استعاد اللبنانيون مشهديّة الحروب التي مرّت على لبنان، وما أكثرها! وبادرت إلى أذهانهم ذكريات أليمة من الطوابير المصطفّة أمام الأفران ومحطات المحروقات وغيرهما… وكم عاد منهم خائبين خاليي الوفاض: لا رغيف، لا صفيحة بنزين، ولا دواء…
لذلك يسارعون اليوم، في سباق مع حرب غزة ومناوشات الجنوب، إلى تخزين المواد الاستهلاكية الحيوية تحسّباً لأي انزلاق إلى حرب شاملة لن يسلم منها أحد… فكم بالحريّ المأكل والمشرب والاحتياجات اليومية!؟
ولمصادفة التوتّر الأمني المحتدِم على أبواب فصل الشتاء، فمن الطبيعي أن يكون الاهتمام بتخزين المواد الطاقوية مضاعفاً عن غيره من المواد الاستهلاكية. وبما أن الغاز المادة الأكثر استعمالاً في وسائل التدفئة، شكّلت محطّ اهتمام المواطنين خصوصاً عقب الدعوة إلى ضرورة تخزين قوارير الغاز في الظروف الراهنة…
في غضون ذلك، يطمئن رئيس “نقابة العاملين والموزّعين في قطاع الغاز ومستلزماته” فريد زينون عبر “المركزية”، إلى “توفّر مادة الغاز بشكل طبيعي وبالكميات المعتادة التي تلبّي حاجة السوق”، ويؤكد أن “البواخر تُفرغ حمولتها من الغاز بشكل متواصل، وعلى سبيل المثال أفرغت إحداها منذ 10 أيام حمولتها في الجنوب”، جازماً أن “المخزون مؤمَّن دائماً لفترة شهر، وبالتالي لن يكون هناك انقطاع لمادة الغاز إطلاقاً”، لكنه يحذّر أنه “في حال حدوث أي طارئ أمني، فسيتوقف كل شيء”.
ويوضح أن دعوته الأخيرة للمواطنين إلى تخزين قوارير الغاز، تعود إلى الأسباب الآتية:
– الوضع الأمني غير المستقرّ، إذ في حال نشبت حرب على لبنان أو حدث أي تطوّر أمني، لن يعود في الإمكان استيراد الغاز عبر البواخر بحراً.
– في حال اندلاع الحرب لن يعود في مقدور شاحنات توزيع قوارير الغاز، التنقّل على الطرقات خوفاً من تعرّضها لقصف الطيران الإسرائيلي.
– في موسم الشتاء يزداد الطلب على الغاز، كونه المادة الأكثر استخداماً في وسائل التدفئة، وبالتالي الطرقات معرّضة للإقفال بالثلوج.. فالتهافت على شراء الغاز لزوم التدفئة، يتسبّب بندرة القوارير بصورة أسرع، تدفع بالموزّعين إلى العودة مرات كثيرة إلى المستودعات لتأمين القوارير، الأمر الذي يؤخّر عملية التوزيع على كل الأراضي اللبنانية. من هنا يجب التخزين عند بداية فصل الشتاء، كي لا ينقطع المواطنون من الغاز في ذروة البرد القارس وتساقط الثلوج.
– مررنا في أزمات عديدة تسبّبت بانقطاع الغاز في السوق، وأبرزها حرب تموز، قصف الكازخانات، انتشار جائحة “كورونا”، ثورة 17 تشرين، انهيار العملة الوطنية.
ويُضيف: بالتأكيد لن يعمد المواطن إلى تخزين 10 قوارير غاز في منزله، بل اثنتين أو ثلاثة تكون مجهّزة بالغاز. وعند توزيع كميات القوارير في المنازل، نكون خففنا من مخاطر تواجدها في مكان واحد ربما تعرّض للقصف المباشر.
ويسأل “إذا توسّعت رقعة القصف جنوباً، فأي شاحنة توزيع غاز ستصل إلى مناطق الجنوب؟! من هنا، كلما فرغت قارورة الغاز في المنزل أو في أي مكان آخر، على صاحبها أن يسارع إلى تعبئتها تلقائياً من دون أي تأخير”.
وعما إذا كان لدى النقابة خطة طوارئ، يُجيب زينون: في قطاع الغاز والنفط لا يوجد ما يسمّى بـ”خطة طوارئ”، لأنه في حال طرأ أي حدث أمني مفاجئ لن تجرؤ أي باخرة على الإبحار في اتجاه المرافئ اللبنانية ولا سيما مرفأ بيروت. والحالة ذاتها في قطاع الطيران.
… السوق السوداء تنشأ عند حدوث أي أزمة أو حدث أمني، “لذلك إذا تم اليوم تخزين قوارير الغاز بالسعر المعتمَد حالياً، فلن يكون هناك أي وجود للسوق السوداء” يختم زينون.