بالنسبة الى خطة الكهرباء، فعلى الرغم من إقرارها بتوافق سياسي حولها في مجلس الوزراء، الّا انّ الأجواء المحيطة بها تؤكّد انّها ستكون امام امتحان صعب في مجلس النواب، ولاسيما انّ قراءات المختصين بهذا القطاع، لمضمون مشروع القانون المعجّل الذي اقرّه مجلس الوزراء في جلسته ما قبل الاخيرة، خلُصت الى وجود ما سُميّت “ألغاماً خطيرة” تعتري هذه الخطة.
وعلمت “الجمهورية”، انّ جهات سياسية، كلّفت خبراء في الإدارة والقانون وضع ملاحظاتهم على مشروع خطة الكهرباء، وخلصوا إلى اعتبار الصيغة التي خرج بها مشروع القانون المعجّل المتعلق بالخطة، ملتبسة.
وبحسب خلاصة الخبراء، فإنّ المشروع نصّ في مادته الثانية على بندين، وحرفيتهما:
أ- “تُلزّم مشاريع بناء معامل، تعتمد طريقة التصميم والتمويل والانتاج والتسليم الى الدولة اللبنانية بعد فترة زمنيّة بشروط تحدّد تفاصيلها الادارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعدّه وزارة الطاقة والمياه.
ب- يُستثنى في مراحل إتمام المناقصات تطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها”.
وتلفت خلاصة الخبراء الى ما “سمّوها ثغرة كبرى، تتمثل بمخالفة المشروع للمادة 89 من الدستور، عبر إعطاء إجازة لوزارة محدّدة بمنح التزامات لمدة غير معروفة، فيما مُقتضى النص الدستوري ان يوافق مجلس النواب على كل التزام بمفرده مع معرفة مدّته وموضوعه وشروطه، لكي يتمكن من ممارسة رقابته البرلمانية.
وانّ هذا التفويض ولو أُعطي للسلطة التنفيذية وليس لوزارة، ولم يكن محدداً بالمدة والموضوع والشروط، يُعتبر في فقه القانون الدستوري إخلالاً بمبدأ توازن السلطات الدستورية، ويكون عرضة للإبطال من قبل المجلس الدستوري. هنا لا بدّ من الإشارة الى انّ المادة 89 من الدستور تشترط، لمنح التزام او امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلد الطبيعية او مصلحة ذات منفعة عامة او أي احتكار، صدور قانون عن السلطة التشريعية يحدد المدة والموضوع والشروط.
امّا في “البند ب”، فتشير الخلاصة الى “انّ مشروع خطة الكهرباء يبدأ في مادته الثانية، باستثناء عقود الـ BOT من أحكام قانون المحاسبة العمومية والنصوص ذات الصلة، فيما لا يتفق مع طبيعة هذه العقود. فقد كان الأولى الإخضاع الى القواعد الإجرائية التي ينص عليها قانون المحاسبة العمومية في مرحلة التلزيم، ثم ذِكر الاستثناء ان كان له من يبرره.
وبالتالي لا يوجد في قانون المحاسبة العمومية ما يتعارض مع إجراءات تلزيم عقود BOT حتى في مسألتي توفّر الاعتماد وطريقة الدفع، لأنهما يُعتبران من إجراءات التلزيم. ويُخشى ان تكون هذه الخطوة، أداة لضرب صلاحيات التدقيق المعطاة لإدارة المناقصات، التي من صلاحيتها التدقيق الشامل في دفتر الشروط الخاص من النواحي الإدارية والمالية والفنية، للتأكّد من انطباقه على أحكام القوانين والأنظمة واحترامه المبادئ العلنية والمساواة والشفافية”.
وإذ لاحظ مسؤول كبير عبر “الجمهورية” تغييب دور الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء في مشروع الخطة، إضافة الى حصر دور إدارة المناقصات بالنواحي الإدارية فقط، وهذا امر لا يجوز، أشار الى انّ جلسة مجلس النواب الاربعاء المقبل، بالتأكيد انها ستشهد تصويباً لكل الخلل الموجود وسدّ الثغرات في الخطة بما يتلاءم مع القانون والاصول. ولا اعتقد انّ احداً يمكن ان يوافق على خرق الدستور، وايضاً على إلغاء دور إدارة المناقصات الذي يُفترض ان يكون اساسياً.
وفي السياق، ورداً على سؤال، رفض الرئيس نبيه بري الدخول في تفاصيل الخطة وما إذا كانت تعتريها الغام كما يتردّد. الّا انّه لفت الانتباه الى انه “بمعزل عن هذه الخطة ومضمونها، فمن حيث المبدأ المجلس النيابي سيّد نفسه، ويستطيع ان يصدّق على المشاريع التي تُحال اليه من الحكومة كما هي، ويستطيع ايضاً ان يُدخل التعديلات التي يريدها عليها، ما يعني انه ليس مقيّداً.