اختتم مجلس الوزراء، مساء امس الثلاثاء، جلسته المخصّصة لمناقشة مشروع قانون الفجوة الماليّة، والتي امتدّت لأكثر من 9 ساعات، تخلّلتها فترة استراحة واحدة. وفي ختام الاجتماع المسائي، أشار وزير الإعلام بول مرقص إلى أنّ البحث وصل إلى المادّة الثامنة من مشروع القانون، على أن يواصل المجلس مناقشاته يوم الجمعة المقبل. وكشف مرقص عن الاتفاق على مبدأ أساسي في جلسة اليوم، وهو أنّ “لا يقل التسديد للمودعين عن 1500 دولار أميركي شهرياً”. مع الإشارة إلى أنّ جلسة اليوم تلت الجلسة الأولى لمجلس الوزراء يوم أمس الإثنين، والتي بدأ خلالها المجلس مناقشة مشروع القانون، بعد البت ببنود أخرى.
نقاشات الجلسة الصباحيّة
وبحسب معلومات “المدن”، تركّز جزء كبير من نقاشات الجلسة الصباحيّة على الجانب المرتبط بتمويل المشروع، حيث طرح وزراء القوّات اللبنانيّة تساؤلات حول قدرة المصارف ومصرف لبنان على توفير السيولة لتسديد الودائع في المرحلة الأولى، والتي تصل لغاية أربع سنوات. كما شهدت الجلسة نقاشاً ما بين حاكم مصرف لبنان كريم سعيد من جهة، ووزير الماليّة ياسين جابر من جهة أخرى، بشأن الديون المختلف على صحّتها بين الوزارة والمصرف، والتي يعتبرها مصرف لبنان ديناً مسحقاً لمصلحته، على الدولة اللبنانيّة.
وحتّى انتهاء الجلسة الصباحيّة، لم يكن مجلس الوزراء قد أنجز سوى المادّة الرابعة، التي تتناول مراحل التدقيق في ميزانيّة مصرف لبنان، وتقييم الحجم الفجوة الموجودة في الميزانيّة، ثم خضوع المصارف لإعادة تقييم في الأصول وفقاً لتوظيفاتها في المصرف المركزي وانكشافها على المطالبات غير المنتظمة. مع الإشارة إلى أنّ المجلس عاد وراجع بعض التعريفات، الواردة في المادّة الثانية من مشروع القانون.
وعقب تلك الجلسة، تحدّث وزير الإعلام بول مرقص مشيراً إلى أنّ المجلس ناقش “كلفة تطبيق هذا القانون”، كما بحث في “احتسابات معينة نتيجة العمل بكيفية تسديد الودائع”، فضلاً عن “جداول مالية من أجل حسن صياغة هذا القانون”. ورأى مرقص أن “الهاجس هو كسب ثقة المواطنين وليس فقط كسب ثقة المجتمع الدولي، على أهميته، وتثبيت حقوق المودعين في الضمانة التي تعرفونها، وهذا رهان محسوب وليس مجازفة”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ رئيس حزب القوّات اللبنانيّة كان قد مهّد مسبقاً لاعتراض وزرائه على مشروع القانون، عبر تصريحات رأى فيها أنّ “الصيغة المطروحة اليوم أفضل من القوانين التي قُدّمت سابقًا، إلّا أنّها لا تزال قاصرة إلى حدّ كبير عن تلبية المتطلّبات اللازمة لكي تُعدّ قانونًا فعليًا وشاملًا”. وعبّر جعجع عن اعتقاده بأنّه “مهما تنوّعت التقنيات، وكثرت التفاصيل، وتشعّبت الآليات، يبقى الجوهر واحدًا: إمّا أن يعيد القانون الودائع، وإمّا لا. فإذا لم يُعدها، فنحن ضده، ولهذا السبب تحديدًا نقف في موقع المعارض له”.
في المقابل، وخلال ساعات النهار، أفادت معلومات بأن حاكم مصرف لبنان كريم سعيد أبدى خلال الجلسة دفاعاً عن مشروع القانون المطروح، مشيراً إلى أنّ المصرف المركزي كان “جزءًا من إعداد مشروع قانون الفجوة الماليّة”، وأنّ هذا المشروع يستند إلى أسس متينة ومبادئ اقتصاديّة سليمة. وبهذا الشكل، أعاد سعيد تبنّيه لمشروع القانون، بعد كلام إيجابي مماثل أطلقه خلال جلسة يوم أمسٍ الإثنين.
مُستجدات الجلسة المسائيّة
وكانت الجلسة المسائيّة قد باشرت في المادّة الخامسة من مشروع القانون، بما تشمل من بنود تحدّد “الأصول غير المنتظمة”، التي يفترض أن يتم تنقية الميزانيّات المصرفيّة منها، ومنها على سبيل المثال الفوائد الناتجة عن الهندسات الماليّة والأرباح المفرطة والودائع عن الناتجة عن تحويلات من الليرة إلى الدولار بالسعر الرسمي. كما شملت النقاشات المادّة السادسة، التي تحدّد آليّات تنقية الميزانيّات من هذه الأصول، وهو ما سيؤدّي إلى خفض إجمالي الالتزامات المتوجبة على مصرف لبنان والمصارف التجاريّة بالتوازي.
ولاحقاً، انتقل البحث إلى المادّة السابعة، والتي تحدّد كيفيّة مطابقة البيانات بين المصارف ومصرف لبنان، عبر تخفيض التزامات مصرف لبنان للمصارف التجاريّة، بالتوازي مع تخفيض التزامات المصارف التجاريّة للمودعين. وأخيراً، شمل الجزء الأخير من الجلسة البحث في البنود المخصّصة لآليّات تسديد الودائع، والتي تحدّد كيفيّة التدرّج في تسديد كل وديعة إلى حدود المئة ألف دولار أميركي، وتحويل المبالغ التي تتجاوز هذا الحد إلى سندات تستحق خلال فترات تتراوح بين 10 و20 سنة. مع الإشارة إلى أنّ المجلس ترك بعض الفقرات التي تحتاج إلى مزيد من الدراسة، بخصوص هذه الآليّات.
وعقب الجلسة أشار مرقص إلى أنّ أبرز الخلاصات التي توصّل إليها المجلس كانت “حفظ التزامات الدولة تجاه مصرف لبنان، وتعريف الفجوة الماليّة بالتعاون مع مصرف لبنان”. كما أشار مرقص إلى أنّ المجلس قرر حفظ مسألة التدقيق الجنائي، والرجوع بالمكافآت والأرباح المفرطة التي كانت توزّعت على المساهمين وكبار مستخدمي المصارف منذ العام 2016، والتي سُحبت وحولت إلى الخارج.
وكانت التعديلات التي قام بها مجلس الوزراء على مشروع القانون قد شملت أيضاً توسيع دائرة الأفراد الخاضعين للتدقيق، عند ملاحقة التحويلات إلى الخارج، لتشمل الوزراء وحاكم مصرف لبنان ونوابه، والمديرين الرئيسيين في مصرف لبنان، بالإضافة إلى رئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف وأعضاء المجلس المركزي. مع الإشارة إلى مشروع القانون ينص على تغريم أصحاب هذه التحويلات، في حال وجودها، بنسبة 30% من إجمالي الأموال المحوّلة، إلا في حال إعادتها إلى القطاع المصرفي.



