تنشر «نداء الوطن» تقرير اللجنة البرلمانية الخاصة بتقصي الحقائق حول ملابسات تلزيم مشروع النظام المتكامل المتعلق باصدار رخص سوق ورخص سير المركبات الآلية واللاصقات الالكترونية ولوحات التسجيل الآمنة وبرامج مكننة مصلحة تسجيل السيارات والآليات. وعقدت لجنة تقصي الحقائق المكلفة من لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه ست جلسات في الفترة الممتدة بين تاريخ 14/9/2023 و 3/1/2024، برئاسة رئيس اللجنة النائب ابراهيم منيمنة وحضور النواب أعضاء اللجنة فضلاً عن مشاركة نواب من خارج اللجنة في عدد من هذه الجلسات. كما حضر بعض الجلسات كل من: مدير عام هيئة إدارة السير والمركبات والآليات بالتكليف محافظ بيروت القاضي مروان عبود، رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان عليّة، ممثلا ديوان المحاسبة القاضي ناصيف ناصيف والقاضي عبد الرضا ناصر، ممثلة وزارة المالية – مديرة المحاسبة العمومية – الدكتورة رجاء الشريف. وفي يأتي نص التقرير:
باشرت لجنة تقصي الحقائق عملها بوضع آلية ومسار لعملها، فتوافقت على المباشرة بتجميع كل المعلومات والبيانات المتعلقة بموضوع عملها، ومن ثم دعوة المعنيين لسؤالهم وسماع ردودهم ليبنى على الشيء مقتضاه. وحيث أنه بعد الاستحصال على دفتر الشروط وسائر المعلومات والملفات والبيانات المتعلقة بالتلزيم المذكور، باشرت اللجنة التدقيق فيها والاستماع إلى آراء وملاحظات الجهات المعنية، لا سيما مدير عام هيئة إدارة السير والمركبات والآليات بالتكليف وممثلة وزارة المالية، كما استمعت على مدى جلساتها إلى ملاحظات وآراء الجهات الرقابية المعنية (ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام).
إشارة لافتة
(لا بدّ من الإشارة الى أنه وبعد محاولات متعدّدة من مدير عام هيئة ادارة السير للحصول على المحاضر والملفات والمعلومات المطلوبة، تمنّع موظفو مصلحة تسجيل السيارات عن التعاون لتأمين المطلوب من الملفات والمعلومات. ما دفع اللجنة إلى الاستحصال عليها من الجهات والادارات المتفرقة، لا سيما من ديوان المحاسبة «محاضر اجتماعات مجلس ادارة الهيئة، ملفات التلزيم، محاضر التلزيم، دفتر الشروط….»).
الإستعراض القانوني
وحيث أنه بعد استعراض الإطار القانوني والتنظيمي والنظام المالي لهيئة إدارة السير والمركبات والآليات، تبين للجنة وجود العديد من الثغرات التي انعكست على عمل وأداء الهيئة، لا سيما في ما يتعلق بملابسات ما سبق ورافق مناقصة تلزيم مشروع النظام المتكامل المتعلق باصدار رخص سوق ورخص سير المركبات الآلية واللاصقات الالكترونية ولوحات التسجيل الآمنة وبرامج مكننة مصلحة تسجيل السيارات والآليات التي فازت بها شركة إنكربت. وأبرز هذه الثغرات تتمثل بالتالي:
– من الناحية القانونية تُعدّ هيئة إدارة السير والمركبات والآليات مؤسسة عامة جرى إنشاؤها بموجب المرسوم رقم 4082/2000 «مرسوم تنظيم وزارة الداخلية والبلديات»، ومن ثم تمّ تحديد مهامها وملاكاتها بموجب المرسوم 11244/2002. حيث تشمل هذه المهام نواحي عديدة ومتشعبة، منها على سبيل المثال مسؤولية إدارة السير والطرقات والقيام بالإرشاد والتوعية، وغيرها من المهام التي تتطلب هيكلية كبيرة وموارد ذاتية للقيام بها.
