شهِدت سندات لبنان الدوليّة ارتفاعاً بأكثر من سنت واحد، أمس الإثنين، بعد أيامٍ قليلة من تشكيل الحكومة، بما يعكس تفاؤل الأسواق بقدرة الدولة على إعادة هيكلة الديون.
أظهرت بيانات تريدويب أنّ سندات لبنان المقوّمة بالدولار قفزت بما يصل إلى 1.1 سنت لتطرح للبيع عند نحو 18.3 سنتاً عبر معظم آجال الاستحقاق، وهو أعلى مستوى منذ آذار 2020.
الأمر الإيجابي
وعن ارتفاع “السندات”، يؤكّد الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، لـ “نداء الوطن”، أنّ “تأثيره على المستوى الاقتصادي معنوي أكثر منه مادّياً. عندما يرتفع سعر السند، يُعوّل حامل السند على أنه من المُمكن أن تقوم الدولة بإعادة هيكلة الديْن، وأنّ ملء الفراغ في المؤسسات الدستورية هو المدماك الأول للإصلاح أكان على المستوى الاقتصادي أو المالي، لأنه من دون حكومة لا يُمكن إجراء أي إصلاحات أو مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أو أي تعيينات في الوظائف الشاغرة أكان من الفئة الأولى أو أي فئات أخرى، كما لا يمكن وضع موازنة تعكس رؤية اقتصاديّة وسياسة ماليّة”.
وبالتالي، يعتبر أبو سليمان أنّ “هذا هو الأمر الإيجابي لارتفاع سعر السندات. كما أنّ حاملي السندات عملياً يعولون على حصول إعادة هيكلة وأنّ الوضع كان مأزوماً لكنه أصبح في طور التحسّن”.
“تفاءلوا بالخيْر تجدوه”
هل لديكم نظرة تفاؤلية على الصعيد الاقتصادي بعد تشكيل الحكومة؟ يُجيب: “لا يمكننا القول إلّا “تفاءلوا بالخيْر تجدوه”. لكن علينا ألا ننسى أننا منذ أشهر كنا في حرب وفي الحضيض، واليوم أصبح لدينا حكومة تضمّ فريقاً متجانساً وأشخاصاً من ذوي الكفاءات، وبالتالي لا يُمكننا إلّا أن نعوّل على هذه الحكومة”.
ويختم أبو سليمان: “الإصلاح يبدأ بملء الشغور في المؤسسات الدستوريّة وعلى رأسها رئاسة الجمهورية والمؤسسة التنفيذيّة أيّ مجلس الوزراء. وبالتالي أنا متفائل”.
دلالات اقتصاديّة وماليّة:
ارتفاع سندات لبنان له دلالات اقتصاديّة وماليّة مُهمّة، منها:
تحسّن ثقة المستثمرين وارتفاع أسعار السندات يشيران عادة إلى زيادة الطلب عليها، ممّا يعني أن المستثمرين أكثر تفاؤلاً بشأن قدرة لبنان على سداد ديونه أو تحقيق استقرار اقتصادي.
انخفاض تكلفة الاقتراض المستقبلي، إذا ارتفعت أسعار السندات فإن العوائد (الفوائد) التي يجب على الحكومة دفعها إلى المستثمرين تنخفض، مما يقلل تكلفة الاقتراض في المستقبل.
تحسّن الوضع الاقتصادي والسياسي، وغالباً ما ترتفع السندات عندما تكون هناك توقّعات بإصلاحات اقتصاديّة أو تغييرات سياسيّة إيجابيّة.
جذب الاستثمارات الأجنبية وارتفاع السندات يُشجّعان المستثمرين على دخول السوق اللبناني، ممّا قد يُساهم في ضخ سيولة جديدة وتحسين الاقتصاد.
وتُمثّل التحركات الأحدث تحوّلاً حادّاً في السندات التي ظلت عند مستويّات بالغة التعثّر عند نحو خمسة سنتات خلال معظم السنوات الثلاث الماضية لكنها ارتفعت عدة أمثال منذ الاتفاق مع إسرائيل على وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي.
وقال محلّلون إنّ التقدّم في إعادة هيكلة السندات الدولية للبنان، الذي تخلف عن سدادها منذ ربيع 2020، ربما لا يزال يحتاج لبعض الوقت، بحسب وكالة “رويترز”.
وقال محللو بنك جيه.بي مورغان في مذكرة للعملاء يوم السبت: “ربما لا يزال (موعد) مناقشة إعادة هيكلة الديون بعيداً، كما أن عملية إعادة البناء والإعمار يجب أن يكون لها الأولويّة”.
هذا وأشار رئيس الحكومة نوّاف سلام السبت إلى أنّ “الحكومة ستعطي الأولويّة للإصلاحات المالية وإعادة الإعمار، وتنفيذ قرار للأمم المتحدة يعتبر حجر الزاوية لاستقرار الوضع على الحدود اللبنانية مع إسرائيل”.