دخل البلد “حمى” زيادة الرواتب والأجور. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أقر “دفع مساعدة اجتماعية، قدرها نصف راتب، بدءاً من 1 تشرين الثاني، ودفع منحة نصف راتب، قبل الأعياد على أن لا تقل عن مليون ونصف المليون، ولا تزيد عن 3 ملايين ليرة. لجنة المؤشر شارفت على إنهاء عملها بعدما أقرت زيادة بدل النقل إلى 65 ألف ليرة لعمال القطاع الخاص ورفع التقديمات المدرسية. ولم يبق أمامها إلا إقرار الزيادة على الرواتب من دون تعديل الحد الأدنى في الاجتماع الرابع والأخير الأسبوع القادم، كما توقع وزير العمل مصطفى بيرم. لجنة المال والموازنة تسلّمت من المالية أرقام الإيرادات لغاية أيار الماضي، وتعكف على دراسة زيادة الرواتب لموظفي القطاع العام”.
حركة مكوكية بين الدوائر الرسمية والمقار العمالية، ستنتهي بحسب الاقتصاديين بـ”طباعة أكوام من الليرات وإقفال المزيد من المؤسسات”. فـ”العين البصيرة” للمسؤولين يقابلها “قصر نظر” قل نظيره. ذلك أن الحلقة المفقودة في هذه السلسلة تبقى انعدام القدرة على التمويل، خصوصاً أن كلفة المساعدة الاجتماعية للقطاع العام ورفع بدل النقل لمدة سنة لا تقل عن 12 ألف مليار ليرة تضاف إلى 12 ألفاً تدفعها الدولة حالياً، ما يعني إنفاقاً يصل إلى حدود 24 ألف مليار ليرة من مجمل إيرادات يتوقع ألا تتجاوز 14 ألف مليار ليرة.
هذا الواقع سيحتم على الدولة السير بخيارين أحلاهما مر: إما زيادة الدولار الجمركي والتسبب بتراجع عائدات الدولة نتيجة التهرب وتراجع الاستيراد، وإما طباعة الليرات وبالتالي زيادة التضخم. وفي الحالتين سيأخذ المهربون والمضاربون على العملة باليسار ما ستعطيه الدولة في اليمين، ولن يستفيد المواطن بشيء. من جهة أخرى فان رفع الأجور والبدلات الاجتماعية في القطاع الخاص سينهك المؤسسات، وتحديداً منها غير المصدرة وسيتسبب باقفالات بالجملة وصرف للعمال. المشكلة لا تقف هنا بل ستتداعى نتيجة هذه القرارات مختلف المؤسسات الضامنة بسبب استمرار تراجع ايراداتها، ولا سيما ان الزيادات لن تحتسب من أساس الراتب.
في الخلاصة تشير المصادر الاقتصادية إلى ان “ما يجري دليل على استسلام الدولة عن المقاومة بالاصلاحات ودخولها دوامة كبيرة من ارتفاع سعر الصرف والانهيارات سيكون الخاسر الأكبر فيها المواطن والاقتصاد”.