكون أقل قليلاً أو سيبقى حول المستوى الحالي الذي يقل قليلاً عن 5 في المائة بحلول نهاية العام.
وقال دوغ بورتر، كبير الاقتصاديين في «بي إم أو كابيتال ماركتس»: «في حين أن الأرقام الأخيرة مشجعة، فإن المعركة الحقيقية تبدأ الآن؛ حيث إن التأثيرات الأساسية السهلة أصبحت الآن وراءنا»، في إشارة إلى حقيقة أن التضخم انخفض كثيراً في يونيو جزئياً لأنه كان مرتفعاً جداً في الوقت نفسه من العام الماضي.
وأظهر الاستطلاع أنه من المتوقع أن يتراجع سوق العمل القوي بشكل طفيف، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 4 في المائة من 3.6 في المائة حالياً بحلول نهاية عام 2023.
المصرف المركزي الأوروبي
وفي اليوم التالي لاجتماع الاحتياطي الفيدرالي، يعقد نظيره الأوروبي اجتماعه للسياسة النقدية في 27 يوليو الجاري.
وكذلك بالنسبة للقرار المتوقع، ينتظر أن يرفع المصرف المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس، مع ترقب زيادة أخرى في سبتمبر.
إشارة هنا إلى أن التضخم في منطقة اليورو قد انخفض بمقدار النصف تقريباً، إلى مستوى إلى 5.5 في المائة في يونيو من ذروة بلغت 10.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن هذا لم يكن كافياً لردع المصرف المركزي الأوروبي، الذي قالت رئيسته كريستين لاغارد إن التضخم «من المتوقع أن يظل مرتفعاً للغاية لفترة طويلة جداً» وكان لديه «المزيد من الأرض لتغطية».
بعد ثماني زيادات متتالية في أسعار الفائدة منذ يوليو 2022 بإجمالي 400 نقطة أساس، يناقش المستثمرون والمحللون الآن بشدة عدد الزيادات الإضافية المطلوبة والمدة التي يجب أن تظل فيها الأسعار مرتفعة لتحقيق التضخم إلى هدف 2 في المائة.
ويرى 40 اقتصادياً من بين 75 استطلعت «رويترز» آراءهم، ارتفاعاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر.
وإذا تحقق ذلك، فإن ذلك سيأخذ سعر الفائدة على الودائع إلى أعلى مستوى له منذ إطلاقه لأول مرة بوصفه أداة للسياسة العامة في عام 1999.