عقدت لجنة المال والموازنة جلسة يوم أمس، بحثت فيها هذه المسألة والتعاميم المرتبطة بالسحوبات الشهرية، بحضور وزير المالية غازي وزني ونائب حاكم مصرف لبنان ألكسندر موراديان والأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر، علماً بأن موضوع السحوبات وضرورة تحرير سعر الصرف في المصارف وحصول المودعين على حقوقهم كاملة لا 15% منها، كانت محور مداولات خلال الأسبوع، حيث رأى البعض أن أي موافقة ضمنية أو توصية للجنة المال بتحديد سعر صرف لدولارات المودعين يوازي 10 آلاف ليرة لبنانية أو غيره، سيكون موافقة من لجنة نيابية على قص الودائع، واعترافاً رسمياً بالسرقة التي تحصل منذ عامين. وهو ما نفاه رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، مؤكداً أن «لا اقتراح جامداً لـ 3.900 أو 10.000 أو 12.000، بل نسأل عن أسباب الإبقاء على الـ 3900 منذ نيسان 2020 وحتى اليوم، علماً بأن الدولار كان في نيسان 2020 بحدود الـ 7000 ليرة وتابع صعوده».
اجتماع لجنة المال والموازنة تباحث في إمكانية تحرير سعر الصرف لحصول المودعين على حقوقهم كاملة. وقد سئل نائب حاكم مصرف لبنان عمّا يعتزم سلامة فعله عند انتهاء صلاحية التعميم. ووفق مصادر اللجنة، فإن نائب الحاكم أعرب عن نيته إجراء دراسات للسوق ومدى تأثير رفع سعر السحوبات على الكتلة النقدية والتضخم، من دون إقفال الباب على إمكانية تعديل سعر الصرف وليس تحريره بما لا يتناسب ومصلحة مصرف لبنان والمصارف. وقد طلب كنعان تسلّم هذه الدراسات قبل نهاية أيلول، أي موعد تمديد أو تجديد العمل بالتعميم 151. من جانبه، أبدى وزير المالية تأييداً كاملاً لتعديل سعر الصرف للسحوبات الشهرية للمودعين وتحريره، فيما قرر الأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر التلطّي وراء مصرف لبنان عبر الإشارة الى التزام الجمعية بكل تعاميمه.
ولأن صادر حريص على مصلحة عموم السكان، أشار الى أن تحرير سعر الصرف وإعطاء المودعين أموالهم كاملة من دون سرقتها «يرفع حجم الكتلة النقدية في السوق»، متخوفاً من تداعيات أمر مماثل، علماً بأن التعميم 151 الصادر منذ عام ونصف عام لم يتمكن من ضبط الكتلة النقدية في السوق أو سعر صرف الدولار الذي ارتفع 4 أضعاف عما كان عليه في نيسان 2020 أي عند صدور التعميم. ردّ معظم النواب الحاضرين بمن فيهم رئيس اللجنة بالمنحى ذاته، مؤكدين أن تعديل السحوبات الشهرية أو تحريرها بما يتناسب وسعر صرف الدولار حالياً، لن يرفع من حجم الكتلة النقدية في حال بقاء سقف السحوبات هو نفسه، ولكن على سعر صرف مختلف، وعرضوا عدة عوامل تغذي ارتفاع الدولار في السوق السوداء، من دون أن يكون لودائع المواطنين دخل في ذلك: 1- الاستهلاك الذي ترافق مع إدارة سيئة ومجحفة والدعم والتخزين والتهريب والمضاربات. 2- التأخير الحاصل في إقرار الكابيتال كونترول في المجلس النيابي، فمجرد صدوره سيغني عن التعاميم. 3- عدم تشكيل حكومة جديدة لإرساء استقرار سياسي وثقة بالسوق. 4- إيقاف العمل ببطاقات الائتمان والشيكات، ما شكّل ضغطاً على الأوراق النقدية وضرورة إعادة تفعيل هذه الوسائل للتخفيف من النقد بالتداول.
قد يكون اجتماع لجنة المال والموازنة للبحث في ضرورة تحرير سعر الدولار المصرفي مطلوباً، إلا أن مصادر نيابية أخرى تضعه في إطار الشعبوية، وبأن الاجتماع لزوم ما لا يلزم، ببساطة لأن لا سلطة فعلية أو صلاحية لهذه اللجنة على مصرف لبنان ولا قدرة لها على إلزامه بأي توصية. حتى إن تجربة إصدار قانون لدفع سلامة الى الالتزام بالقرارات لم تحقق أيّ نتيجة، وأبرز دليل على ذلك قانون الدولار الطالبي. لذلك، بإمكان مصرف لبنان تجاهل أيّ توصية صادرة عن اللجنة وتذكيرها بعدم صلاحيتها في هذا المجال. فيما يرى أحد النواب المشاركين في الجلسة أنه لا يمكن إسقاط ما جرى في مسألة الدولار الطالبي على حقوق المودعين، فالقانون الصادر غير مدروس، بل أقرّ لزوم الشعبوية لا أكثر. ويضيف إنه قد تكون «اللجنة غير ذات صلاحية، لكنها نجحت في إلقاء الضوء. ولفت نظر الرأي العام إلى الإجحاف القائم بحق المواطنين، وألزمت مصرف لبنان بطريقة أو بأخرى إعادة النظر بتعميمه بدل التمديد له مرة أخرى». عدا عن أن نائب حاكم مصرف لبنان أشار الى «عدم معارضة الحاكم لطلب اللجنة وتوجّهه الى تعديل سعر الصرف الذي لن نلتزم به إذا لم يكن تحريراً كاملاً، لكن سنتابع الضغط لتحسين ظروف المودعين». من جهتها، تحدثت مصادر أخرى عن إمكانية تعديل قانون النقد والتسليف الذي يحكم أداء مصرف لبنان وحاكمه ويضطرّه الى الالتزام به في حال دعت الحاجة. في حين يؤكد كنعان أن «البحث مستمر في الأسبوع المقبل للتوصل الى صيغة جديدة لن تمسّ بقروض التجزئة للسكن والسيارات والتعليم وسواها، التي ستبقى على سعر الصرف الرسمي أي 1507 ليرات، بل ستشمل السحوبات الشهرية فقط».
في النتيجة، يتحمل المودعون وعموم السكان وزر التعاميم العشوائية التي أقرّت لتحميل المودعين الخسائر بالنيابة عن مصرف لبنان والمصارف وبتغطية ضمنية من معظم الكتل النيابية والقوى السياسية والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام. وما يطمح إليه سلامة اليوم هو رفع الدعم من دون رفع يده عن سعر صرف الدولار الذي باتت له 5 أسعار تساهم في خنق الاقتصاد والمجتمع.