– تتمتع هيئة إدارة السير والمركبات والآليات قانوناً بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري، إلا أنه من الناحية العملية ليس لدى الهيئة موارد ذاتية لأن كل ما تجبيه من رسوم وبدلات يذهب إلى خزينة الدولة. وبالتالي ينطبق عليها من الناحية الواقعية العديد من النصوص التي كان معمولاً بها قبل تحويل مصلحة تسجيل السيارات إلى مؤسسة عامة. (حين كانت هذه المصلحة جزءاً من ملاك وزارة الداخلية والبلديات).
– أن سلطة وزير الداخلية والبلديات على الهيئة تتجاوز من الناحية العملية سلطة الوصاية التي يمارسها وزير الوصاية على المؤسسات العامة بمقتضى المرسوم رقم 4517 الصادر بتاريخ 13/12/1972 «النظام العام للمؤسسات العامة».
كل ذلك يتطلب إعادة النظر بالنصوص القانونية والتنظيمية التي ترعى عمل الهيئة، وإدخال التعديلات المطلوبة عليها، لسدّ الثغرات القانونية التي تعترض وتعيق عمل الهيئة وممارستها مهامها المحدّدة بموجب المرسوم 11244/2002.
وحيث أن اللجنة رأت عدم التعمّق في مناقشة الوضعية القانونية للهيئة، والسعي مستقبلاً لسدّ الثغرات التي تمّت الإشارة إليها عبر تبني اقتراح قانون بهذا الشأن. وعليه فقد قرّرت اللجنة تركيز بحثها ونقاشها على المواضيع والنقاط التالية: دفتر الشروط والمسار الذي سلكه والعيوب التي شابته، مرحلة التلزيم وتصديق التلزيم وإسناد الصفقة والعيوب والمخالفات التي رافقتها، العيوب التي شابت مرحلة التطبيق.
أولاً: دفتر الشروط والمسار الذي سلكه والعيوب التي شابته
إطلعت اللجنة على دفتر الشروط الخاص بتلزيم رخص سوق ورخص سير المركبات الآلية واللاصقات الالكترونية ولوحات التسجيل الآمنة وبرامج مكننة مصلحة تسجيل السيارات والآليات، وبعد الاستماع إلى رأي وملاحظات الجهات المعنية تبين للجنة ما يلي:
• أن قسماً من دفتر الشروط الذي يحمل عنوان (شروط العقد الخاصة) هو بمثابة العقد الذي على أساسه تمّ السير بالمناقصة والتلزيم.
• أنه بتاريخ 12/2013 ورد إلى ادارة المناقصات مراسلة من وزير الداخلية الأسبق مروان شربل (خلال عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي) لإبداء الرأي بدفتر شروط لتلزيم لوحات تسجيل مركبات عالية الآمان. وبعد درس دفتر الشروط المعروض عليها والتدقيق فيه، ردّت ادارة المناقصات على الكتاب المذكور، بأن المرجع الصالح لاجراء المناقصة هو ادارة المناقصات. كما أرفقت بكتابها لائحة من الملاحظات على دفتر الشروط المعروض عليها (19 ملاحظة). فكان جواب الوزير خطيّاً بأنه سوف يتقيّد بكامل الملاحظات، وهو لهذه الغاية كلف الوزير شخصاً لتمثيل الوزارة ومتابعة الملاحظات مع إدارة المناقصات. وبعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس تمام سلام، وحلول الوزير نهاد المشنوق مكان الوزير مروان شربل على رأس وزارة الداخلية، انقطع التواصل مع إدارة المناقصات. ولم يتم بالتالي إطلاعها على دفتر الشروط الجديد المُدمج (تمّ دمج أربعة دفاتر شروط ضمن دفتر واحد). حيث أجريت المناقصة والتلزيم في هيئة إدارة السير.
