شارك رئيس تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم الدكتور فؤاد زمكحل في اجتماعات لجنتي المال والموازنة والإقتصاد البرلمانية. ووزع التجمع مداخلة زمكحل خلال هذه الإجتماعات التي عبر فيها عن موقف رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين الدوليين حيال الخطة الإقتصادية المقترحة.
وقال: “أبدأ بالشق الإيجابي، بأن هناك جدية لتقديم خطة إقتصادية للبلاد، وأن هناك درسا معمقا في هذا الشأن.
بدءا، أحيي جهود رؤساء اللجان والنواب الكرام، وأشكرهم لدعوتنا وإعطاء الأهمية القصوى لهذا الملف الجوهري لمستقبل بلادنا. فبعد قراءتنا المعمقة لهذه الخطة، تبين لنا أنها تشبه خطة محاسبية (ماتيماتيكية)، عوضا عن أن تكون إستراتيجبة اقتصادية متكاملة ورؤية بعيدة المدى.
إنه واضح، أن الهدف البارز هو تبييض الصفحة وميزانيات الدولة، لإرضاء صندوق النقد الدولي، وإستقطاب بعض السيولة غير المؤكدة التي إذا تفاءلنا لن تتجاوز الـ 3 مليارات دولار إلى 4 مليارات، كديون متراكمة مجتزاة لمدة 5 سنوات. من جهة أخرى، نذكر، أن فريق صندوق النقد الدولي كان يزور لبنان مرات عدة في السنة، ويجتمع مع كل الجهات الإقتصادية في القطاعين العام والخاص، ويدرك تماما حقيقة وضعنا ومشاكلنا المزمنة”.
واعتبر أن “اقتراح هكذا خطة، حتى لو لم تقر، كلفت البلاد “كلفة الفرصة البديلة” (Opportunity Cost)، الباهظة والحد من تحويلات المغتربين. من جهة أخرى، إن هكذا خطة تشكل ضربة قاضية لكل القطاعات الإنمائية (صناعة، تجارة، سياحة، خدمات…) التي لا تستطيع ان تستمر في هذه الاجواء السلبية”.
ولفت الى أن “نقطة إنطلاق هذا المشروع، كان التركيز على حماية 98% من المودعين، وتحميل مسؤولية الإفلاس والإنهيار لـ 2% من الباقين”.
وقال: “كان طموحنا، أن هذا الإقتراح يحمي 98% من كل اللبنانيين وليس المودعين فقط. علما أن قسما كبيرا من أبنائنا لا يملكون حسابات مصرفية. وبحسب مرصد البنك الدولي، أن هناك أكثر من 50% يعيشون تحت خط الفقر، و22% يعيشون تحت خط الفقر المدقع. وأيضا مدخرات هؤلاء المودعين، حتى لو حميت، لن تكفيهم لعيش كريم لأكثر من شهر أو شهرين، وأن 2% التي تستهدفهم الخطة هم المستثمرون الناجحون والمغتربون الذين يستثمرون حتى اليوم، ويخلقون وظائف، ويثابرون لصنع النمو رغم كل السلبيات.
إن النقطة الثانية من هذه الخطة، مبنية على نمو 3.5%، وناتج محلي يبلغ 50 مليار دولار (مفترضين)، لكن لسوء الحظ، إنه من المستحيل أن نتوصل إلى هذه الأرقام الخيالية بعد الضرب بسيف حاد المستثمرين والشركات التي استطاعت أن تتعايش مع هذا الظرف، إذ وجهنا لهم ضربة قاضية بزيادة الضرائب، وخصوصا حيال شركات “الأوف شور”، و”الهولدينغ” فهذه الشركات هي الوحيدة التي تستقطب الـ “fresh money” حتى الآن”.
وأوضح أن “الـ 2% المستهدفين هم أيضا المغتربون الذين نجحوا وزرعوا العلم اللبناني في كل أنحاء العالم، وقد هربوا من لبنان خوفا من الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي، وها هي الدولة تلحقهم وتغتالهم مرة اخرى ليدفعون كلفة هذا الإفلاس والإنهيار”.
وإذ رأى زمكحل أن “هذه الخطة تستهدف أيضا القطاع المصرفي”، قال: “هدفنا ليس الدفاع عنه أو إستهدافه، لكن نذكر بصوت عال، أن هذا القطاع هو العمود الفقري لبلادنا، والذي من خلاله نمول التجارة والصناعة والسياحة والخدمات، وكل القطاعات الإنتاجية، لذا إن ضربه يشكل ضربة لكل القطاعات الإنتاجية التي لا تستطيع الاستمرارية من دعم قطاع مصرفي فعال.
تتحدث هذه الخطة عن إعطاء 5 رخص لمصارف جديدة، وإندماج وإنخراط المصارف القائمة. نسأل ونتساءل: من هم هؤلاء المستثمرون الذين سيجرؤون على هكذا إستثمارات بعد التحدث عن مشاريع مثل الـ “bail-in” والـ “haircut” وغيرها من المشاريع التخريبية التي تهرب أي مستثمر على المدى القصير المتوسط والبعيد”.
أضاف: “إننا ندرك كلنا تماما، أن مشكلتنا المستدامة والمزمنة كانت وهي لا تزال تتعلق بحجم الدولة والقطاع العام، الذي يشكل ثلث الموازنة، وأيضا التحويلات وعجز كهرباء لبنان التي تشكل أيضا ثلث الموازنة تقريبا، ولن نجد في الخطة المقترحة أي إصلاح جدي وتطبيقي على هذين الأمرين الأساسيين.
إن أزمتنا الأساسية اليوم هي أزمة ثقة بإمتياز، ومن جهة أخرى هي نقص في السيولة وبالعملات الأجنبية الاخرى، فهذه الخطة توجه ضربتين قاضيتين لهذين الأمرين، وتضرب ما تبقى من الثقة عند المقيمين والمغتربين، وتضع حدا لأي تحويل بالعملات الاجنبية على المدى الطويل”.
وختم: “إن هذه الخطة التي أردناها إصلاحية وإنمائية، قد تكون تخريبية وتغير هوية لبنان وإقتصاده الحر إلى الأبد.
إخواني النواب، إننا جميعا اليوم أمام قرارات تاريخية، وسيذكر التاريخ من دافع عن لبنان الديموقراطي وإقتصاده الحر، وأيضا سيتذكر من عمل وقبل بتغيير وجهه الإقتصادي.
إننا اليوم أمام مسؤولية تاريخية، ليس فقط بالنسبة إلينا، بل ولشركاتنا، لكن أيضا لأولادنا وأحفادنا وكل الأجيال المقبلة. فالتاريخ لم ولن يرحم”.