أظهر الارتفاع الملحوظ في صادرات النفط الإيرانية، خلال سبتمبر/أيلول الجاري، قدرة طهران على الإفلات من قبضة الحظر الأميركي المشدد، الذي يستهدف تصفير هذه الصادرات في إطار العقوبات الخانقة التي أعادت واشنطن فرضها منذ انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي في الثامن من مايو/أيار 2018.
وتحت عنوان “إيران عصية على الحظر النفطي”، ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء “إرنا”، في تقرير لها، أن زيادة صادرات إيران من النفط وبلوغها نحو 1.5 مليون برميل يومياً خلال الشهر الجاري، مؤشر على قدرة إيران على استمرار صادراتها في ظل الحظر الأميركي القاسي على هذا القطاع.
وحول استخدام ما يعرف بـ”سفن الشبح” لتصدير النفط، نقلت “إرنا” عن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه قوله إن “صاىرات النفط حق قانوني لإيران وإنها تستخدم أي طريق لصادراته ولن تستسلم أمام العقوبات”.
وأشار زنغنه قبل أيام في مجلس الشورى الإسلامي إلى الانفراج في صادرات النفط من خلال اعتماد طرق جديدة، مؤكدا “عدم استسلام إيران للحظر”.
وتأتي تصريحات زنغنه بينما تسعى، بعد تصعيد العقوبات الأميركية على قطاع النفط منذ نحو عامين، إلى الالتفاف على العقوبات النفطية منعا لتصفير صادراتها، وفق وكالة “إرنا”.
ووفق البيانات الرسمية الإيرانية، سجلت صادرات النفط والسوائل الغازية خلال سبتمبر/أيلول الجاري زيادة لا سابق لها منذ عام ونصف، كما ترتفع بنحو الضعفين عن مستويات أغسطس/آب الماضي الذي تراوحت حجم الصادرات خلاله بين 300 ألف و750 ألف برميل يومياً.
وتقول مصادر في قطاع النفط إن الناقلات التي تحمل الخام الإيراني تغلق أحيانا إشارة نظام “إيه.آي.إس”، وهو نظام تتبع آلي تستخدمه السفن، قبل أن تعيد تشغيله في مرحلة لاحقة من رحلتها، مما يجعل تتبعها أمرا صعبا، وفق تقرير لوكالة رويترز يوم الجمعة الماضي.
وفي ظل تقليص العقوبات للمبيعات، تخزن إيران النفط غير المباع على متن ناقلات في البحر، إلا أن بيانات صادرة عن مؤسسات دولية متخصصة في تتبع حركة النفط تظهر أن كمية المخزونات العائمة انخفضت في 2020، ما يشير إلى أن إيران عثرت على مستهلكين نهائيين لبعض النفط.
وأعلنت الولايات المتحدة من جانب واحد، في 19 سبتمبر/أيلول الجاري، أنّ عقوبات الأمم المتحدة على إيران، التي كانت قد توقفت بعد الاتفاق النووي مع القوى العالمية الكبرى في 2015، قد دخلت مجدداً حيّز التنفيذ، رغم اعتراض العديد من هذه القوى على القرار الأميركي.
وتعهّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ”عواقب” تطاول أي دولة عضو في الأمم المتحدة لا تلتزم بالعقوبات، على الرغم من أن واشنطن تبدو وحيدة في اعتبارها أن العقوبات مفروضة.
في المقابل، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني الولايات المتحدة “بالتوحش”، مضيفا في تصريحات نقلها التلفزيون يوم السبت الماضي بينما علت نبرة الغضب صوته :” تسبب الأميركيون في خسائر لإيران بعشرات الملايين من الدولارات”.
وتابع روحاني “أميركا، ومن خلال الحظر الظالم وغير القانوني والمغاير لحقوق الإنسان، حالت دون وصول الأدوية والمواد الغذائية إلى إيران”.
وتواجه إيران صعوبات اقتصادية حادة وسط شحّ في موارد النقد الأجنبي بسبب العقوبات الأميركية، التي حدّت من قدرة إيران على بيع النفط، حيث لم تجنِ سوى 20 مليار دولار العام الماضي، بينما كانت قد وصلت إلى 120 مليار دولار عام 2011، وفق تصريحات روحاني، في 13 سبتمبر/ أيلول الجاري.
وتسببت العقوبات في تقليص إنتاج إيران من النفط الخام إلى متوسط 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنة بـ 3.85 ملايين قبل العقوبات، وفق بيانات منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”.
وواصلت العملة الإيرانية تهاويها في السوق الموازية نحو قاع جديد، اليوم الاثنين، ليصل سعر الدولار إلى 295.2 ألف ريال.
وأعلن محافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي، في تصريحات لوكالة “إرنا” يوم الجمعة الماضي، عن خطط سيتم تنفيذها تدريجياً للحصول على بعض موارد البلاد من العملة الأجنبية في الخارج، من دون أن يفصح عن طبيعة هذه الخطط.
وقال همتي إن عدم التوازن الذي حصل بين العرض والطلب منذ بداية العام (الإيراني بدأ في 20 مارس/آذار)، بسبب تفشي فيروس كورونا، في مجال الحوالات التجارية، اشتد بسبب تقاعس بعض المصدرين في عرض العملة الأجنبية واستمرار وتيرة الطلب في الأشهر الماضية.
وأضاف أن “الأجواء السياسية والإعلامية الناجمة عن الخطوة الأميركية في الإعلان عن تفعيل آلية الزناد قد وفرت المناخ اللازم لارتفاع سعر الدولار خلال الأسابيع الأخيرة”.
وتنهار العملة الإيرانية بشكل متسارع منذ يونيو/ حزيران الماضي، إذ فقدت منذ ذلك الحين أكثر من 45% من قيمتها، وفق حسابات “العربي الجديد”، إذ لم يكن سعر الدولار آنذاك يتخطى 200 ألف ريال، بينما يحدد البنك المركزي سعر العملة الأميركية رسمياً بنحو 42 ألف ريال.