• أن إدارة السير والمركبات والآليات وجهت بتاريخ 9/7/2014 كتاباً إلى وزير الداخلية والبلديات في حينه الأستاذ نهاد المشنوق (الكتاب رقم 3793)، لأخذ رأيه بشأن مسودة ثلاثة دفاتر شروط: الأول يتعلق برخص السوق ودفاتر السيارات، والثاني باللوحات الآمنة، فيما الثالث يتعلق بمكننة مصلحة تسجيل السيارات والمركبات والآليات. فرد الوزير بالكتاب رقم 16127 تاريخ 14/8/2014 الذي خلُص فيه إلى الطلب من الهيئة إعداد دفتر شروط جديد يتضمن تلزيم رخص سوق ورخص سير المركبات الآلية واللاصقات الالكترونية ولوحات التسجيل الآمنة وبرامج مكننة مصلحة تسجيل السيارات والآليات. وقد برّر الوزير طلبه بأسباب تقنية وأمنية وإدارية، منها ضرورة ربط الأنظمة المعلوماتية بشكلٍ فعال وسريع بما يؤمن آلية إدارية وتقنية موثوقة لإنتاج لوحات التسجيل الآمنة، بحيث يُمنع إنتاجها قبل التأكّد من صلاحية بيانات رخص السير. وفي هذا الإطار مارس الوزير صلاحية الحلول محلّ الإدارة وتجاوز بالتالي سلطة الوصاية الممنوحة إليه.
• على الرغم من عرض دفتر الشروط الأول على إدارة المناقصات، والكتاب الرسمي الذي وجهته إدارة المناقصات للوزير مروان شربل بوجوب إجراء المناقصة في إدارة المناقصات وليس في هيئة إدارة السير، وكذلك قيامها بوضع ملاحظاتها على دفتر الشروط، لم يعمد الوزير نهاد المشنوق إلى التواصل مع إدارة المناقصات قبل إجراء المناقصة، أو على الأقل اللجوء إلى تعليل قراره المتعلق بعدم العودة إليها، مما يثير الاستغراب والشك.
وتجدر الإشارة إلى أن المعايير المعتمدة لتحديد الجهة المخوّلة إجراء المناقصة ترتبط بمصدر التمويل والمرجع الصالح لاجراء العقد. فإذا كان التمويل من الخزينة فإن الوزير هو الذي يعقد الصفقة وبالتالي تجريها إدارة المناقصات. أما في المؤسسات العامة فتكون الادارة هي المخوّلة تحضير دفتر الشروط، فيما يقوم مجلس إدارة المؤسسة العامة باقراره، ويتولى وزير الوصاية المُصادقة عليه. وفي هذا الإطار من المعلوم أن هيئة ادارة السير والمركبات والآليات هي مؤسسة عامة ولديها استقلال مالي واداري، لكن وارداتها تذهب بكاملها إلى الخزينة العامة وبالتالي ليس لديها أموال خاصة بها. وبالمقابل تحصل الهيئة على مساهمة من الدولة من خلال الموازنة العامة العائدة لوزارة الداخلية والبلديات. مما أدى إلى ضياع في الهوية القانونية لهيئة إدارة السير والمركبات والآليات، الأمر الذي أثّر على العقد مع شركة انكربت.
• عند إجراء المناقصة موضوع النقاش كانت الحكومة مستقيلة وتقوم بتصريف الأعمال، وكان قد صدر قرار عن دولة رئيس مجلس الوزراء بعدم إجراء صفقات كبرى خلال فترة تصريف الأعمال. وعليه فقد تمّ أخذ موافقة استثنائية من مجلس الوزراء لإجراء المناقصة المذكورة.
• أصدر مجلس الوزراء بتاريخ 10/7/2014 القرار رقم 29/2014 الذي وافق بموجبه على دفتر الشروط الخاص بمشروع التلزيم، وكلّف الوزير السعي لتأمين هبة من دولة الإمارات العربية المتحدة لتغطية كلفة المشروع. ومن ثم أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 69/2014 بتاريخ 11/9/2014 الذي أعاد فيه الموافقة على دفتر الشروط وأعطى هيئة إدارة السير سلفة خزينة بمقدار 37,675,000,000 ليرة لبنانية للمباشرة بالتنفيذ، وذلك بعد تعذّر تأمين هبة لتغطية كلفة المشروع. من دون أن يصدر أي تحفظ من قبل ديوان المحاسبة على هذا الأمر.
