اتخذت سوريا خطوة أخرى في سجل أزماتها المزمنة بإرهاق كاهل المستهلكين، الذين يعانون من تراجع قدرتهم الشرائية عبر زيادة أسعار الاتصالات ضمن خطة لإنقاذ شركات القطاع الغارقة في المشاكل، وهو تحرك قد يثير جدلا بين المستخدمين.
وأعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد امس الأربعاء أنه سيتم تعديل أسعار خدمات الشركة السورية للاتصالات بدءا من الأول من سبتمبر القادم.
وأوضحت الهيئة في إعلانها عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك أن التعديل سيكون بزيادة من 30 إلى 35 في المئة لكل من أسعار خدمات الهاتف والإنترنت الثابتة للشركة دون أي زيادة على أجور التركيب الابتدائية وأجور الاتصالات الخلوية.
وبينت أن التعديل جاء بناء على البيانات المالية المقدمة من الشركة إلى الهيئة، ومن خلال الدراسة التي تمت في الهيئة لقدرة الشركة على إضافة خدمات جديدة وتوسيع الشبكة الداخلية لاستيعاب زيادة عدد بوابات الإنترنت وإعادة الاتصالات إلى المناطق المتضررة.
والسورية للاتصالات شركة ذات تمويل ذاتي أي أنها تعتمد على إيراداتها في تنمية أعمالها ومواجهة التحديات المفروضة عليها بسبب عقوبات “قيصر” الأميركية.
وهذه الزيادة الثانية للشركة في غضون ستة أشهر إذ قامت في مارس الماضي بزيادة أسعار خدماتها المقدمة للمستهلكين، حيث بلغت كلفة الاشتراك الشهري للهاتف الثابت 2300 ليرة (0.93 دولار).
وتتذرع شركات الاتصالات في البلاد بارتفاع التكاليف التشغيلية وارتفاع تكاليف استيراد التجهيزات اللازمة لأبراجها للمطالبة برفع أسعار المكالمات والإنترنت التي تقدمها.
ومنذ 2011 يعاني البلد من أزمة اقتصادية ومالية طاحنة، سببت تدهورا حادا في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وشحا في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، وارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق.
وفي فبراير 2022 منحت الحكومة ترخيص عمل لشركة اتصالات جديدة، هي الرابعة في البلاد، تحت علامة تجارية اسمها “وفا”، إلى جانب شركات السورية للاتصالات وسيرياتل وأم.تي.أن.
وتُعدّ سيرياتل أبرز شركة اتصالات في سوريا وتملك 70 في المئة من سوق الاتصالات، وأسسها رجل الأعمال المعروف رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد.
لكن مخلوف أجبر في عام 2020 على التخلي عن الشركة على خلفية صراع مع الحكومة السورية التي طالبت الشركة بتسديد أكثر من 180 مليون دولار كجزء من مستحقات للخزينة.
أما أكبر شركة اتصالات في أفريقيا أم.تي.أن فقد أعلنت في صيف عام 2020 أنها تجري محادثات لبيع حصتها البالغة 75 في المئة في الوحدة السورية أم.تي.أن.
وأوضح المدير العام التنفيذي للشركة السورية للاتصالات سيف الدين الحسن أن تعديل الأسعار جاء استنادا إلى موافقة الهيئة الناظمة على تعديل الخدمات الثابتة، في ضوء الارتفاع الكبير لكلفة التجهيزات التقنية المستخدمة والمصاريف التشغيلية للشبكات.
شركات الاتصالات تتذرع بارتفاع التكاليف التشغيلية وارتفاع تكاليف استيراد التجهيزات اللازمة لأبراجها للمطالبة برفع أسعار المكالمات والإنترنت
ونسبت وكالة الأنباء السورية الرسمية إلى الحسن قوله إن “الشركة ملزمة بدفع أجور الخدمات بالنقد الأجنبي للشركات المزودة عالميا بينما الإيرادات بالليرة وبالتالي هناك فجوة كبيرة بين النفقات والإيرادات”.
وأضاف “لذلك فإن تعديل الأسعار يأتي لتحقيق التوازن ولضمان استمرارية خدمات الاتصالات”.
ولفت إلى أن الزيادة بأعداد مشتركي الشركة ولاسيما مستخدمي بيانات الإنترنت استدعت تحسينات مستمرة وتوسيع البوابة الدولية.
كما أن النفقات الكبيرة تتحملها الشركة لإعادة خدمات الاتصالات والإنترنت للمناطق المحررة وتأهيل المراكز الهاتفية والشبكات الهاتفية لتشجيع عودة الأهالي إلى منازلهم.
وأشار الحسن إلى أن في ظل زيادة ساعات تقنين التيار الكهربائي ازدادت الحاجة إلى أنظمة الطاقة الشمسية وإلى المحروقات خاصة الديزل حيث تعتبر المادة الأساسية لتشغيل المحركات في مراكز الاتصالات.
وأكد أن هناك مواقع تتراجع فيها كفاءة أنظمة توليد الطاقة الكهربائية بالألواح الشمسية حسب ظروفها المناخية ومواقعها الجغرافية، مما يتحتم على الشركة توفير الوقود اللازم لجعل الشبكة تعمل على مدر الساعة.
وبيّن الحسن أن العمل بالأسعار الجديدة لا يشمل الأجور الابتدائية لتركيب خدمات الاتصالات الثابتة كأجور تركيب الهاتف الأرضي وأجور تركيب البوابات وغيرها من الأجور الخاصة بتركيب خدمات الشركة للمرة الأولى.