شبهات متتالية في ملف تلزيم خدمة الـ A2P وشركتا الخليوي تكبدتا خسائر طائلة

أورث وزير الاتصالات السابق جوني القرم خلفه الوزير شارل الحاج ملفات عالقة في ديوان المحاسبة، تضع الوزارة أمام مسؤولية معالجتها تحت طائلة المساءلة المالية. أول هذه الملفات الذي وجهت الغرفة الثانية في الديوان برئاسة القاضي عبد الرضى ناصر مذكرة في شأنه في السادس من شهر آذار الجاري إلى الوزارة، يتعلق بتلزيم خدمة الرسائل النصية المرسلة عبر التطبيقات إلى مستخدمي شبكتي ألفا وتاتش.

لزّمت “تاتش” الخدمة المعروفة بـ application to person أو A2P إلى شركة INMOBILES ، وهي شركة “غير مؤهلة” وفقاً لديوان المحاسبة. وقد تسبّبت الشركة المذكورة بخسارة لـ”تاتش” بلغت حتى الآن ثلاثة ملايين يورو. ليتبين للديوان أيضاً أن شركة VOX SOLUTIONS التي التزمت تقديم خدمة الـ A2P مع ألفا، لم تسدد الدفعة الأولى من الإيرادات المستحقة لـ”ألفا” بذمتها وهذا ما اعتبره الديوان “تسيباً وتقهقراً” وبالتالي دعا الوزارة إلى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاستيفاء إيراداتها، تحت طائلة ملاحقة المعنيين.

يبدو الحديث عن تسيّب وتقهقر مستغرباً في تلزيم الـ A2P. خصوصاً أنها وفقاً لرأي خبير في القطاع من أسهل التلزيمات التي تضمن حقوق شركات الخليوي. فلا استثمارات مطلوبة من شركتي الخليوي، ولكنهما لتسمحا للتطبيقات بإرسال رسائل إلى زبائنهما، ستتقاضيان رسماً عن كل SMS أو verification code يرسل إلى زبائنهما، تماما مثلما هو مطبق عالمياً، وهذه الرسوم تستوفى عبر شركة تلتزم الخدمة وتكون الوسيط بين شركات الخليوي والتطبيقات العالمية.

تحجب الشركتان الوسيطتان هذه الموارد حتى الآن عن شركتي الخليوي، في محاولة للانقلاب على القرارات والعقود الموقّعة معهما. وبعد الشبهات التي لفّت صفقة تاتش مع INMOBILES، والتي جعلت ديوان المحاسبة يتدخل لجهة المطالبة بإطلاق مزايدة جديدة للخدمة، على أن يترافق ذلك مع تعديل للعقد معها وإلزام Inmobiles بها إلى حين فسخ عقدها بعد تلزيم الخدمة مجدداً، تبين أيضاً انقلاب شركة VOX SOLUTIONS على عرضها الذي ضرب به المثل في البداية واعتمد كمعيار لتسعير الـ sms بـ 10.5 سنتات من اليورو، في ألفا وتاتش معاً.

فبعد أن وضعت VOX العقد مع ألفا في جيبها راحت تناور لتخفيض قيمة المبلغ المالي الذي التزمت به، من 4.9 ملايين يورو سنوياً إلى 2.3 مليون يورو، ويمكن زيادته إلى 4.5 ملايين وفقا لما جاء في كتاب وجهته إلى ألفا، علماً أنها لو قدمت هذا العرض منذ البداية، لذهبت الصفقة إلى صاحب العرض الثاني المقدم من بعدها، والذي قدم سعراً بـ 11 سنتاً من اليورو إنما لـ 42 مليون رسالة سنوياً بدلاً من 46.6 مليون رسالة التي التزمت بها VOX بسعر 10.5 سنتات من اليورو عن كل رسالة.

تأخرت VOX نحو عشرة أشهر من 18تشرين 2023 إلى 27 أيلول 2024 بتنفيذ عقدها، ومن ثم ربطت التنفيذ بإعادة النظر بحجم التزامها السنوي، مطالبة بتخفيض المبلغ الذي التزمت به ومن دون ذكر عدد الرسائل النصية المنوي تنفيذها والسعر الإفرادي لهذه الرسائل. وقد استندت في هذا الطلب إلى مواد في ملحق العقد، اعتبر الديوان أنها تخالف في الأساس المبادئ والمعايير الواجب مراعاتها في العقود الإدارية، إذ يعود للإدارة وحدها حق تعديل العقد، فضلاً عن أن التعديل غير متاح قبل المباشرة بالتنفيذ.

ومن هنا استنتج الديوان أن تكون فوكس قد ضخّمت السعر وعدد الرسائل في عرضها خلال المزايدة، بهدف الفوز بها والقضاء على العارضين الآخرين. ومن ثم عملت على الالتفاف على النتيجة من خلال وضع بنود داخل العقد تسمح لها بتعديل عرضها، والعودة به إلى الحجم المحدد من الإدارة كمنطلق للمزايدة أي 30 مليون رسالة. وهذا ما اعتبر الديوان أنه يضر بمصالح الخزينة والمواطنين والعارضين الآخرين.

هذه الحقائق كشفتها مذكرة الديوان التي أجابت على طلب وزير الاتصالات السابق جوني القرم إبداء الرأي بالخيارات المتاحة والمقترحة من قبل شركتي ألفا وتاتش، مع أن الديوان وفقاً لما جاء في مذكرته ليس المرجعية المناسبة لإبداء هذا الرأي. وقد استغرب الديوان أن يلجأ القرم إلى استشارته بعد سنة على صدور تقريره المتعلق حول صفقة INMOBILES مع تاتش، مقابل مماطلته لأكثر من سنة في إطلاق مزايدة جديدة للخدمة ومن ثم إلغاء نتائجها، محملاً الإدارة مسؤولية إفشال المزايدة لكونها وضعت شروطاً مالية من ضمن شروطها القاتلة.

مصدرنداء الوطن - لوسي بارسخيان
المادة السابقةعلامات عالميّة للمرة الأولى في لبنان
المقالة القادمةأبعاد رسوم ترمب الاقتصادية… ما بين حماية الصناعة المحلية وأداة ضغط للتوازن التجاري