إنّ بلوغ احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية خطوطه الحمراء، هو الخطر المحدق بالوضع الاجتماعي، خصوصاً أنّ حاكم المركزي رياض سلامة يحاذر الاقتراب من الاحتياطي الإلزامي (اذا كان لا يزال متوفراً)، ويحذر من مغبة تفريغ مصرف لبنان من مؤونته من العملات الأجنبية، التي تذهب في سبيل تغطية الفارق بين سعر الدولار الرسمي وبين سعره الحقيقي الذي تتلاعب به السوق السوداء، لا سيما في ما خص المواد الأساسية من قمح ودواء ونفط، ومواد غذائية تحدد لوائحها وزارة الاقتصاد.
وقد وجّه سلامة أكثر من انذار بكونه بات مضطراً لرفع الدعم اذا ما بلغ حسابه من العملات الأجنبية، عتبة “الصفر”، وهو يعلم جيداً أنّ قراراً خطيراً من هذا النوع من شأنه أن يشعل فتيل ثورة جديدة، ولكن هذه المرة ستكون ثورة جياع وفقراء سيحرقون الأخضر واليابس.
ولهذا طرحت امكانية ترشيد هذا الدعم بشكل يسمح بتمديد مهل “سماحه” لفترة أطول إلى حين يخلق الله أمراً حكومياً كان مفعولاً! لكن رفع الدعم بشكل مطلق يحتاج إلى غطاء سياسي تؤمنه كل الأطراف، وهو ليس متوفراً. لا بل، إنّ أياً من الجالسين على كراسي النفوذ لا يجرؤ على ضمّ توقيعه، الرسمي أو المعنوي على قرار تفجيريّ من هذا النوع.
وهنا تشير المعلومات إلى أنّ وزارة الاقتصاد تعيد صياغة لوائح المواد الغذائية التي تستفيد من دعم مصرف لبنان، بشكل تبقي فقط على المواد الاساسية، بالتوازي مع كلام عن امكانية تخفيض نسبة الدعم عن البنزين بشكل محدود جداً.
وبهذا المعنى أيضاً، يبحث الحزب “التقدمي الاشتراكي” في اقتراح متكامل يصفه أهله بـ”الجريء” سيودعه الرأي العام خلال الأيام القليلة المقبلة، للاستفادة قدر الامكان مما تبقى في خزائن مصرف لبنان من العملة الخضراء، وهو كان موضع نقاش مباشر وصريح بين رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ورئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائهما الأخير.