رسوم بالدولار
التبريرات المترافقة مع انتشار الجدول، تفيد بأن “وزارة المالية أصدرت هذا الجدول ليتم الالتزام به”، وفق ما تشير إليه مصادر متابعة للملف. واستناداً إلى ذلك، تقول المصادر في حديث لـ”المدن”، أن “العقود المرتبطة بالمعاملات العقارية، يتم دفعها بالدولار وفق ما تنص عليه تسعيرة الجدول”.
وزيادة الرسوم لا تنحصر بتداعيات الأزمة المستمرة منذ 3 سنوات “فكتّاب العدل كانوا يتقاضون مبالغ تفوق التعرفة الرسمية منذ ما قبل الأزمة، حين كان السعر الرسمي ثابتاً. فعندما كانت الكلفة الرسمية للمعاملة 400 ألف ليرة، كنا ندفع نحو مليون ليرة”. وترى المصادر أن هذه الزيادة “طبيعية”، وتعلّلها بأن “مَن يريد إنجاز معاملات عقارية لشراء أرض بنحو 60 ألف دولار، لن يقف عند دفع مبلغ 100 دولار”.
القرار غير رسمي
تنفي مصادر في وزارة المالية تعديل الرسوم. ويلتقي هذا النفي مع استغراب رئيس مجلس كتّاب العدل ناجي الخازن وجود هذا الجدول، ويؤكّد لـ”المدن”، حصوله على الجدول “من مواقع التواصل”. ويجزم أن المجلس “لا يعرف شيئاً عنه. والأسعار المكتوبة لا تُستوفى عند كتّاب العدل”.
عدم صدور الجدول عن أي جهة رسمية، لا يعني عدم تعديل الرسوم بالمطلق لتتلاءم مع تغيُّر الأسعار. فعلى سبيل المثال لا الحصر “عدّلت وزارة المالية طريقة احتساب رسم الطابع على العقود. فإذا كان عقد بيع الشقة مثلاً، بالدولار، أصبح رسم الطابع 4 بالألف يُحتَسَب بالدولار على سعر صيرفة، فيما كان حتى تاريخ 15 تشرين الثاني الماضي، يُحتَسَب على سعر 1507 ليرة. كما أن أتعاب كتّاب العدل المتمثّلة بـ1 بالألف من قيمة بعض العقود، يتقاضونها بالدولار، بحسب عملة العقد”.
وفي معرض الشرح، يقسّم الخازن الكلفة النهائية للمعاملات، بين الرسوم والأتعاب. والرسوم نفسها موزّعة بحسب نوع كل عقد، وهذا أمر “تحدده وزارة العدل والقوانين”.
زيادة الأكلاف التشغيلية
لهذا الملف زاويتان يُنظّر منهما. فكتّاب العدل هُم موظفون يتقاضون أتعاباً لقاء إنجاز معاملات رسمية مقوّمة بالسعر الرسمي، ويصرفون أتعابهم وسط موجة ارتفاع الأسعار وربطها بدولار السوق، ما يُفقدها قيمتها الشرائية. ويستند كتّاب العدل، كما جميع الموظفين المقوّمة رواتبهم وأجورهم بالليرة، إلى ضرورة تعديل الرواتب والأجور والأتعاب وما إلى ذلك من مسمّيات لمصادر الدخل الرسمية. هذه الزاوية يقابلها زاوية إلزامية الاحتكام للقانون ورفض تقاضي أي تعرفة إضافية بالليرة، فكيف إذا دخلت عملة أجنبية على الخط؟. ولا يقف أنصار هذا التبرير عند ضآلة قيمة المعاملات مقارنة بقيمة العقارات المشتراة، فالمبدأ القانوني هنا، هو الفصل. وتالياً، لا يُسقِط هؤلاء ذريعة تقاضي الأكلاف المسرّبة في الجدول المتداوَل.
بعض كتّاب العدل يدافعون عن تعديل الأكلاف بعيداً من صحّة الجدول أو عدمها. ويستندون إلى دفعهم أكلافاً تشغيلية لا تلحظها التعديلات الرسمية، سواء المعتمدة لسعر الـ15 ألف ليرة أو لسعر صيرفة. فالأوراق ومحابر الطابعات ورواتب الموظفين واشتراك الكهرباء وما إلى ذلك من أكلاف، تُدفَع بالدولار النقدي أو بالليرة بسعر السوق، ولذلك يحتاج الكتّاب إلى تعديل للأكلاف “بدأها بعضهم بواسطة الجدول الذي يُرَوَّج كنوع من التداول الداخلي لتوحيد الأكلاف، خصوصاً وأن المعاملات الصغيرة لا تأتي بإيرادات كافية”، وفق مصادر تؤكّد أن “الجدول هو مقدّمة لاعتماد دولار السوق بشكل واضح”.
الفصل في هذا الملف يبقى للدولة، وتحديداً لوزارتيّ المالية والعدل، ومن خلفهما مجلس النواب بصفته التشريعية. فتعدّد أسعار الصرف يزيد فرص الاعتماد على دولار السوق، وغياب الرقابة تشجّع التفلّت. أما التساؤل الأهم، فهو كيفية ضبط إحالة الرسوم المجباة من الكتّاب إلى وزارة المالية. فما يُجبى يفوق السعر الرسمي، فيما المبالغ المُحَوَّلة ستلتزم بالسعر الرسمي، ويبقى الفارق خارج أي رقابة.