رحيل الحكومة لن يغيّر شروط صندوق النقد

ترحل حكومة حسان دياب كما أتت فارغة اليدين، من دون ان تحرز اي تقدّم في سياق التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ومن دون تحقيق اي انجاز يحمي حقوق المودعين، فما سيكون مصير المفاوضات مع الصندوق؟ هل ستلين شروطه؟ وما سيكون مصير خطة الحكومة الإنقاذية؟

في خضم الأزمات المتتالية التي يمرّ بها لبنان، وكان آخرها الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت الاسبوع الماضي، جدّد صندوق النقد الدولي تأكيده الاستعداد لمساعدة لبنان، رغم تعثر المفاوضات، محدداً 4 شروط هي برأيه الطريق الالزامي للحل ولمدّ يد العون للبنان، مؤكّداً انّ الالتزام بالإصلاحات سيحرّر مليارات الدولارات لمصلحة الشعب اللبناني.

فقد اعتبرت مدير عام صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا في بيان، انّ «لبنان يعاني من تحدّيات اقتصادية واجتماعية عميقة تفاقمت بالجائحة، وبشكل أكبر بفعل غياب الإرادة السياسية لتبنّي وتنفيذ الإصلاحات المهمة التي لطالما طالب بها الشعب اللبناني. وهذه هي اللحظة الملائمة لكي يتوحّد صنّاع السياسات اللبنانيين لمعالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة. إنها اللحظة الملائمة أيضاً لكي يقف المجتمع الدولي الى جانب البلد وشعبه، لتقديم مساعدة انسانية طارئة، ولدعم اصلاحات تساعد في إخراج لبنان من حافة الانهيار الاقتصادي.

أضافت غورغيفا، «على مدار الأشهر الماضية، انخرطنا بشكل مكثف مع السلطات اللبنانية، ومع المجتمع المدني والمجتمع الدولي، في مناقشة حزمة إصلاحات شاملة لمعالجة الأزمة المتعمقة وتقوية الحوكمة الاقتصادية والمساءلة، واستعادة الثقة، في الاقتصاد اللبناني. والصندوق، مستعد لمضاعفة جهوده. ولكن نحن بحاجة الى وحدة الهدف في لبنان، نحن بحاجة الى أن تقف جميع المؤسسات معاً وبعزم لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وأهمها:

أولاً: يتعيّن استعادة ملاءة الموارد العامة وصلابة النظام المالي. ما لم يكن الدين العام مستداماً، فسوف يرزح الجيل الحالي والأجيال القادمة من اللبنانيين تحت وطأة مزيد من الديون تفوق قدرتهم على السداد. هذا ما يجعل الصندوق يطالب باستدامة الديون كأحد شروط الإقراض. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يتسمّ النظام المالي بالملاءة، فالذين سبق واستفادوا من العائدات المفرطة في السابق، يجب ان يتشاركوا أعباء إعادة رسملة البنوك لضمان حماية مدخرات الغالبية العظمى من المودعين اللبنانيين العاديين.

ثانياً: ينبغي وضع ضمانات وقائية مؤقتة لتجنّب استمرار خروج رؤوس الاموال، الذي يمكن أن يزيد من ضعف النظام المالي خلال فترة ترسّخ الإصلاحات المطلوبة. ويشمل هذا اقرار قانون يشرّع ضوابط رأس المال في النظام المصرفي، ويلغي نظام سعر الصرف المتعدد القائم حالياً. وسيساعد ذلك في حماية الاحتياطات من العملات الأجنبية في لبنان مع الحدّ من مساعي الربح غير الشرعي والفساد.

ثالثاً: ثمة حاجة لخطوات صريحة لتخفيض الخسائر الطويلة الأمد في كثير من المؤسسات العامة. ينبغي وجود درجة أكبر من قابلية التنبؤ، والشفافية، والمساءلة واجراء تدقيق شامل في المؤسسات المفصلية ومنها المصرف المركزي.

رابعاً: ينبغي إرساء شبكة موسّعة للأمان الاجتماعي من أجل حماية فئات الشعب اللبناني الأكثر هشاشة. فلا يجب أن يُطلَب من هذه الفئات أن تتحمّل تبعات الأثر المدمّر لهذه الأزمة».

وشدّدت مدير عام صندوق النقد الدولي، على انّ الالتزام بهذه الإصلاحات سيحرّر مليارات الدولارات لمصلحة الشعب اللبناني. هذه هي اللحظة التي يتعيّن فيها على صنّاع السياسات اللبنانيين أن يقوموا بتحرّك حاسم. والصندوق على استعداد للمساعدة».

في السياق، اعتبر الخبير المالي والاقتصادي دان قزي، انّ صندوق النقد عاد ورسم في بيانه هذا شروطه للإنقاذ، واضعاً خريطة طريق يجب اتباعها في المرحلة المقبلة، مثل اجراء تدقيق جنائي في المؤسسات العامة والمصرف المركزي. كما طالب بتوزيع الخسارة على من سبق واستفاد من الفوائد المرتفعة، بما يعني انّ هناك مطلباً بإجراء haircut…. وبالتالي برأي قزي، ان لا مهرب من هذه المطالب، حتى لو تغيّرت الحكومة وتغيّر الاشخاص، فالمطالب الدولية ثابتة. وبالتالي، اذا كان لبنان يريد اموالاً من صندوق النقد يجب عليه ان ينفذ هذه المطالب، بغض النظر عمّن يستلم الحكم.

أما عن مدى الضرر الذي سيلحق بالاقتصاد جراء التأخّر في تنفيذ الاصلاحات، لاسيما اذا دخلنا في فراغ حكومي، يقول قزي: «انّ حكومة دياب وخلال 8 اشهر لم تتخذ اي خطوة تحرز فيها تقدماً. فمنذ بدء التفاوض مع صندوق النقد حتى الآن لم تفعل شيئاً، حتى ابسط المطالب المتمثلة بإقرار قانون «الكابيتال كونترول» لم يُقرّ. وبالتالي، انّ ما أخّر تقدّم التفاوض بين الحكومة من جهة وصندوق النقد من جهة أخرى، ليس شكل الحكومة لأنّها من لون سياسي واحد او لأنّها لم تكن حكومة وحدة وطنية، انما المصالح السياسية الخاصة التي كانت تحول دون اجراء اي اصلاح».

وعن المساعدات التي تلقّاها لبنان من الدول المانحة قال: «انّ مجموع ما سترسله هذه الدول من مساعدات للبنان بالكاد يكفي طعاماً ومساعدات طبية. وهي جزء بسيط جدًا من حاجة لبنان الفعلية التي «لن تقدّم ولن تؤخّر»، لا بل من الواضح انّ المجتمع الدولي يستمر بسياسة الإغلاق الى حين بدء اتخاذ لبنان اجراءات اصلاحية، ومن الواضح ان ليس مسموحاً لأحد ان يخرج عن هذا التوجّه، لا صندوق النقد ولا الجانب الاميركي ولا الجانب الاوروبي ولا غيرهم. فهم يؤكّدون على مطلب الاصلاح اولاً، قبل تقديم المساعدات بالمليارات».

 

مصدرايفا ابي حيدر - الجمهورية
المادة السابقةاللحم المدعوم يأكله التجار أم المسـتهلكون؟
المقالة القادمة40 ألف مبنى و200 ألف شقة متضرّرة… والخشية على “التراثية” منها!