• تمّ اعتماد النظام البايومتري في الدفاتر والرخص، على الرغم من الكلفة العالية المترتبة جراء إعتماد هذا النظام، وبالتالي تمّ أخذ البصمات من المواطنينن عند الاستحصال على رخص السوق ودفاتر المركبات. مع العلم أن هذه البصمات مأخوذة لدى إصدار جوازات السفر وبطاقات الهوية. كما أن الشركة نفسها تقوم بإصدار الباسبورات وبطاقات الهوية. مما يطرح السؤال حول الأسباب التي تدفع لتكليف نفس الجهة القيام بالعمل نفسه أكثر من مرة وتحميل المواطنين هذه الأكلاف مراتٍ متعددة.
• تمّ دمج معايير التأهيل بمعايير التقييم في دفتر الشروط (معايير التأهيل توضع لاختيار العارضين المؤهلين القادرين على تنفيذ المشروع). كما تمّ اعتماد العرض الأفضل وليس السعر الأدنى عند ترسية المناقصة. وهذا أمر جائز، لكنه يسمح بالاستنسابية خصوصاً أن معايير التقييم كانت موزعة على أساس 55% على المعايير الفنية و 45% على المعايير المالية.
• جرى وضع معايير غير قابلة للقياس بشكل موضوعي (اختصاص العارض، المؤهلات المالية للعارض، المؤهلات المهنية للعارض، كفاءة الجهاز الفني والإداري لتنفيذ المشروع، الهيكلية التنظيمية وعدد موظي الملتزم، جودة المواد المستعملة لتصنيع رخص السوق ورخص سير المركبات الآلية، جودة المواد المستعملة لتصنيع لوحات التسجيل الآمنة، جودة البرامج المتّبعة، جودة وعدد التجهيزات والبرامج المقدّمة، جودة وسرعة خدمات المشروع…).
كل ذلك يطرح التساؤل حول ما إذا كان توزيع العلامات التقنية يعكس أهمية العناصر والمتطلبات المدرجة في دفتر الشروط، وإن كانت هذه المعايير تغطي المتطلبات التقنية في دفتر الشروط. والأهم هو كيفية قياس بعض هذه المعايير ووضع العلامات عليها بغياب المعيار الموضوعي.
• عدم وجود تحليل أسعار يبيّن كلفة كل خدمة تقدّمها الشركة. حيث تمّ دمج كلفة البرنامج المعلوماتي وأنظمة التشغيل والتجهيزات وسوى ذلك، مع كلفة إصدار الدفاتر واللوحات واللاصقات الالكترونية. (على سبيل المثال بلغت كلفة إصدار دفتر السوق 13.5$ وكلفة رخصة السوق 17.61$ وكلفة إصدار اللاصقة الالكترونية 6,7$…). وقد انعكس ذلك على المؤهلات المطلوبة من العارضين وعلى معايير المفاضلة المعتمدة من قبل الادارة، كما انعكس على معايير احتساب الكلفة الحقيقية لكل خدمة مقدّمة.
• جرى اعتبار مدة المشروع 7 سنوات وطُلب من العارضين تقديم أسعارهم على هذا الأساس. (أي أن قيمة الكفالة التي يضعها الملتزم كان يجب أن تكون 174 مليون$). مما منع الشركات المتوسطة والصغيرة من التقدّم للمزايدة بسبب ضخامة حجم المشروع. ولكن بعد حصول المزايدة طُلب من الشركة دفع الكفالة عن كل سنة على حدة. كما أن قيمة الكفالة التي تضعها الشركة هي بالعملة الوطنية، فيما العقد بالدولار. (قيمة الكفالة 3 مليارات ليرة لبنانية). بحسب شكل المشروع وكيفية تمويله كان يجب اللجوء إلى اقرار قانون برنامج في مجلس النواب قبل السير به.
• تقدمت للمناقصة 3 شركات (انكربت –Securaidy –BMB) وهي كلها شركات متخصصة بالطباعة، فيما الجزء الأكبر من المشروع يتعلق بالمكننة. ومرد ذلك إلى عملية دمج دفاتر الشروط الأربعة مما جعل الشركات المتخصصة بالمعلوماتية تحجم عن التقدّم للمناقصة على الرغم من أن حجم الجانب المتعلق بالمكننة والتجهيز يتجاوز نسبة الـ 50% من القيمة الإجمالية للصفقة.
