يسلك المخطط المرسوم لتفعيل النقل المشترك طريقه إلى التنفيذ مع بدء الشركات الراغبة في تسيير الباصات العمومية بالتقدم بعروضها في خطوة وضعها وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية في إطار تعزيز دور الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وسط استهجان المتابعين المعنيين للتعويل على 95 باصاً نظامياً في ظل 33 ألف نمرة عمومية، و6300 باص قيد التشغيل.
الإرتفاع المستمر في أسعار المحروقات والذي شكل عائقاً أساسياً أمام الموظفين كما المواطنين في تنقلاتهم أعاد موضوع النقل العام إلى الواجهة بعد إهمال مستمرّ للخطط التي عملت عليها الهيئات والمنظمات الدولية والتي لم تتم الاستفادة منها لا بل كانت تهدف الى تشغيل خبراء والاستفادة من الهبات على اسم لبنان، وفق تعبير الوزير حمية.
إلغاء البنك الدولي تمويله خطة النقل العام وعدم قدرة الوزارة على توظيف سائقين وقاطعي تذاكر لتسيير الباصات العمومية التي قارب عددها 95، منها 50 باصاً وصلت مؤخراً كهبة من الحكومة الفرنسية و45 تمت إعادة صيانتها، دفعا الوزير إلى ابتداع مخرج عبر مشاركة القطاع الخاص بتوفير اليد العاملة كسائقين غب الطلب ومستلزمات أخرى لتسيير الباصات، كخطوة مرحلية تسبق إعداد إطار قانوني جديد يرعى العلاقة بين القطاعين العام والخاص بحيث تكون الدولة هي المنظم والقطاع الخاص هو المشغل.
العروض المتوقع بتّها منتصف الشهر المقبل قبل الولوج إلى اتفاق بالتراضي في حال عدم تقدم أي من الشركات وفق القانون إلى المناقصة لتشغيل هذا القطاع، تصطدم بالتكلفة التي ستُعتمد مع وضع الباصات في الخدمة بداية أيلول المقبل، في ظل الإضراب المستمر للموظفين في القطاع العام وعدم الإستجابة لمطالبهم في تعديل الرواتب، ليبدأ على الجهة المقابلة الصراع الخفي للمصالح بين النقل العام والنقل الخاص.
ورغم الدعم الذي يلقاه الوزير حمية من المعنيين، أوضح رئيس إتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس لـ»نداء الوطن» أن مشروع الوزارة لا يزال قيد الدرس تحديداً وأن الخطة المرسومة يفترض أن تترافق مع دعم قطاع النقل العام والعديد من القطاعات الأخرى (وهذا ما لم يحصل حتى الآن)، مشدداً على أن طلب إجراء عقود مع السائقين في ظل قرار منع التوظيف في المؤسسات الرسمية لا يمكن وضعه في خانة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ولفت طليس إلى أن ملاحظاتهم على الخطة ستقدم إلى المعنيين عند الإنتهاء من رسمها بما يخدم التكامل بين الطرفين، كما أشار إلى أن عدد الحافلات الذي ستديره الوزارة والذي لا يتعدى 95 حافلة لا يمكنه أن يحل مكان 6600 أوتوبوس وفان، أي أنه ليس بإمكانهم أن يحلوا مشكلة في حين يظهر للعيان أن هناك خطة وحافلات رسمية للنقل المشترك وهي تعمل على الأرض بغض النظر عن العدد والقدرة على الإستجابة لحاجات المواطنين في التنقل.
وعن التضارب بين المصالح والأسعار في المرحلة المقبلة، توقف طليس عند مدى ملاءمة الأسعار التي ستعتمدها الوزارة والقدرة الشرائية للمواطنين، وسط الحديث عن بطاقات الدعم التي تبقى من الناحية النظرية ممتازة ومهمة، ليبقى السؤال الأساسي عن آلية تنفيذها بعد التجارب المريرة مع الحكومة والإتفاق مع رئيسها على دعم القطاع وتأمين أسعار مخفّضة للركاب، والتي تصطدم بغياب الإمكانيات المالية في الخزينة التي تبقى العائق الأساسي أمام جميع الخطط والمعالجات المطروحة، ليختم طليس متسائلاً: إذا كانت الخطة من ذهب، ولا يوجد إمكانيات لتنفيذها… فما الحلّ؟