في حين يترنّح الكثير من القطاعات الاقتصادية على وقع الازمة في لبنان، تبقى العين على القطاع المصرفي الذي لطالما أظهر مناعة نسبية في وجه تحديات كثيرة واجهت الاقتصاد اللبناني وماليته، وشكلت خطر حقيقي عليه.
في الفصل الاول من عام 2019، سجلت تسليفات القطاع المصرفي للقطاع الخاصّ (المقيمين وغير المقيمين) انكماشا إضافيا وصلت نسبته إلى 3.46 %، لتبلغ نحو 57.3 مليار دولار. كما تقلّصت التسليفات بنسبة 2.88 %، ليصل معدلها الإجمالي من ودائع الزبائن إلى 32.37%، مقابل 33.26 % في بداية السنة المالية، ومقارنة بنسبة 33.7 % في نهاية الفصل الأول من العام الماضي. واشار تقرير بنك عوده الفصلي، الى ان المصارف تمكنت بفضل التحسن النسبي للمخاطر العامة من استعادة نمو الودائع في آذار 2019 بعدما ظلَ نموها بطيئاً طوال الاشهر القليلة السابقة، ما يبشّر بالخير بالنسبة الى نشاط القطاع في حال باشرت الحكومة تنفيذ الاصلاحات المنتظرة.
وفي تقييم لواقع القطاع المصرفي، اشار الخبير المصرفي جو سرّوع في حديث الى Lebanon economy الى ان “القطاع المصرفي مليء ويتمتع بأموال كافية، ذاتية او من خطوط ائتمان اخرى، من اجل تمويل القطاع العام والخاص”. واكد ان “الازمة التي يشهدها لبنان ادت الى تراجع في الاداء العام للمصارف، اذ ان الازمة المالية الحالية يرافقها تراجع اقتصادي حيث بقيت نسب النمو خلال الست سنوات الاخيرة قريبة لنسبة الـ1%، وطبعاً تراجع الحركة الاقتصادية ادى الى ضعف في عمليات التسليف وتعثّر بعض القروض”. وشدد على ان “الاجواء المسيطرة على الساحة اللبنانية منذ ما يقارب الـ 4 اشهر، وما يرافقها من جدل حول السياسات الاقتصادية وتراشق سياسي حاد واصطفاف على الجهتين انتجت حالة من القلق المتزايد واثرت بشكل سلبي على جو الاستثمار العام في لبنان”.
معالجة الازمة
وفي رد على سؤال عن دور القطاع المصرفي في إيجاد حلول للأزمة التي يمر بها لبنان، اعتبر سروع ان “القطاع المصرفي ساهم على الدوام في معالجة الازمات الاقتصادية والمالية التي يشهدها لبنان”. واوضح انه “تاريخياً كان القطاع المصرفي يحذر الدولة من مغبة عدم السير بالإصلاحات المطلوبة، وبإعتقادي الشخصي القطاع قادر على المساعدة شرط ان تأتي هذه المساعدة بنتائج ايجابية ملموسة، بعكس ما كان يحصل في الماضي حيث كانت تستخدم اموال القطاع المصرفي في سد عجز الموازنة.”
وشدد انه على “الدولة اتخاذ خطوات إنقاذية عبر اصلاحات جدية تخفّض العجز وتحفّز النمو”. واكد ضرورة “اعتماد خارطة طريق ضمن مدة زمنية معينة تعيد التوازن الى المالية العامة، وتتيح للقطاع لعب دور فاعل في معالجة الازمة عبراشكال متعددة”.
خارطة طريق جدية
وفي اطار حديثه عن ارتفاع الفائدة، رأى سروع ان هذا “الارتفاع له علاقة بالوضع الائتماني للبلد ومحاولات لجم الازمة المالية والسياسة النقدية”. واعتبر انه “كما ارتفعت الفوائد من الممكن ان تبدأ بالنزول عند ايجاد حلول تتجلّى بخارطة طريق جديّة وذات مصداقية وشفافية تعمل على معالجة العجز الموجود في الموازنة وتحفيز الاقتصاد”.
واوضح ان “النصف الثاني من عام 2019 قد يشهد احداث لها علاقة بأوضاع المنطقة ما يفرض على الحكومة المبادرة وتسريع ملف الموازنة وكل ما يتعلق بمؤتمر سيدر من اجل مواجهة أي تطور قد يحدث في المنطقة”.
ولفت الى “تفاؤله بمستقبل الاقتصاد اللبناني، اذ انه يملك قدرات كبيرة، الا انه تعرض لعملية اضعاف منذ عام 1975، فإقتصاد لبنان الحر اعطى لبنان مزايا تفضيلية في المنطقة. الا انه بعد عام 2006 اصبح من المتعذّر وضع النمو على خطى مستدامة نتيجة استحالة خلق استقرار امني وسياسي طويل الأمد”.