يطرح قرار الحكومة اللبنانية تكليف شركة متخصصة بالتدقيق الجنائي المالي في حسابات المصرف المركزي أسئلة ترتبط بالجانب القانوني إضافة إلى الخوف من أن يقتصر التدقيق على «المركزي» وألا يطال مؤسسات الدولة الأخرى لأسباب سياسية.
وتختلف الآراء القانونية تجاه هذا القرار الأول من نوعه في لبنان، بين من يرى أنه يخالف قانون النقد والتسليف والسرية المصرفية ورقابة ديوان المحاسبة، ومن يعتبر أن الحكومة صاحبة القرار في شؤون الدولة والمصرف المركزي جزء منها.
ويعتبر وزير العدل السابق إبراهيم نجار أن هناك وجهين لقرار الحكومة، الأول سياسي والثاني قانوني، مع تأييده وتأكيده على أهمية إجراء أي تدقيق مالي شرط أن يكون وفق القوانين حتى لا ينتهي به الأمر إلى الطعن أمام مجلس شورى الدولة على غرار ما قد يحصل مع قرار الحكومة الأخير.
ويوضح نجار لـ«الشرق الأوسط» «الوجه السياسي معروف ويتمثل بمحاولة امتصاص النقمة الشعبية واتهام السلطات النقدية عبر محاولة الالتفاف على الأزمة النقدية وارتفاع سعر صرف الدولار وتفاقم الأزمة الاقتصادية»، مشيرا في الوقت عينه إلى أنه قد يكون هناك هدف لإلصاق التهم بالمصرف المركزي وحاكمه رياض سلامة لأسباب سياسية، وتجاهل المؤسسات الأخرى ومصادر الهدر الأساسية كالكهرباء والخليوي والمناقصات والصفقات وموازنة وزارة المالية وغيرها.
أما في الجانب القانوني، فتختلف وجهة نظر نجار عن رأي وزير الداخلية السابق زياد بارود الذي لا يرى في الخطوة تجاوزا للقانون، لأن الحكومة صاحبة الصلاحية لإدارة شؤون الدولة ومصرف لبنان هو جزء من الدولة.
ويعتبر نجار أن «قرار الحكومة يتجاوز دور ديوان المحاسبة الذي تقع عليه مهمة التدقيق بالحسابات العامة كما أنه لا سلطة لمجلس الوزراء على المصرف المركزي الذي يتمتع باستقلالية تامة كتلك التي تتمتع بها المصارف المركزية في معظم دول العالم، خاصة أن حسابات البنك المركزي مرعية بقانون النقد والتسليف وتحديدا المادة 15 منه المعطوفة على قانون السرية المصرفية في لبنان».
ويلفت إلى أن من البديهي القول «إن كل تحقيق في حسابات المصرف المركزي والمؤسسات المالية التي تتعلق به تخضع للسرية المصرفية، التي تنطبق ليس فقط على حسابات المركزي إنما على كل من اطّلع عليها، أي بعبارة أخرى، القرار سياسي بامتياز وإذا أرادت الحكومة تفعيله فعليها تعديل القانون في مجلس النواب، لأن التقنيات التي اعتمدت من شأنها أن تؤدي إلى النيل من صدقية المصرف المركزي».
ومع تأكيده على أهمية خطوة التدقيق يرى نجار أن قرار الحكومة «سيكون عرضة للطعن أمام مجلس شورى الدولة وإبطاله لأنه دون قوة القانون».
في المقابل، يفضّل زياد بارود تسمية التدقيق بالمركّز وليس الجنائي بانتظار النتائج لأن إجراءه لا يعني بالضرورة وجود جرم. ويوضح لـ«الشرق الأوسط» «القرار قانوني لأن الحكومة صاحبة الصلاحية لإدارة شؤون الدولة، ما دام أنه لا يخالف قانون النقد والتسليف الذي ينظم عمل مصرف لبنان الذي وإن كانت له الصفة العامة لكنه مستقل بحدود كبيرة. وفيما يشير إلى أن مرسوم إخضاع بعض المؤسسات لرقابة ديوان المحاسبة استثنى مصرف لبنان، وبالتالي لا يعتبر متجاوزا له»، يلفت إلى أنه وإن كانت الإدارة خاضعة لديوان المحاسبة لا شيء يمنع من إجراء تدقيق مركّز أبعد منه إذا اقتضى الأمر.
كارولين عاكوم – الشرق الاوسط