يتلقّى لبنان مساعدات دولية منذ بدء أزمته في العام 2019، واشتدّت بُعَيدَ تفجير مرفأ بيروت في العام 2020. إلاّ أن المساعدات لا تذهب كلّها في الاتجاه الصحيح، وهذا ما تدلّ عليه الشكوك التي حملها ديوان المحاسبة الفرنسي الذي أوصى حكومة بلاده بـ”تقييم مدى فاعلية مساعداتها المالية للبنان، من أجل تلبية أفضل لاحتياجات الشعب اللبناني الغارق في أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية حادة”.
وتأتي التوصية بعد تدقيق الديوان في المساعدات التي قدّمتها فرنسا للبنان خلال الفترة بين 2020 و2022. وخلص التدقيق إلى أن “على الحكومة توخّي الحذر الشديد في مساعداتها وقروضها للبنان”. وفي تقرير له، أكّد الديوان أنه “بعدما طال أمد الأزمة اللبنانية، من المهمّ الآن نشر آليات دائمة لتوحيد الإحصائيات، من أجل الحصول على الأدوات اللازمة لقياس مدى اتّساق وفعالية وتأثير المساعدات العامّة الفرنسية وتوجيه التدفّقات المالية بشكل أفضل نحو احتياجات اللبنانيين”.
ويزداد حرص الديوان على إجراء التدقيق، بعد تزايد الاعتمادات المخصصة للبنان “بمعدّل 270 بالمئة، أي ثلاثة أضعاف اعتباراً من 2020. وتم إنفاق 214 مليون يورو بين عامي 2020 و2022 على موارد عامة، ذهبت 45 بالمئة منها للتعليم والتدريب، و25 بالمئة للصحة و10 بالمئة للتغذية والزراعة و10 بالمئة لإعادة الإعمار والاقتصاد و10 بالمئة للمجتمع المدني”.
ويأتي الخوف الفرنسي بفعل التماس التعاطي غير الصحيح للساسة في لبنان مع الأزمة وسبل معالجتها. وأكّد الديوان أنه “في مسألة حسّاسة ومعقّدة مثل المساعدات للبنان، من المنطقي أن يهيمن النهج السياسي، مع ذلك، لا بدّ من تعزيز مراقبة الالتزامات والمدفوعات على المستوى المركزي”، معتبراً أنّ هذا الأمر سيتيح إجراء عملية تقييم أكثر دقّة “لطبيعة القروض الممنوحة ونطاقها، والتحقّق من مدى اتّساقها (..) وتقييم تأثيرها وتوفير أدوات فعّالة لتوجيهها”.