تابع الدولار ارتفاعه ملامساً الـ14 ألف ليرة لبنانية مساء أمس، أي بزيادة ألف ليرة لبنانية عن اليوم الذي قبله، وسط توقعات أن يواصل مساره التصاعدي في الأيام المقبلة بالمعدّل نفسه. حفلة جنون لم يكن ينقصها سوى إقفال بعض محال السوبرماركت والمحال التجارية أبوابها بانتظار أن يرسو الدولار على مستوى معيّن، حتى تصدر هذه المؤسسات لوائح أسعار جديدة. وعمد المورّدون يوم أمس الى الامتناع عن تسليم المحروقات كما مختلف المواد في الإطار نفسه، ما ضاعف «هجمة» الناس لتعبئة سياراتهم بالبنزين خوفاً من انقطاعه، ولتخزين المواد الغذائية قبل ارتفاع سعرها. هذا المشهد مردّه الى انهيار الليرة، وكان يستدعي إجراءات سريعة لمحاولة الحدّ من هذا الانهيار أو إبطائه.
إلا أن ما حصل هو التالي: المسؤول الأول، قانوناً، عن سلامة النقد، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، موجود في باريس لمعالجة أوضاع شخصية تتعلق بالدعوى المرفوعة عليه في سويسرا. هو في ما يشبه الإجازة. في أي بلد آخر، أداء مماثل يؤدي الى إقالة صاحبه. لكن لأن السلطة السياسية هي شريكة سلامة في السياسات والأرباح والهندسات، تؤثر حمايته والدفاع عنه وإيجاد الحجج، وصولاً الى قوننتها لضمان عدم محاسبته عبر دفن أي أمل بأي تحقيق جنائي.
هي الفوضى الأمنية والاقتصادية والمالية والسياسية تعبث بالبلد وتدفعه الى الانهيار الشامل بسرعة جنونية. ثمة من يستفيد من هذا الانهيار ويتعمّد خلق الأجواء والظروف المؤاتية لتغذيته حتى ينقضّ على خصومه السياسيين.