قطعت الشاحنات والفانات والسيارات العمومية الطرقات والجسور والأوتوسترادات أمس منذ الخامسة صباحاً إيذاناً ببدء يوم الغضب، ولكن الشوارع بقيت تنتظر نزول الغاضبين، وهدير الشعب الجائع ضد السلطة التي أوصلته إلى مهاوي الفقر والعوز والجوع.
لماذا بقيت الشوارع خالية من المشاركة الجماهيرية الواسعة؟ ولماذا إقتصر الحراك على السائقين، وغابت عنه جماهير الإتحاد العمالي، وحتى عائلات السائقين أنفسهم كانوا غائبين عن الشوارع والساحات التي تجمهر فيها السائقون.
كان واضحاً منذ ساعات الصباح الأولى أن كل الأحزاب إبتعدت عن المشاركة في حراك الإضراب الذي إتخذ طابعاً أحادياً على إعتبار الداعين له والداعمين له في الإتحاد العمالي هم من حركة أمل، أو من المساندين لها، وبالتالي فإن أي نجاح جماهيري للإضراب ستقطف ثماره الحركة على المستويين الرسمي والشعبي، خاصة وأن البلد يستعد للدخول في عالم الإنتخابات، بعدما أصر المسؤولون على تجاهل كل خطوات الإصلاح والإنقاذ، وإعطاء الأولوية للمزايدات الشعبوية وصراعاتهم الحزبية.
وثمة من ذهب في تفسيراته لبرودة المشاركة الشعبية في «يوم الغضب» أبعد من ذلك، معتبراً أن ما جرى أمس من إنكفاء جماهيري عن الشارع، بمثابة إستفتاء عفوي لرفض الناس للمنظومة السياسية، بكل ألوانها الحزبية والطائفية، عشية الإنتخابات النيابية، بغض النظر إذا كانت ستحصل في مواعيدها الدستورية أم سيتم تأجيلها في اللحظة الأخيرة.
وفي كل الحالات لا يمكن إغفال أبعاد الرسالة التي حاولت عين التينة إرسالها إلى بعبدا، عشية فشل الدعوة الرئاسية للحوار، ومفادها أن قرار الحوار لنا، والشارع في أيدينا، وبالتالي الأمر لنا!