من دون رأفة، يستغلّ بعض مالكي المنازل والعقارات في لبنان الأزمة الاقتصادية ويعمدون إلى رفع بدلات الإيجار بشكل كبير ودولرتها بطريقة عشوائية وغير مدروسة، غير مكترثين بحال المستأجرين، الذين لا قدرة لدى غالبيتهم على تسديدها. ولا يقف هؤلاء عند هذا الحد، بل يلجأون، في بعض الأحيان، إلى تهديد المستأجر بطرده إلى الشارع، من دون حسيب ولا رقيب.
هذه الأزمة القديمة- الجديدة التي تنوء تحتها شريحة كبيرة من اللبنانيين، أثارتها مجدّداً اللجنة الأهلية للمستأجرين التي شدّدت على أنّ «المستأجرين بمختلف فئاتهم يتعرّضون لمؤامرة من كلّ حدّ وصوب»، وأنّ «حقّ السكن في خطر كبير وأوضاع السكان على المحّك»، معتبرةً أنّ «مجلس النواب لا يلعب دوره، والنقابات غائبة وأثبتت فشلها في لعب دورها، والأحزاب متواطئة».
واعتبرت أنّ «الضوابط على الإيجارات الحرّة أمر ملّح وضروري». وأشارت إلى أنّ «المجلس النيابي الجديد أثبت ابتعاده عن الإنسانية»، معتبرةً أنّه «تفوقّ على المجالس السابقة وعلى لجنة الإدارة والعدل السابقة فأقدم على تغليب حق الملكية متجاهلاً جهلاً مطبقاً قرار المجلس الدستوري رقم 1/2019، فإذا به يتبنّى خانعاً اقتراح نقابة المالكين الظالم على علاّته كما هو مع تعديلات طفيفة زادت الطين بلّة».
وأوضحت، أنّه «بدلاً من أن يقوم المشّرع في دوره في حماية الفريق الأضعف ومن لا يتمتعون بامتياز «الملكية» في ظل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يمرّ بها الوطن، أمعن في السياسة المنحرفة ذاتها المرتكزة على الريع بدلاً من الإنتاج. وتعامى كالنعامة عن أنّ أحد أهمّ مسبّبات الانهيار المالي في لبنان وهو اعتماد الاقتصاد الوطني على أرباحٍ جنونيةٍ وخيالية في القطاع العقاري».
ورأت أنّ لجنة الإدارة والعدل ومن بعدها اللجان المشتركة لم تدرك «المصلحة الاقتصادية والدورة الاقتصادية في البلد وتناست العّمال الذين سيخسرون عملهم جراء إقفال المؤسسات التي ستعجز عن دفع بدلات إيجار مرتفعة لا بل خيالية (8% من قيمة المأجور) خصوصاً أن الكلفة التشغيلية تتخطى المعقول بسبب فشل المجالس النيابية المتعاقبة عن القيام بدورها الرقابي. والملاحظ أيضاً أنّ اللجان النيابية -المفترض أن تمثل الشعب- لم تدرك هول الخطر المحدق في بعض المناطق لا سيما بعد تفجير 4 آب، فالطابع الاقتصادي الاجتماعي العمراني بخطر بسبب الإقفالات وسيتدهور أكثر بسبب ما سيشهده من إقفالات أكثر فأكثر».
وأشارت إلى أنّ «الاقتراح المطروح على الهيئة العامة لمجلس النواب لم يراع المصلحة العامة والانتظام العام والمبادرة الفردية بالتوازي مع الملكية الخاصة. فالظروف الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان والتي أدّت إلى انكماش اقتصادي وتأزم وتعثّر المؤسسات التجارية والخدماتية والمهن الحرّة كما الوضع المأزوم سياسياً في ظلّ ظروف اقتصادية ومالية صعبة والتي تحتّم التمديد تفادياً لحدوث فوضى كارثية». وأضافت: «هذا غيض من فيض مما أدلى به المجلس الدستوري في قراره رقم 1/2019 بداية العام 2019 قبل أحداث 17 تشرين الأول 2019 فكيف بالحريّ الآن».