يتقدم قطاع التأمين بالخسائر التي أصابته جراء الأزمة على غيره من القطاعات الانتاجية والخدماتية. فالأكلاف لم تقتصر على انخفاض حجمه وتراجع عدد زبائنه كغيره من القطاعات، إنما باضطراره إلى التعويض عن نفسه وعن غيره نتيجة الانهيار. فهو “تحمّل في فترة لا تتجاوز السنتين: تخلّف الدولة والمصارف عن سداد ودائعه وتوظيفاته في السندات، زيادة أعباء الإستشفاء بسبب جائحة كورونا، والتعويض عن “زلزال” انفجار المرفأ”، يقول الرئيس التنفيذي للشرق الاوسط وشمال أفريقيا في شركة Allianz “أليانز” أنطوان عيسى، وعلى الرغم من تأثير تسارع الانهيار وكبر حجمه السلبي على بعض الشركات، فانه “لا يوجد هناك إقتصاد يعيش من دون تأمين”.
وعليه يرى عيسى أنه “في فترات الإنكماش يدخل إلى السوق أشخاص جدد. خصوصاً إن كانوا يتقاضون دخلهم أو تصلهم تحويلات بالدولار النقدي. وهذه النسبة تقدر في السوق اللبناني ما بين 25 و30 في المئة يتقاضون الدولار النقدي ويتطلعون الى الحصول على المنتجات الجديدة بـ”الفريش دولار”.
هذا الواقع سيزيد التنافسية في سوق التأمين بشكل كبير جداً. خصوصاً في المرحلة الأولى من الأزمة، وقبل دولرة الأقساط بشكل كامل. يرافقه، التوقع بانخفاض أعداد المؤمنين بشكل عام، واستشفائياً بشكل خاص من نحو 750 ألفاً إلى ما بين 350 و400 ألف مؤمن فقط. وبالتالي فان الشركات التي ستقدم التسهيلات بالدفع وتغطي المخاطر بنسبة 100 في المئة من دون تحميل المؤمن أي فروقات ستقطف السوق. وستجذب العملاء من غير شركات. وهذا ما “لا يمكن أن يتم من دون وضوح وشفافية”، يقول عيسى. فنحن مثلاً كنا من أوائل الشركات التي بدأت تقاضي البوالص باللولار، ودفعنا ثمنها خسارة ما بين 15 و17 في المئة من زبائننا، وتحديداً في الشريحة التي ليس بمقدرتها الدفع، والمستثمرون في التأمين على الحياة.
إلا أن همّنا كان تأمين التغطية الشاملة سواء كان في الحوادث أو الاستشفاء أو خلافه. إنطلاقاً من مبدأ التأمين الأساسي، فإن التأمين وقت الحادث وليس وقت تسديد الأقساط. وقتها كان تقاضي البوالص على سعر 1500 ليرة سيحتم على المؤمن تحمل الفرق. وهذا ما لم نرض به في الأمس، ولن نرضاه اليوم مع استمرار انهيار الليرة، حيث بدأنا منذ 4 أشهر برامج الفريش دولار. ذلك إلى جانب اتاحة في بعض القطاعات تسديد البوليصة مناصفة بين اللولار والدولار. إلا أنه حتى هذه المرحلة ستنتهي قريباً، ولن يبقى إلا التسديد بالدولار النقدي في حال أردنا التغطية مئة في المئة. فالاقتصاد لا يمكن أن يستمر بناء على عملة وهمية.
هذا الواقع يترافق مع طلب المستشفيات من شركات التأمين التسديد 100 في المئة بالدولار النقدي عن الكثير من الأعمال الطبية، أو أقله 50 في المئة نقداً و50 في المئة لولار، أو بواسطة شيك مصرفي عن بقية الأعمال. إلا أن التوجه العام في التأمين الصحي هو للدولار النقدي، بحسب عيسى. إلا أنه في بعض الحالات لا يمكن إلا القبول بالدولار النقدي وذلك على غرار التأمين البحري على السفن أو الماكينات في المصانع. إذ لا ينفع المؤمن للتعويض عن الضرر إلا التأمين بشكل كامل بالدولار”.
كلما سرّعنا في الحل الاقتصادي عبر الاصلاحات وبمساعدة صندوق النقد الدولي كلما طوينا صفحة الانهيار أسرع. فمن المستحيل النهوض بقطاع التأمين وبقية القطاعات الانتاجية والخدماتية إذا بقي القطاع المصرفي على حاله”، يؤكد عيسى. فـ”الكل على السفينة نفسها وانقاذها من الغرق مسؤولية الجميع”.