بالمحصلة تبيّن للجنة وجود مخالفات أساسية، لا سيما لجهة دمج دفاتر الشروط الأربعة، والجهة التي أجرت المناقصة، وتجاوز الملاحظات الجوهرية التي أبدتها ادارة المناقصات، وعدم اعتماد مرحلة للتأهيل وأخرى للتقييم، وكذلك وضع معايير للتقييم تتضمن إمكانية استنسابية عالية، فضلاً عن قيمة الكفالة التي وضعتها الشركة الملتزمة بما يخالف مندرجات دفتر الشروط.
ثانياً: مرحلة التلزيم وتصديق التلزيم وإسناد الصفقة والعيوب والمخالفات التي رافقتها
أطلعت اللجنة على محضر فض العروض المتعلق بمناقصة بتلزيم رخص سوق ورخص سير المركبات الآلية واللاصقات الالكترونية ولوحات التسجيل الآمنة وبرامج مكننة مصلحة تسجيل السيارات والآليات، وبعد الاستماع إلى رأي وملاحظات الجهات المعنية تبين ما يلي:
• بتاريخ 19/11/2014 اجتمعت لجنة المناقصات في هيئة ادارة السير والمركبات والآليات، المشكّلة بموجب قرار مجلس إدارة الهيئة رقم 62/2014 الصادر بتاريخ 13/8/2014 والمصادق عليه من وزير الداخلية والبلديات أنذاك الأستاذ نهاد المشنوق بتاريخ 18/8/2014، والمؤلفة من السادة أنطوان شموني «رئيساً» ورباح مرعشلي ورفيق سماحة «أعضاء». وذلك لتقييم العروض الفنية المقدّمة من العارضين وفتح العرض المالي. وبنتيجة التقييم الفني الذي أجرته لجنة المناقصات حصلت شركة إنكربت على علامة 98,6%، فيما حصلت شركة Secureaidyعلى علامة 86,24% وشركة BMB على علامة 90,32 %.
• بعد فض غلافات الأسعار تبيّن أن العرض المالي المقدّم من شركة إنكربت بلغ 174,876,900 $، فيما بلغ العرض المالي المقدّم من شركة Secureaidy 203,278,700 $، والعرض المالي من شركة BMB 207,240,000 $، علماً أن عروض الأسعار تتضمن قيمة الضريبة على القيمة المُضافة.
• بعد حصول شركة إنكربت على المرتبة الأولى لناحية العرض التقني الأفضل وكذلك تقديمها السعر الأدنى تمت ترسية المناقصة على الشركة المذكورة، وجرى إعطاؤها أمر مباشرة العمل.
• بعد قيام النائب السابق زياد أسود بتقديم إخبار حول المناقصة المذكورة، أصدرت النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة بتاريخ 16/12/2014 القرار رقم 119/2014 الذي قضى بحفظ الملف لعدم ثبوت وجود شوائب أو مخالفات في اعداد دفتر الشروط العائد للمناقصة المذكورة. (قرارات الحفظ التي تصدرها النيابة العامة لها صفة المؤقت ويمكن للنائب العام في كل وقت الرجوع عنها ومعاودة الملاحقة خصوصاً عند توفر عناصر ومعطيات جديدة).
• أن هيئة ادارة السير لا تخضع لرقابة ديوان المحاسبة المُسبقة، فيما تخضع بصفتها مؤسسة عامة للرقابة اللاحقة لديوان المحاسبة في كل ما يتعلق بأمورها المالية سيما في ما يتعلق بتنفيذ العقود التي يتم إبرامها من قبلها. لذلك قامت غرفة ديوان المحاسبة المختصة بمتابعة عمل وزارة الداخلية والبلديات، بعد اطلاعها على قرارات هيئة إدارة السير المُرسلة إليها على سبيل الاطلاع، بفتح ملف المناقصة والتلزيم موضوع البحث والتحقيق بملابساته، حيث خلصت إلى إصدار قرارها بشأنه بتاريخ 19/7/2022.
