خيبة تجار المفروشات: لا «هجمة» على شراء الأثاث

يجلس سبعيني واضعاً يده على خدّه أمام محل لبيع المفروشات في الأوزاعي، وهي حركة يستخدمها التجار عادةً عندما يغيب الزبائن لوقت طويل. إلا أنها اليوم أكثر تعبيرا عن خيبة تجار المفروشات والأدوات الكهربائية والمنزلية، بعد أكثر من شهر على وقف إطلاق النار، من دون أن تتحقق «نبوءتهم» بـ«هجمة» على سوق الأثاث لاستبدال ما تضرّر في الحرب. تقييمات التجار لحركة المبيعات تتفاوت بين من يلحظ «زيادة عادية»، ومن يشكو تراجعاً عما كانت عليه قبل الحرب، وحتى خلالها عندما اشترت العائلات أثاثاً لمنازل النزوح. لكن الثابت بين الجميع أنّ «الشغل ليس كما يجب»، على حدّ تعبير الرجل السبعيني، رغم «العروضات» التي يبتكرها التجار لإغراء الزبائن، مثل عروضات «باكيج» يتضمن «عفشاً كاملاً» يتألف من غسالة وبراد وغاز وتلفزيون إلى جانب 140 قطعة من أغراض المطبخ مقابل 1400 دولار فقط مثلاً، ما نشّط السوق قليلاً.

ويتحدث صاحب محل لبيع المفروشات في بيروت عن «حركة نشطة بعد الحرب بأسبوع بزيادة نحو 40% عما كانت عليه قبل الحرب، واستمرت حوالي عشرة أيام قبل أن تتراجع إلى حدود 10%»، مشيراً إلى أنّ «الثقل الأساسي لا يذهب إلى المنازل، بل إلى المقاهي والمطاعم التي أعيد ترميمها وافتتاحها».

يزداد عدد الاتصالات بياسر، وهو صاحب محل لبيع الأدوات الكهربائية في بيروت، «للاستفسار عن الأسعار، وهناك من التقطوا صوراً لأثاث، لكنهم غابوا ولم يعودوا»، مشيراً إلى أنه يستشفّ من حديث الزبائن وطلباتهم أنّ «أوضاعهم المادية صعبة». فيما يبدو أن هناك سببين يعيقان شراء المتضررين ما ينقصهم من أثاث. أولهما مادي جراء عدم وصول التعويضات إلى جميع المتضررين بعد، وعدم امتلاك جزء منهم الأموال للشراء أثناء فترة الانتظار. والثاني يتعلق بعدم الاستقرار الأمني في ظلّ الخروقات الإسرائيلية المتواصلة في الجنوب والبقاع وبيروت وحالة الخوف العامة من فشل الهدنة وعودة الحرب. إذ «لا يمكن التأسيس لحياة ما بعد الحرب، بينما نشعر بأن الحرب لم تنتهِ بعد، فهل أشتري أثاثاً وأخسره ثانياً؟»، يقول أحد المتضررين.

ويلفت صاحب محل لبيع المفروشات في الشياح إلى أن العائلات التي فقدت منازلها تحاول التقشّف في الشراء بما لا يتجاوز حدود الـ 8 آلاف دولار التي أقرّها حزب الله كبدل أثاث للتعويض على المتضررين، «لذلك، يحاولون أن يشتروا أكبر كمية ممكنة بما لا يتجاوز خمسة آلاف دولار، وهناك من يفضلون شراء المستعمل، وتوفير الباقي للأدوات الكهربائية». وعليه، «يقتصر الطلب على الأساسيات، وهي غرفة نوم للزوجين وأخرى للأولاد وغرفة جلوس، ويبحثون عن القطعة الأرخص، علماً أنّ أسعارنا تبدأ بـ 1200 دولار لغرف الجلوس و1000 لغرف النوم»، بحسب مدير «غاليري استقبال» للمفروشات في صور. أما في ما يتعلق بالأدوات الكهربائية والمنزلية، فالأولوية لتأمين البراد، والغاز، والغسالة، وأغراض المطبخ الأساسية. أما الكماليات فـ«إلى أن يفرجها الله»، كما تقول عبير التي خسرت أثاث منزلها في حبوش (النبطية)، وأجّلت شراء السجّاد إلى الموسم المقبل، وقررت عدم التفكير بالثريّات والبرادي حالياً «لأن هناك ما هو أهمّ».

مصدرجريدة الأخبار - زينب حمود
المادة السابقةشراء الوقت في مواجهة حملة اليوروبوندز: هل ينهي العهد الجديد سياسة الوعود؟
المقالة القادمة“موديز” تتوقّع نمو الاقتصاد اللبناني