رفعت توقعات متفائلة الطلب النفطي وأسعار الخامات في العام المقبل 2021، وسط مراجعة معظم الشركات المتخصصة في أبحاث الطاقة لتوقعاتها قبيل نهاية العام. في هذا الصدد، رفعت نشرة بلاتس الأميركية المتخصصة في الطاقة أمس الأربعاء، توقعات الطلب العالمي على النفط في العام المقبل بنحو نصف مليون برميل يومياً إلى 6.3 ملايين برميل يومياً مقارنة بمستويات الطلب الحالية.
وأشارت بلاتس التابعة لوكالة التصنيف الأميركية “ستاندرد آند بوورز”، إلى أن توقعاتها برفع الطلب جاءت بسبب احتمال انحسار موجة كورونا بعد الإعلان عن نجاح اللقاحات ونمو الطلب على المشتقات النفطية في آسيا، خاصة في الصين والهند، وهما الاقتصادان الكبيران إلى جانب اليابان في استهلاك الطاقة.
يذكر أن الصين تعكف منذ شهر مارس/ آذار الماضي على زيادة وارداتها من الخامات النفطية بهدف ملء الخزانات الاستراتيجية، كما شجعت شركاتها على زيادة مشترياتها من الخامات الرخيصة، خاصة خلال شهور الانهيار الكبير في أسعار الخامات خلال الربع الثاني من العام الجاري.
وبناء على توقعات نشرة بلاتس الصادرة أمس الأربعاء، فإن الطلب النفطي ربما سيبلغ 99.53 مليون برميل في العام المقبل. وبنت النشرة النفطية توقعاتها على أساس تراجع الانكماش الاقتصادي وحدوث انتعاش قوي في آسيا خلال العام المقبل.
يذكر أن جائحة كورونا، وما سببته من تداعيات إغلاق النشاط الاقتصادي في العديد من الدول الصناعية، والعزل الاجتماعي، قد ضربت الطلب العالمي على المشتقات النفطية بنحو 8 ملايين برميل يومياً. وكانت شركة بريتش بتروليوم قد ذكرت في توقعاتها السنوية الصادرة في سبتمبر/ أيلول الماضي أن الطلب العالمي على النفط لن يرجع إلى مستوياته البالغة 100 مليون برميل يومياً قبل الجائحة.
في هذا الصدد توقعت النشرة الأميركية أن تنكمش الاقتصادات الآسيوية في المتوسط بنسبة 2% خلال العام الجاري، ولكنها ستعود للنمو بنسبة 7% خلال العام المقبل 2021. وهذا المعدل من النمو من المتوقع أن يرفع الطلب العالمي على الخامات النفطية، وبالتالي سيساهم في ارتفاع الأسعار.
وتوقعت بلاتس أن ينمو الطلب النفطي في آسيا بنحو 1.7 مليون برميل يومياً في العام المقبل. ولكن في مقابل ارتفاع الطلب هنالك مخاوف وسط المضاربين على العقود المستقبلية للنفط من زيادة المعروض من بعض الدول داخل وخارج منظمة “أوبك”، خاصة ارتفاع الإنتاج الليبي وإنتاج المكسيك، وربما تحدث تجاوزات في الحصص من قبل بعض الأعضاء في تحالف “أوبك+”.
على صعيد توقعات الأسعار، رفعت وكالة فيتش الأميركية توقعاتها لأسعار النفط إلى 42.7 دولاراً لخام برنت في المتوسط خلال العام الجاري وإلى 53 دولاراً للبرميل، على أن تواصل أسعار النفط دورة الانتعاش النفطي لتصل إلى 60 دولاراً للبرميل في العام 2024. وسعر 60 يحمل مخاطر على خامات أوبك، لأنه سيعني العودة القوية للخامات الصخرية الخفيفة في أميركا إلى السوق العالمي.
أما مصرف “آي أن جي” الهولندي فقد رفع توقعاته لأسعار النفط في العام المقبل إلى 55 دولاراً لخام برنت، وأشار إلى أن الأسعار كان يمكن أن تحقق أداء أفضل خلال العام الحالي لولا ارتفاع إنتاج بعض الدول والمخزونات النفطية الفائضة والعائم بعضها في البحار والآخر في خزانات الشركات.
من جانبها، رفعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها لمتوسط سعر خام برنت للعام الجاري، من 40.61 دولاراً إلى 41.43 دولاراً للبرميل. كما رفعت المؤسسة التابعة لوزارة الطاقة الأميركية متوسط سعر خام برنت في العام المقبل إلى 48.53 دولاراً من 46.59 دولاراً.
وقالت إدارة معلومات الطاقة مساء الثلاثاء، إنه من المتوقع تراجع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام بمقدار 910 آلاف برميل يومياً في 2020 إلى 11.34 مليون برميل يومياً، وهو نزول أكبر مما شملته توقعات سابقة حيث كان عند 860 ألف برميل يومياً.
وتتوقع الإدارة أيضاً انخفاض استهلاك الولايات المتحدة من البترول وأنواع الوقود السائل الأخرى 2.38 مليون برميل يومياً إلى 18.16 مليون برميل يومياً في 2020، وذلك دون تغيير عن توقعاتها السابقة.
وتنظر أسواق الطاقة بتفاؤل لاحتمال انتقال سلس للسلطة في الولايات المتحدة وإجازة حزمة تحفيز أميركية تفوق تريليوني دولار تؤدي إلى خروج الاقتصاد الأميركي من الركود الحالي إلى النمو في النصف الثاني من العام. وتعد السوق الأميركية التي تستهلك نحو 20 مليون برميل يومياً، أكبر سوق للطلب النفطي في العالم، تأتي بعدها الصين.
ويذكر أن أسعار النفط سجلت ارتفاعاً بأكثر من 1% أمس الأربعاء مدفوعة بالتفاؤل بلقاحات كورونا، وآمال حزمة التحفيز بالولايات المتحدة، وذلك رغم استمرار المخاوف بشأن وفرة المعروض. وارتفع سعر خام برنت القياسي 1.1% إلى 49.38 دولاراً للبرميل، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 1.2% إلى 46.13 دولاراً.
يذكر أن احتمالات فعالية لقاح كوفيد-19 دعمت أسواق النفط هذا الأسبوع، إذ قدمت شركة فايزر الأميركية في وقت سابق، طلباً للترخيص في الولايات المتحدة كما حصلت على موافقة في بريطانيا. ورغم هذه التوقعات المتفائلة، فإن نجاح اللقاحات في محاصرة جائحة كورونا، وعودة الاقتصادات الكبرى لدورة نشاطها الاعتيادي، يعدان العامل الحاسم في تحديد الطلب النفطي العالمي وبالتالي مستويات الأسعار.