ثالثاً: العيوب التي شابت مرحلة التطبيق
بعد استكمال البحث والنقاش بموضوع دفتر الشروط وعيوبه ومرحلة التلزيم وإسناد الصفقة المتعلقة بتلزيم رخص سوق ورخص سير المركبات الآلية واللاصقات الالكترونية ولوحات التسجيل الآمنة وبرامج مكننة مصلحة تسجيل السيارات والآليات، باشرت اللجنة الاطلاع على الأخطاء والعيوب التي رافقت مرحلة تطبيق المشروع. حيث تبدّى للجنة الكثير من الثغرات والأخطاء التي رافقت عملية تنفيذ المشروع أبرزها:
• أن غرفة ديوان المحاسبة، التي فتحت تحقيقاتها في الملف، قامت بتكليف خبير لوضع تقرير رسمي حول ما تمّ إنجازه من الأعمال ومدى مطابقتها للمواصفات المذكورة في دفتر الشروط، وما قامت الشركة بتركيبه من تجهيزات في مراكز هيئة إدارة السير وفقاً لمندرجات دفتر الشروط. وبناءً للتكليف قام الخبير بإنجاز معظم المهام التي كُلف بها، لكنه امتنع عن التوقيع على التقرير الرسمي وتنحى عن مهمته من دون أن يتقاضى أي مبلغ مالي لقاء ما أنجزه من مهام، وهو أمر يثير الشكوك والتساؤلات. خاصةً أن الخبير المذكور قد سافر للعمل خارج لبنان بعد تنحيه عن مهمته.
• عدم إمكانية الاستفادة من المواصفات التقنية العالية التي تضمّنها دفتر الشروط والذي على أساسه تمّ تقديم الخدمات. لا سيما اعتماد النظام البيومتري في إصدار دفاتر المركبات، رخص السوق، واللوحات الآمنة. حيث يقتضي لتحقّق النتائج المطلوبة أن يُصار إلى ربط البيانات والمعلومات مع الادارات والأجهزة المعنية، لا سيما وزارة العدل والمالية وقوى الأمن الداخلي ومراكز المعاينة الميكانيكية. وهو الأمر الذي لم يصر إلى تنفيذه حتى اليوم.
• لجوء الشركة الملتزمة (إنكربت) إلى الإضراب وتعطيل المرفق العام لفترة طويلة، حيث أدى ذلك إلى التوقف عن إصدار رخص السوق ودفاتر المركبات وسواهما، ما انعكس ضرراً بالغاً على مصالح المواطنين وحرم خزينة الدولة من مبالغ طائلة. مع الإشارة إلى ان هذا الأمر يشكّل جرماً جزائياً أوصى ديوان المحاسبة بضرورة قيام الإدارة بالمطالبة بالتعويض عنه كما أوصىى بملاحقة الشركة جزائياً جراء قيامها بهذا التعطيل للمرفق العام.
• تمنّع الشركة الملتزمة عن القيام بتسليم الإدارة «هيئة إدارة السير» البرنامج والنظام المعلوماتي والداتا المتعلقة به ومفاتيح الدخول إليه. بالرغم من الطلبات المتكرّرة، حيث أصرّت الشركة الملتزمة على أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا بعد إنتهاء مدة العقد.
• ألزم العقد الشركة الملتزمة تدريب عدد من الموظفين في الهيئة (100 موظف) الأمر الذي يستدعي التأكّد من إلتزام الملتزم بتنفيذ هذا الشرط. كما ألزم العقد الشركة الملتزمة بتجهيز مراكز هيئة ادارة السير مما يقتضي التأكّد من استكمال هذه التجهيزات وتحديدها وتحديد نوعيتها ومدى مطابقتها للمواصفات. علماً أن رئيس مصلحة تسجيل السيارات الأستاذ أيمن عبد الغفور أكّد أمام ديوان المحاسبة بأن هذه التجهيزات قد تمّ إنجازها من الملتزم.